Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

نصر دبلوماسي جزائري داخل الاتحاد الإفريقي عكّر صفوه حصول صديق للرباط على رئاسة المفوضية الإفريقية

بـقـلـم : بن بطوش

       حين نشرت قناة “الجزيرة” مشهدا لوزير الخارجية الجزائري بطوله الفارع و هو ينحني ليقبل كتف دبلوماسي إفريقي مجهول، أحسست بالفزع؛ لأن “الجزيرة” لا تمرر المشاهد عبثا  و لا تنشر الصور لمجرد  ملأ المشهد السمعي البصري، بل هي تنتقي زوايا المشاهد بحرفية تامة و  تقصد ما تنشره و تعرف جيدا أن للصورة تأثير رهيب على الرأي العام و أن ما يترسّخ في عقل المشاهد من خلال صورة واحدة أهم من محاضرة حول الموضوع … ذلك أن “أحمد عطاف” حين انحنى و قد اشتعل رأسه شيبا ليطبع قبلة على كتف ذلك الدبلوماسي الإفريقي، كي يشكره على دعم المرشحة الجزائرية لنيل منصب نائب المفوضية، و تفويت الفرصة على الرباط لحصد الأخضر و اليابس داخل الإتحاد الملعون، أحسسنا جميعا أن من انحنى ليس الوزير “عطاف” بل الجزائر الدولة… ، و تساءلنا جميعا، لماذا كل هذا الإحساس بالامتنان و الرغبة في التذلل لدبلوماسي نكرة في دولة لا يعرفها “عطاف” و من حوله؟ و لماذا كل هذا الخضوع  و “الجزائر قوة ضاربة” على رأي ابن المجاهد “بوبغلة”… !!؟

      أزعجني مشهد الانحناء كثيرا و أضر بمشاعري؛ لأن كبرياء الجزائر  و تاريخها أكبر من سلوك الوزير “عطاف”، الذي مهما شرح لنا الأسباب فلن يبرر خضوعه بتلك الصورة… و في تعليق من مواطن جزائري على مواقع التواصل الاجتماعي، شرح المشهد بأن “عطاف” و الوفد الجزائري الذي كُلِّف بإقناع الدبلوماسيين الأفارقة بدعم المرشحة الجزائرية لمنصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية، تم تهديدهم من طرف الرئيس “عبد المجيد تبون” و مستشاره  الجنرال المتقاعد” عبد العزيز مجاهد” اللذان حذرا الوزير و من معه الخسارة و أن لا يعودوا إلى الجزائر في حال فشلهم في افتكاك المنصب، و أن جميع الوسائل مباحة لتحقيق هذا الهدف…

      و بعد حصول الجزائر على المنصب، قام “عطاف” بجولة على المصوتين الذين منحو مرشحة الجزائر أصواتهم، فمنهم من قبّل رأسه و منهم من قبّل كتفه و منهم من أهداه حقيبة كان يحملها مرافقوه، و منهم من وعده بتمويلات لمشاريع في بلده…. و في مثل هذه النوازل  يقول مثل أمريكي: “أن من أكل معك في نفس الصحن ليس بالضرورة صديقك، فقد يكون جائعا فقط”،… لهذا فمن صوتوا لمرشحة الجزائر ليسوا بالضرورة أصدقاء لها و ليسوا بالضرورة دبلوماسيون أقنعهم المشروع الجزائري، بل صوّتوا حبا في المنافع، و نحن لا تهمنا الأساليب لأن الحرب الدبلوماسية مثل الحرب العسكرية، عليك أن تنتصر فقط حتى و إن لجأت لخطط غير أخلاقية…

      ما يهمنا  كصحافة تتحرى الحقيقة هو تفاصيل ما جرى في أديسا بابا، منذ وصول الرئيس الجزائري و استقباله بشكل مُهين من طرف وزير النقل، إلى ظهور “عطاف” على قناة “الجزيرة القطرية ” و هو يقبل كتف رجل دبلوماسي نكرة، و الأكثر أهمية هو الجواب على السؤال المحوري: هل ستستطيع الجزائر عبر منصب نائبة المفوض الإفريقي أن تحقق، خصوصا بالنسبة لقضيتنا الصحراوية، ما عجزت عنه و هي تترأس مجلس الأمن… !!؟

      في البداية  دعونا نتفق أن ما حققه الحليف الجزائري داخل الاتحاد الإفريقي هو نصر كبير، بالقياس إلى النكسات المتتالية التي كانت تحصدها الدبلوماسية الجزائرية في السنوات الاخيرة و  لأنه حدث ضد خصم قوي و ضد آلة دبلوماسية تحصد الأخضر و اليابس، لهذا لن نبخس الحليف هذا النصر و لن نقول أنه بدون قيمة، بل له كل القيمة و تحقق في زمن دقيق و خاص بعدما فقدنا الأمل في قدرة الدبلوماسية الجزائرية على الصمود في وجه الرباط، لكن لنتفق أيضا أن المحتل المغربي تصرف بخبث كبير و تمكّن من وضع صديقه على رأس الإتحاد الإفريقي، و الكل يعلم أن وزير خارجية دولة دجيبوتي”محمود على يوسف”، الذي يترأس المفوضية الإفريقية اليوم، هو نفس الرجل الذي اتخذ قرار فتح  قنصلية لدولته بمدينة الداخلة المحتلة في فبراير من سنة 2020، أي أن دجيبوتي كانت من الدول الأولى التي بادرت بفتح تمثيلية دبلوماسية لها في الصحراء الغربية المحتلة، دون تردد.

      و بالعودة لمراجعة سيناريو الأحداث في أديسا بابا، فالرباط – قبل انتخابات منصب نائب رئيس المفوضية- تمكنت من قطع الطريق على الجزائر للحصول على عضوية “مجلس السلم و الأمن الإفريقي”، ليتأجل الحسم في الصراع على الكرسي لأسابيع أخرى، مع العلم أن الرباط هي من تترأس المجلس بعد أن خلفت الجزائر و منعتها من العودة للرئاسة بالنصاب، الشيء الذي جعل الرئيس الجزائري يستشعر الخطر و يتحرك رفقة وفد دبلوماسي كبير إلى أديسا بابا، لكن ابن المجاهد “بوبغلة” لم يجد التجاوب الدبلوماسي الكافي من أعلى هرم السلطة في إثيوبيا، و تم إهانته باستقباله من طرف وزير النقل و دون عزف النشيد الوطني لبلاده، الشيء الذي جعل “صالح قوجيل”، رئيس البرلمان الذي ينوب عن الرئيس في حال غيابه خارج البلاد، يبادر باستدعاء السفير الإثيوبي بالجزائر  للاحتجاج عليه بخصوص هذا الاستصغار للرئيس الجزائري، ليعود رئيس الوزراء الإثيوبي”أبي أحمد”. بعد يوم لتصحيح المشهد حيث قام  بإركاب الرئيس الجزائري  على متن سيارته الخاصة  و قادها بنفسه  للوصول غلى مقر الاتحاد الإفريقي.

      هذا اللقاء بين الزعيمين هو الذي حدد مصير منصب نائب المفوضية الإفريقية، و مكّن الجزائر من الظفر بـ 24 صوتا، فيما حصلت الرباط على 22 بسبب غياب  ستة من أصدقائها الممنوعين من التصويت، و تحصلت مرشحة مصر على صوتين، و الجميع يعرف طبيعة العلاقة بين القاهرة و أديسا باب بسبب حصص نهر النيل و سد النهضة، و بشكل مفاجئ تنسحب مصر من السباق الدبلوماسي و تمنح الصوتين للمرشحة الجزائرية لتحسم الانتخابات في الجولة السابعة  بـ 26 صوتا مقابل 22، و هذه النتيجة أنقذت عنق “عطاف”…. و تقول بعض المعطيات بأن الرباط خاضت المنافسة على منصب رئيس المفوضية  و هي تعرف مسبقا  بأنها لن تفوز به في غياب ستة دول  من حلفائها ممنوعة من التصويت، و أنها  خاضت الانتخابات في سبع جولات و حاولت فقط  مشاكسة الجزائر و استنزافها دبلوماسيا و ماليا، و أن بعض أصدقاء  الرباط نصحوها بعدم الجمع بين منصبي الرئيس و نائبه  حتى لا يتم الإخلال بالتوازنات داخل الاتحاد الإفريقي خصوصا و أن المدير الإداري للاتحاد هو من جنسية مغربية.

      لم تنتهي الأمور هنا، حيث اشتد الصراع على رئاسة الإتحاد الإفريقي قبل التصويت، و نشب قتال دبلوماسي شرس بين المرشح الكيني “رايلا أودينغا”، الذي يمثل التيار المؤيد لقضيتنا الصحراوية و المدعوم من طرف الجزائر و جنوب إفريقيا،  و مرشحان للمحتل المغربي، و هما الدجيبوتي “محمد علي يوسف” و الملغاشي “ريتشارد واندريا” (مدغشقر)، و إذ حاول الحليف رفقة جنوب إفريقيا جمع المستطاع من الأصوات للمرشح الكيني، لكن خطة الرباط و قوة المترشحين  الآخرين كانت حاسمة في السباق، فحدث ما كان متوقعا، و فاز  في النهاية الدجيبوتي  الذي ويمكن وصف فوزه بأنه فوز دبلوماسي للمحتل المغربي، الذي يلعب بدهاء داخل هياكل الإتحاد الإفريقي و يعمد إلى تنصيب رؤساء المؤسسات و التحكم بهم عبر تحالفات قوية، كما فعل في الإتحاد الإفريقي لرياضة كرة القدم، بواسطة رجله القوي “فوزي لقجع”، و الذي يرفض رئاسة الإتحاد الإفريقي و يتحكم في الرئيس بواسطة الأعضاء التنفيذيين.

      و كان من أول نتائج نجاح الدجيبوتي “محمد علي يوسف”  هو ما صرح به بأن “إفريقيا ستفعل المستحيل لحل قضيتينح أولهما ملف السودان، و ثانيهما الملف الفلسطيني”… رغم أن دولة فلسطين ليست عضوا في الإتحاد المقهور، و منح بمناسبة نجاحه الكلمة لرئيس السلطة الفلسطيني “محمود عباس”، الذي لم يفوت الفرصة للتعبير عن غضبه نحو الجزائر و عن عدم اعترافه بالدولة الصحراوية، و هو يقول و يكرر عبارة: “فلسطين آخر مستعمرة في العالم”… ليس إرضاءا فقط للرباط التي تدخلت لدى إسرائيل لتحرير أموال الفلسطينيين، و لكن ردا على عدم وفاء الجزائر بتعهداتها عندما أعلنت أنها ستمنح السلطة الفلسطينية 30 مليون دولار، كان قد وُعِدَ بها “أبو مازم” يوم الصلح في الجزائر مع الراحل ” إسماعيل هنية”، و بسببها قبل رئيس السلطة الفلسطينية أن يتواجد في المنصة الشرفية إلى جانب الرئيس الصحراوي “إبراهيم غالي”.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد