Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

“دي ميستورا” يُمهد لتقديم استقالته بمقترح تقسيم الصحراء الغربية … و القيادة الصحراوية تتمنّع بلطف عن قبول المقترح

بـقـلـم:بن بطوش

         القاعدة تقول أن الدنيا دوائر؛ فيها مرتفعات و فيها منزلقات، و الظاهر أننا شعب نعيش المنزلق منها منذ زمن، و أن قدرنا لا مرتفع فيه، لأننا نحس بأن حلمنا بالوطن المستقل يهوي عميقا حتى أصبحنا دون مستوى سقف المشروع  الوطني الأول، و لكثرة ما نقاشنا و حلّلنا على هذا الموقع الحر و ذكّرنا و نبّهنا و قدّمنا الأوراق الاستشارية و الفتاوى الثورية و  النضالية و الدبلوماسية و السياسية…، أصبحنا نشعر أننا نأكل من الصحن الخطأ مع الأشخاص الخطأ، ذلك أن “الهنتاتة” و زبانية البيت الأصفر و ما تبقى من دهاقنة الرابوني و كهنة دبلوماسي العشاء الأخير و أشباه لص المليون دولار…، لم يعد أحد منهم يبحث عن نصر حقيقي…، إن لم نقل أنهم فوّتوا القضية كاملة لقصر المرادية، و لم يعد أحد يجرؤ منهم على الاقتراب من ملفها أو السؤال عن مستقبلها، و أن النظام الجزائري أصبح الآمر الناهي، و الدليل، تلك العبارة التي دسّها الأمين العام الأممي في تقريره كالسم الزعاف، و أكدت أن العالم ورط الجزائر بشكل مباشر  في النزاع حين قال بأن “من رأي مبعوثي الشخصي (دي ميستورا) أن الجزائر و جبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة أو التفاوض حول تقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع على الصحراء الغربية”.

         فتقديم اسم الجزائر على إسم  تنظيمنا السياسي (جبهة البوليساريو) و تفادي استخدام مصطلح الدولة الصحراوية في التقرير الأممي، يؤكد أن العالم اقتنع بأن الطرف الأول و الأخير في الصراع مع الرباط هو الحليف الجزائري، و المصيبة أن الإعلامين في المخيمات و الجزائر يروّجان للعبارة على أنها نصر عظيم… !!، من منطلق أن  الحديث عن التقسيم من طرف الأمم المتحدة  سيخفض أسهم المقترح المغربي للحكم الذاتي و سيجعل المنتظم الدولي ينقسم بين الاقتراحين، فيما أصدر البيت الأصفر المقهور  بالرابوني بيانا يخبر فيه أنه يرفض مبدئيا هذا الحل، و ترك هامشا لنفسه للتراجع عن الرفض في حال ما تنازلت الرباط  و أعطت إشارات بإمكانية النقاش حول هذا الاقتراح الجديد_القديم.

         فقد   أبدت القيادة الصحراوية نوعا من الغموض في رفض المقترح و استخدمت عبارات رومانسية  و كأنها امرأة تتمنع و هي راغبة، فيما المحتل المغربي لم يناقش المقترح و خرج وزير خارجيته “ناصر بوريطة” ليصرح أن الرباط لا يعنيها مخطط التقسيم الذي سبق للمبعوث الأممي “جيمس بيكر” أن أشار إليه  قبل أكثر من عقدين باقتراح من الجزائر، و أن أبعد ما يمكن للرباط تقديمه هو مقترح الحكم الذاتي، و تساءل الوزير المغربي بكل مكر، عن الجهة التي دفعت “دي مستورا” إلى تضمين إحاطته بالإشارة إلى التقسيم، و لو على سبيل الذكر أو التفكير بصوت مرتفع، و كأن الرباط تتهم المبعوث الأممي بتلقي المقترح من الحليف الجزائري أو من جنوب إفريقيا التي قام بزيارة لها دون سابق إنذار،  و ذلك لتقديم هدية للشعب الصحراوي تكون هدية نهاية الخدمة، كما حصل مع الأمين العام الأممي “بان كي مون”، رغم أن “دي مستورا” يعلم بأن أي خروج عن النص سيدفع الرباط للضغط عبر حلفائها الكبار و أذرعها الضاغطة من أجل إقالته أو دفعه إلى تقديم استقالته، بمعنى أن “دي مستورا” تصرف عن وعي و هو يدرك جيدا بأن مقترحه  مجرد جملة اعتراضية في تقريره لا محل لها من الإعراب من طرفي النزاع.

         هذا الأمر الذي لا يمكن أن يعتبر اجتهادا أو استنتاجا صحفيا بقدر ما هو واقع متكرر و نمطي، لعلم “دي ميستورا” أنه من الصعب حاليا الضغط على النظام المخزني  الذي لا يستسلم للمقترحات و متشبث برأيه…. نظام يجيد الحسابات و لا يترك مكان للصدف، بمعنى أنه يعلم بأن الرباط لا يمكنها أن تقبل خيار التقسيم لأرض تسيطر عليها  و تتحكم في خيراتها و أنه من المستحيل إقناعها بالانسحاب من جزء منها ما دام الوضع العسكري لصالحها، و يعلم أن الحليف الجزائري و القيادة الصحراوية سبق لهما أن خاضا حربا مباشرة ضد الجيش المغربي قبل وقف إطلاق النار سنة 1991، حين كان تسليح الرباط ضعيفا بسبب العقوبات التي فرضت عليه بعد حرب الرمال….، أما اليوم فالأمر أكثر تعقيدا، فلا يمكن للقيادة الصحراوية حتى و إن دعمتها الجزائر بكل ترسانتها العسكرية  أن تحقق  نصرا عسكريا، عطفا على رأي الخبراء العسكريين، لأن التسليح الذي تتوفر عليه الرباط متطور جدا و حقق الحسم في الحروب الحديثة، و الأسواق التي تمدها بالسلاح لا تبخل عليها.. ناهيك على أن آخر الآخبار تقول بأن  المغرب أصبح ينتج 1000 طائرة درون سنويا، و أيضا عطفا على حجم  الحلفاء الذين يتوفر عليهم كل طرف.

         فالمحتل  المغرب الذي يوشك أن يعبر بالأنبوب النيجيري من الصحراء الغربية و بدأ في تشييد أكبر ميناء إفريقي على الضفاف الأطلسية في مدينة الداخلة المحتلة، و حاز على الاعترافات الدولية بدءا من واشنطن و وصولا إلى باريس…، لا يمكنه أن يقبل بتقاسم تلك الأرض، لهذا يبدو مقترح المبعوث الأممي مجرد ضربة سيف في الماء، و الحليف  الجزائري هو الوحيد الذي يترافع لتحقيقه و يدافع عليه، و الدليل أن كبير الجيش الجزائري كان في زيارة إلى نواكشط و كان ضمن أجندته عدة محاور عسكرية و مدنية، أبرزها محاولة إقناع ” محمد ولد الشيخ الغزواني” للانضمام إلى مبادرة المغرب العربي الجديدة بدون الرباط، و دفع موريتانيا للانسحاب من المبادرة الأطلسية، و تحذيرها من فتح ترابها أمام دول الساحل التي تنوي الوصول إلى الأطلسي حيث الميناء الذي تشيده الرباط.

      و من ضمن المحاور التي تسربت للإعلام بخصوص اللقاء الذي جمع بين “شنقريحة” و “ولد الغزواني”، هي طلب الجزائر بشكل رسمي من نواكشط منحها ميناء على الأطلسي لإنشاء قاعدة بحرية عسكرية أطلسية، و هو المقترح الذي ترى فيه موريتانيا مقدمة المشاكل لبلادها؛ لأن باريس و أبو ظبي و الرباط يعارضون وصول الجزائر إلى الأطلسي، و سيضيقون الخناق على نواكشط في حالة تحقيقها رغبة “سعيد شنقريحة” الذي وضع بين يدي نواكشط مغريات كبيرة و كثيرة.

         لهذا يبدو المقترح الذي يريد “دي ميستورا” إحيائه غبيا جدا ، لكن حين نتدرج في التفاصيل و نتعمق في الفتوى و نتطلع إليها من الجانب الشخصي للمبعوث الأممي، يتضح لنا أن الرجل داهية عصره، فهو توصل بالتقرير الصحفي الإيطالي الذي يتم تداوله على منصات التواصل، و الذي يقول بأن القضاة في أوربا تحصلوا على ما مجموعه 30 مليون أورو كرشاوى من الجزائر، مقابل إصدارهم للحكم بعدم جواز اتفاقيتي الصيد البحري و الفلاحة بين الرباط و الاتحاد الأوروبي، و اللتان تشملان منتجات و ثروات الصحراء الغربية، و “دي ميستورا “درس الأمر من جوانبه و يعلم أن مجرد مقترح أو  فكرة حل لن يؤثر في سيطرة الرباط على الصحراء الغربية و لن يغير الوضع القائم، لكنه سيمنح  النظام الجزائري و القيادة الصحراوية متنفسا شعبيا، و ورقة استمرار في الملف الذي يسعى المحتل المغربي إلى حسمه في أقرب وقت.

         لهذا فالرجل كان بغاية الدهاء رغم استخدامه ورقة غبية، و فضل الحصول على تقاعد مريح لسنواته المقبلة، خصوصا و أن وضعه الصحي لا يسمح له بمواصلة جولاته المكوكية، و الاستقالة ستكون تحت ذريعة العجز عن التقدم في الملف أو لظروف صحية قاهرة…، و بهذا يكون كل طرف قد حقق ما يريده؛ فالرباط تسيطر على الصحراء الغربية و تمتلكها و تحوز اعترافات الدول، و الجزائر ستحصل على ورقة ستمكنها من مواصلة مسلسل الحروب الدبلوماسية داخل المؤسسات الدولية بقبعة الشعب الصحراوي، و القيادة الصحراوية العاجزة ستحصل على نصر وهمي سيدعم بقائها على رقاب اللاجئين الصحراويين المستضعفين لسنوات أخرى، و المناضلون الاسترزاقيون بالأرض المحتلة سيجدون في هذا المقترح ذريعة لإقناع البسطاء من هذا الشعب بأن القضية الوطنية تواصل الانتصارات و بأن الاستقلال  بات في مرمى حجر.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد