Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الانفلات الأمني بمخيم الداخلة يكرس العقلية القبلية و غياب مفهوم الدولة و مؤسساتها … !!

بـقـلـم : بن بطوش

      لعله عصر المتناقضات و عصر الكذب المطلق، ذلك أن وثائق “ويكيليكس” سربت رسالة أمريكية كان فرع مكتب الذكاء الأمريكي CIA بجنيف السويسرية، و الذي هو أقوى جهاز مخابرات في العالم، قد بعث بها إلى البيت الأبيض، يخبره فيها بأن السفير الجزائري  بسويسرا،”إدريس الجزائري”، قد صرح أمام دبلوماسيين غربيين (فرنسيين و بريطانيين و إسبان) كونه سيكون سعيد بوضع نفسه تحت تصرف الإسرائيليين، و هي الوثيقة التي تعاملت معها قناة “الجزيرة” بالكثير من الدعاية، كي تروج لمتناقضات النظام في دولة “المليون ونصف شهيد”، أياما قليلة بعد بثها الحوار الصحفي الذي أجرته الصحفية الجزائرية، “خديجة بن قنة”، مع الرئيس الجزائري، و منحته مساحة للتعبير عن هواجس النظام و فتح أمامه متسعا لبث برقيات التودد للأنظمة الغربية المسيحية و العلمانية، و تكريس العداء  المزمن مع الجار الغربي المسلم.

      هذا التسريب رغم قيمته الصحفية التي توفر مادة إعلامية لخصوم قصر المرادية، تكفي لجلد النظام الجزائري و كشف تناقضاته، و رغم شدة هوله و وطأته على المشاعر القومية للشعب الفلسطيني، الذي ظل يؤمن  في كلام “تبون” و يثق في خطابات  السياسيين الجزائريين، الذين لا يتوقفون عن التذكير بأن “مكة الثوار” مع فلسطين ظالمة أو مظلومة…، إلا أن المثير و المفاجئ لم يكن التسريب نفسه و لا متناقضات النظام الجزائري…، لأننا على قناعة أنه سيأتي يوم و تشهر فيه الجزائر ورقة “المصلحة قبل القومجية” في وجه الفلسطينيين، مثلما أشهرتها في وجه الشعب الصحراوي يوم قال “شنقريحة” أن الجيش الجزائري هو للدفاع عن الجزائر و الجزائريين فقط، بل كانت الهزة الكبرى التي أوجعتنا كرأي عام هو ما خلفه و ما تسبب فيه الخبر من انقلاب في المبادئ عند الشعب الجزائري، الذي تقبل كلام السفير بصدر رحب و تحول فجأة إلى مدافع شرس على النظام و عن علاقاته السرية مع الدولة العبرية، حيث خرج مؤثرون جزائريون من داخل البلاد و خارجها، يصفقون للسفير الجزائري و يدعمون رغبته في أن يصبح تحت تصرف إدارة و أجهزة الكيان الإسرائيلي دون شرط أو قيد، و برروا ذلك الموقف المخزي بأن المصلحة في الظرفية الآنية تقتضي ذلك.

      و علق “بن سديرة” من بريطانيا أنه لن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين أنفسهم و أنه مستعد أن يزور تل أبيب من لحظته، فيما برر آخر هذا التسريب بأن العالم يعرف تحولا في كل دقيقة، و أن الجزائر جزء من هذا التحول و يجب تقبله…. هناك من سيتساءل من القراء الكرام، حول السبب الذي يجعلنا ننطلق في معالجة الشأن الصحراوي عبر البدء من الشأن الجزائري، و بالضبط من تسريب يخص دبلوماسي جزائري؟

      الجواب أيها الكريم يكمن في التفاصيل الدقيقة جدا، و في الخطاب المتلون للدبلوماسيين، بمعنى أن التسريب في هذا التوقيت غير بريء بالمرة، و لا يمكن فصله عما يحدث داخل المخيمات، و أنه فعلا هناك تحول جدري في هذا العالم يصب في مصلحة المحتل المغربي، و البديهيات تقول بأن كل من يتواجد في مخيمات تندوف، بدءا من القيادة المتوارية عن الأنظار مرورا عبر عناصر الدرك و قائدهم، و مستشاري الأخ القائد و الصحافة الصحراوية الصفراء و البيضاء و السوداء، و التجار و المتسولون و المعطوبون، الذين أخطأ الشيطان “يعني” أرواحهم، و العقلاء و المشردون و المهربون و الدجالون…، يعلمون بأن التطاول على امرأة صحراوية فيه مجازفة بالأمن القومي الصحراوي داخل المخيمات، لأنه لا يوجد صحراوي واحد سيقبل – مهما كان انتمائه القبلي- أن تهان حرمات النساء، و نحن شعب من ذوي الدماء الساخنة، قد نقبل العيش في أسوء الظروف و نصبر على شظف العيش، لكن أن تهان حرماتنا، فهذا “شيء إدّا”، و أن الذي اعتدى أو الذي أعطى تعليماته لمطاردة الهارب إلى داخل بيت أسرة “سالم ولد أحمد لحمير”، كانت غايته ثلاثة نقاط، لا رابع لها.

      أولها؛ إهانة هذه الأسرة و إذلالها انتقاما من أخ صاحب المنزل و هو “الحاج أحمد باريكالا”، و الذي يقود المعارضة الصحراوية بإسبانيا،  و يمثل –حسب الكثير من الآراء- الخط العقلاني لحل القضية، و يمشي بثبات بين أروقة المنظمات الدولة و التكتلات القارية من أجل أن تصبح حركته (صحراويون من أجل السلام) هي الممثل الشرعي للشعب الصحراوي…، و ثانيها؛ أن يذل قبيلة أولاد دليم و يؤكد مخرجات المؤتمر الأخير بعدما سيطرت قبيلة الرقيبات بالطول و العرض على المناصب القيادية و الفرعية و الكتابات، مما أدخلها في صدامات مع باقي القبائل و ممثليها و أعيانها و شيوخها، و ثالثها؛ و هي الأشد خطورة، هي المغامرة بإحداث الفوضى و خلق الاضطرابات و عدم الاستقرار، لدفع عدد من الصحراويين إلى النزوح بالإكراه، من أجل تخفيف الكثافة السكانية و امتصاص الضغط على القيادة التي لم تعد تستطيع تلبية حاجيات السكان الغذائية…

      و نحن نكتب هذه السطور تكون السلطات الموريتانية قد رحلت عدد من الصحراويين الذين استقروا في منطقة (لبريكة) بالقرب من الزويرات، و أعادتهم إلى المخيمات، بعدما راج حديث بين الصحراويين داخل موريتانيا عن خطط جزائرية– صحراوية، لتحريك أعداد كبيرة من الصحراويين و توطينهم بمنطقة (لبريكة) حتى يتم تخفيف الضغط على المخيمات، التي أصبحت تعاني من الندرة في المواد الغذائية و تزايد الاحتقان بين المخيمات  في أرض اللجوء بعد المؤتمر الأخير.

      و كلنا أيها القارئ الكريم يعلم بأن الانفلات الأمني أخطر من المجاعة بكثير، و أخطر من العطش، و أشد خطورة حتى من الحرب نفسها…، و القيادة حين أصدرت قرارها بمنع التجول ابتداءا الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فهي كانت تعد لأمر رهيب، و كانت تعلم أن خطتها ستتسبب في انفلات أمني خطير داخل المخيمات، و الآن – و كما سبق و قلنا- فإن  أصواتا  من داخل المخيمات منتمون  لقبائل غير الرقيبات، تتقدمهم قبيلة أولاد دليم التي لم تكن يوما ضعيفة أو من قلة، و هي التي أنجبت نخبة المجتمع الصحراوي…، تناشد القاصي و الداني من أجل فتح معبر للنفاذ إلى الصحراء الغربية و العيش تحت حكم الاحتلال المغربي، رغم أنهم إلى الأمس القريب كانوا منقسمين بين مؤيد لـ “الحاج أحمد باركالا” و معارض لحركته، إلى أن تهورت قيادتنا و وحدت مشاربهم و جمعت حقدهم عليها.

      ما بقي أمامنا غير الحديث عن الآثار القانونية و المترتبة عن هذا الاعتداء على المستوى الدولي، لأن هذه الحادثة ستكون نقطة تحول و منعطف حقوقي في قضيتنا، بعدما  كنا نعيب على المحتل  المغربي أنه لا يوقر و لا يحترم “المناضلات” الصحراويات، و كنا ندعم نضالهن رغم انتقادنا للطريقة و الأسلوب و المبدئ، و رغم علمنا بأنهن من يستفززن قوات الاحتلال و أنهن من يسعون للأذى و يبحثن عنه حتى يتاجرن بصور الكدمات على أطرافهن…، و اليوم نحن أمام وضع مشابه، المتهم فيه قيادتنا، و حان دورنا كي نتحمل جلد المنظمات الحقوقية، رغم أننا أثبتنا في حوادث سابقة أننا لا نمتلك صبر المحتل و لا نفسه، و شاهدنا كيف اهتز البيت الأصفر  قبل سنوات بمجرد ما وضعت ضحية ملف شكاية الاعتداء عليها، و هي تتهم قائدنا الأخ “إبراهيم غالي”باغتصابها و هتك عرضها، و تابعنا جميعا كيف ارتعدت فرائس الرجل بعد أن أصدرت المحكمة الإسبانية مذكرة في حقه بسبب تلك المرأة…، لكن المؤكد أنه ليست قيادتنا وحدها من لديها موعد مع السوط الحقوقي، فالجزائر أيضا ستتحمل جزءا من وزر و أوجاع ما حصل لقبيلة أولاد دليم و حرمتهم فوق ترابها.

 

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد