الرباط تتراجع عن قرار نزع ملكية عقارات تابعة للسفارة الجزائرية و قصرالمرادية يعتبر الخطوة انتصار معنوي… !!؟
بـقـلـم :بن بطوش
قبل أسابيع قليلة من الآن كانت الفنانة السورية “أصالة نصري” قد أعلنت أنها ستُحيي حفلا في الدوحة، بتاريخ 20 مارس 2024، و بعد ساعات من إعلانها الخبر خرج مدير أعمالها ليصحّح هذا التصريح بالقول أنه سيكون حفلا مصغرا في المركب السياحي البحري KATARA BEACH ARENA الذي يقع بالمدينة الثقافية للدوحة، و أنه سيكون مغلقا أمام وسائل الإعلام و المنصات، حينها اجتهد مُتصيِّدو الأخبار و قنّاصو التسريبات و أصحاب الحسابات الفضولية على مواقع التواصل، و أجمعوا أن الفنانة السورية ستحيي حفلا يخصُّ الأسرة الحاكمة في قطر، و احتراما لمشاعر الغزّاويين و الحرب التي تستهدفهم، فإن المنظمين القطريين للحفل قرّروا عدم إذاعة الحفل و اشترطوا على المدعوّين عدم حمل هواتفهم الخاصة و تجنّب نقل أخبار و صور و مشاهد الحفل إلى منصات التواصل الاجتماعي، لكن صحفيين من داخل قناة “الجزيرة” قالوا بأن منع بث هذا الحفل لا علاقة له باحترام مشاعر الفلسطينيين، بل لأن الحفل سيعرف حضورا مهما لقيادات حركة “حماس” و جميع أفراد أسرهم، و أن الحدث – الحفل يخصُّ هذه القيادات و يعنيهم و غير مرتبط بحكام قطر و أميراتها… !!؟
مرّ الخبر دون أن يُخلِّف زوبعة إعلامية، إلى أن نشرت الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم 18 مارس 2024، خبر زواج قائد حركة “حماس”، “إسماعيل هنية” (62 سنة)، للمرة الثالثة بامرأة تدعى “كلاك خانجي”؛ و هي سيدة تركية تنشط في عالم الموضة…. و الغريب أن عقد القِران تم في تركيا التي ترفض و تحارب و تجرم تعدد الزيجات، و قيل بأن من أشرف على إبرام عقد النكاح هو الداعية المصري “وجدي غنيم”، أحد قيادات “الإخوان المسلمين”، الهارب من مصر و الذي يعيش متنقلا بين تركيا و قطر…
الأسئلة التي شغلت الجميع هي نفسها التي حيّرتني، إذ كيف لـ ” إسماعيل هنية” أن تطاوعه نفسه ليعيش دور العريس و أن يقيم حفلا باذخا لزفافه؟ !!!، في ظرفية حزينة للفلسطينيين و لعشرات الشهداء كل يوم، بعدما ورط، رفقة “يحيا السنوار”، أهل غزة في حمّام دم و في معركة غير عادلة مع الكيان الغاصب الذي يرتكب الفظاعات في حق الأبرياء دون أن يرف لسياسييه جفن… كيف تجرأ على هذا و هو الذي جعل الأسر الغزاويين يفطرون رمضان دون أحبابهم، و العالم يتداول مشاهد موائدهم المنصوبة على ركام المنازل…، كيف يستطيب لهذا “الرج”ل فرحة الزواج و هو المسؤول الأول و الأخير عن ما حل بغزة من دمار و إبادة و تجويع و حصار حتى الموت…؟؟؟، و هل قراره بالزواج محاولة ليقول للعالم بأنه رجل قوي معنويا و ما يحصل في غزة لم يكسره؟؟؟ أم أن الرجل يعاني من خلل نفسي و عقلي…؟؟؟، صدقوني لم أجد تفسيرا لهذه الحالة في تاريخ البشرية… !!
تزيد صعوبات الفهم عندي مثل الجميع، و أنا أقرأ تفاصيل تصريحات الناطق الرسمي باسم حماس “سامي حمدان عواد”، و التي أطلقها من الجزائر، حيث قال “أن حماس ليست في موقع ضعف حتى تقبل بأي اتفاق… !!؟”، لم أفهم مقاييس الرجل عن الضعف، و لم أفهم كذلك كيف تُقيِّم “حماس” خسائر الغزّاويين الذين تركتهم فريسة للجيش الإسرائيلي كي يتأثر منهم بقتلهم و بتدمير منازلهم…، لذلك اعتقد بأن مفهوم النصر عند “حماس” مشوه و يُشبه إلى حد كبير مفهوم النصر عند قيادتنا في الرابوني و هو نسخة عن مفهوم النصر في قصر المرادية،… هذا النصر المقيت الذي ما هو إلا هزائم تخضع للتجميل الإعلامي؛ ذلك أن النظام الجزائري الذي أصبح مرجعا لهذا النوع من الانتصارات، و منذ أن كشفت مصادر مقربة من الخارجية المغربية عن تراجع الرباط عن التصعيد في ملف نزع ملكية العقارات، و إعلام الجزائر الرسمي منتشي بهذا النصر المعنوي، الذي جعلنا على هذه المنصة نشعر لساعات بالغرور لأننا صدقناه في البداية، و بأنه حدث فعلا (كما روجت الحسابات الرسمية للجيش الجزائري)، و بأن البيان الذي أصدرته الخارجية الجزائرية أفزع الرباط، و جعلها تتقهقر إلى الوراء و تتراجع عن مشروعها لتعديل مقر وزارة الخارجية على حساب عقارات كانت في ملكية الدولة الجزائرية.
لم تمر سوى 48 ساعة، و بدأت الصورة الكاملة تتضح و تظهر الأسرار التي أساءت إلى النصر الجزائري و حوّلته إلى فخ ورط قصر المرادية أمام العالم و أظهره كنظام “بلطجي” يمارس “الصعلكة” السيياسية في شمال إفريقيا، و كشف أن الرباط نجحت في تقريب الطعم من فم النظام الجزائري الذي ابتلعه دون تردد…، إذ قبل أسابيع كان الإعلام المغربي قد روّج كثيرا لتقرير بريطاني عن الظرفية، يتحدث عن نية حكام الجزائر تأجيل الانتخابات الرئاسية، و أن السبب يعود إلى صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري، و عدم وجود توافق بشأن الرئيس الحالي “عبد المجيد تبون”،…. و المصيبة أنه لا يوجد مرشح آخر يستجيب لشروط الجيش الجزائري… التقرير البريطاني حذر الرباط من إمكانية افتعال الجيش الجزائري لأحداث عسكرية معها لتبرير التأجيل.
و رغم أن الإعلام المغربي كباقي الإعلام العربي روّج للتقرير، و اعتبره تحذيرا جادا وجب الأخذ به، لكن النظام المخزني كان في حاجة إلى إثبات الأمر و كشف عدوانية قصر المرادية (حسب الرواية المغربية)، و كان يريد استغلال حالة الفوضى داخل النظام الجزائري كي يكشف للعالم أنه نظام مارق، خصوصا بعد فتحه مقرا لـ “حركة الريف” الانفصالية،… و حسب المعطيات المتوفرة فإنه بعد إقدام السلطات الجزائرية على الترخيص للريفيين الجمهوريين، رفع أعضاء “حركة لقبايل” وثيرة أنشطتهم و قلنا في مقالنا السابق أن الجزائر تحصلت على وعد من فرنسا العميقة بأن حكومة المنفى لقبايلية ستتعرض للتضييق في حالة قبول الجزائر بمخطط فرنسا لتصفية ملف الصحراء الغربية، و حتى تتجنب حركة الـ MAK تلك المضايقات الفرنسية، فقد سربت أنها ستعلن بتاريخ 20 أبريل 2024 عن قيام “الدولة لقبايلية” من واشنطن و ليس من باريس، و بالتالي ستكون الجزائر أمام وضع شديد التعقيد، و هذا الإعلان تزامن مع تغيير واشنطن للسفير الأمريكي بالجزائر و تعيين “جو شوا هاريس” المقرب من تل أبيب و أبو ظبي.
ردة الفعل الجزائرية على نزع الملكيات لعقارات دبلوماسية، ليس لأن الجزائر ترى في تلك العقارات ثروة قومية كلفت خزينة البلاد مبالغ كبيرة، بل على العكس فتلك العقارات كانت هبة من ملك المغرب الراحل “محمد الخامس” لحكومة “فرحات عباس”، و جلُّها مباني غير مأهولة منذ وصول “تبون” إلى السلطة، و الرباط كانت في وضع تفاوضي متقدم مع قنصل الجزائر و كانت قاب قوسين من التوصل إلى قيمة مالية تسمح بنزع ملكيات المقرات الثلاثة موضوع الخلاف، لكن تسريب خبر قرب إعلان حركة الـ MAK إقامة دولة و ترحيب واشنطن بالفكرة…، أفزع النظام الجزائري الذي يبحث حاليا على قضية سحرية تعيد الإجماع الداخلي إلى وضعه الطبيعي، و تحقق شروط تأجيل الانتخابات الرئاسية، و البيان الذي أصدرته الخارجية الجزائرية في ملف نزع عقاراتها بالرباط ، هو – في الحقيقة- بيان عسكري و ليس دبلوماسي، و يظهر كمية الغضب الجزائري و رغبة قصر المرادية في توريط المنطقة بحرب لا تبقي و لا تذر.
الرباط المنشغلة بإطلاق حملة استقطاب المستثمرين لكأس العالم 2030، رفضت مسايرة الجزائر في التصعيد، و قررت استدراج الجزائر إلى دائرة الأضواء، و الاكتفاء بإظهار قصر المرادية في ثوب الثور الهائج، حتى أصبح البيان الجزائري حديث الصحافة العالمية، لدرجة أنه خضع للنقاش في بلاطوهات القنوات الإخبارية، و علّق عليه مؤرخ فرنسي من أصول جزائرية على وسائل الإعلام الفرنسية حيث قال بأن الجزائر لا تمتلك حق المطالبة بتلك العقارات، لأن جميع المِلكيات الدبلوماسية الجزائرية – إلى حدود تسعينيات القرن الماضي- كانت لا تزال تحت تصرف الدولة الفرنسية، و تستغلها الجزائر بوجب الاتفاقيات الموّقعة، و أن المفاوضات التي كان يُجريها قنصل الجزائر في الدار البيضاء، – حسب الوثائق التي سرّبتها الرباط – من أجل تقييم العقارات و الحصول على تعويضات مالية، هو خرق للاتفاق الذي بموجبه تحصّلت الجزائر على استقلالها، و أن تلك المفاوضات يجب أن تشترك فيها فرنسا لأنها هي من تمتلك أرشيف الوثائق الذي يُثبت المِلكيات العقارية الجزائرية و الفرنسية و المغربية التي يتصرف فيها قصر المرادية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة