عتاب جزائري مستفز للصحراويين بعد النكسة، و النشطاء في المخيمات و المهجر يزدرون خطة قصر المرادية لمعاقبة باريس… !!
بـقـلـم :بن بطوش
في تعريفه للوطن و الوطنية، يقول المفكر الأخلاقي و الروائي الروسي الرائع “ليف تولستوي”، أن الوطن ليس فقط قطعة من الأرض و لا مجموعة من البشر…، الوطن هو المكان الذي تُحفظ فيه كرامة الإنسان… !!، هذا التعريف كنت دوما ما أعتبره غير كامل و منقوصا من العاطفة القومجية التي زرعت في مورثات الإنسان الصحراوي، إلى أن دخلت بحر هذا الأسبوع غرفة نقاش على منصة تواصل اجتماعي، كان المرجح أنها فضاء فكري لمثقفين صحراويين و جزائريين من النخبة، و كان موضوع النقاش هو متى ستطبق الجزائر عقوباتها الردعية و الانتقامية على باريس، و التي أعلنها قصر المرادية في ثلاثة محاور عبر الصحف الرسمية، فكان منحى النقاش يسيرلتفكيك أسباب فشل الحرب الصحراوية على المحتل منذ سنة 2020، و تشخيص الوضع القائم و تحديد حجم الضرر الذي أصاب القضية الصحراوية بعد الأحداث الأخيرة…
لكن و دون سابق إنذار فتح أحد المتدخلين هاتفه و هو يستعرض مقطعا للناشط الجزائري “سعيد بن سديرة”، يتحدث فيها بإسفاف و بكلام نابي، و هو يخير الصحراويين بين تحرير الصحراء الغربية أو الطرد من المخيمات، و يقول بتعجرف أنهم (النظام و الشعب الجزائريين) قدموا كل ما يستطيعون للدولة و الشعب الصحراويين و لكن لا يمكن القبول بهذا الوضع، و أنهم أنفقوا على المشروع الصحراوي نصف قرن من التضحيات و لم يتحصلوا على نتائج تذكر، و أنهم لن يقبلوا برعاية اللاجئين بشكل مسترسل بينما ينعم المحتل المغربي بالصحراء الغربية و خيراتها.
المقطع الذي عرضه المتدخل أثار استفزاز المشاركين الصحراويين الذين سمحوا لمثقفة صحراوية من ولاية العيون كي تنوب عنهم في الرد، فقالت أن الشعب الصحراوي الحالي ولد في تندوف و هو بقوة الانتماء ابن تندوف و المخيمات، و أن الصحراويين ليسوا لاجئين و لا أحد منهم يمتلك بطاقة لاجئ…، و أنهم أصحاب الأرض في المخيمات و الدليل على ذلك حسب الناشطة الصحراوية، أن الشعب الجزائري ممنوع من دخول تراب الدولة الصحراوية بالمخيمات، و أن الجنود الجزائريين لا يدخلونها إلا بتصاريح، و أن لهم حكومة و مؤسسات و رئيسا يتم استقباله بشكل رسمي في قصر المرادية… !!
النقاش تطور ليصل إلى تراشق بالكلام بين لفيف الجزائريين و المجروحين الصحراويين، إلى أن أصبح الجزائريين يلومون النظام على توريط بلادهم في قضية حولت الجزائر إلى دولة مارقة، فقال أحد الجزائريين الذي قدم نفسه كعاقل من تيار الحكماء، أن الجزائر اليوم و بسبب القضية الصحراوية و سياسة النظام العنيفة، تعيش عزلة حقيقية، فهي قد سحبت سفيرها من باريس و لم تعد مدريد تثق في سياسييها و تفضل عليهم السياسيين في الرباط، و النظام الأمريكي يرى قصر المرادية بأنه يفتقد الأهلية و التوازن النفسي، لدرجة أن الجيش الأمريكي أصدر قانونا يمنع تجنيد المقاتلين من أصول جزائرية…، و روسيا تشعر بالخيبة من النظام الجزائري و تعتبره نظاما خائنا، بعد أن سمح للأوكرانيين باستخدام أجوائه للتجسس على مقاتلي “الفاغنر”، و مساعدة “الأزواد” على قنص المرتزقة الروس بمساعدة الطيران الجزائري، و بالتالي منع المقاتلين الروس من العودة إلى الجبهة الأوكرانية، و في الشرق الجزائري المريشال “خليفة حفتر” تجاوز طرابلس و سيطر على حقل “غدامس” الذي كانت تمتلك فيه الجزائر أزيد من 70% عبر شركة سونطراك.
لم يتوقف إحصاء هذا الجزائري لخسائر نظامه في العلاقات الدولية عند هذا الحد، بل أخرج خارطة تظهر خط مسار قافلة تضم تعزيزات عسكرية، أرسلها الكونغرس الأمازيغي إلى شمال مالي لدعم “الأزواد”، و قبل خروج القافلة التي مرت عبر الجنوب الجزائري، كشف المتدخل دليلا بأن الكونغرس الأمزيغي هدد النظام الجزائري، و قال أن القافلة إذا ما تعرضت لأي مضايقات أو قصف مجهول فسيتم إغراق الجزائر في العنف، فمرت عبر تراب الصحراء الجزائرية بهدوء إلى أن وصلت إلى غايتها، و أضاف المتدخل الجزائري أن السماح للقافلة بالمرور تحت التهديد، جعل البيت الأبيض يصف النظام الجزائري بالعاجز.
السجال الكلامي على المنصة إشتد كثيرا بين الطرفين، و رغم كل محاولات التهدئة التي حاولتها لم أنجح في إعادة النقاش إلى جادة العقلانية كما كان دائما، فتدخل أحد الغاضبين من الطرف الصحراوي و الذي قيل أنه قيادي بأحد النواحي العسكرية، و رفضوا الإفصاح عن إسمه، و الذي أخرج جريدة الشروق و قال أريد شرحا لهذا الشيء الذي كتب هنا… !!، كيف أن الحليف الجزائري سيعاقب فرنسا بتمرير ورقة تجريم الإستعمار، و النظام الجزائري متمسك بمبدئ الحدود الموروثة عن الإستعمار… !!؟، كيف يعقل أن تقبل بهبات المستعمر و أنت تكرهه… !!؟، ثم استرسل في التساؤل عن ما كتب في الجريدة التي تعتبر لسان الحكومة و الدولة العميقة في الجزائر، و قال هذا المحور الثاني الذي يقول فيه الصحفي، بأن الجزائري ستراجع أثمنة بيع الغاز لفرنسا يؤكد أن قصر المرادية يضخ الغاز المسال مجانا، و أن السبب ليست القضية الصحراوية، بل ثمة أمور أخرى لا يعرفها غير الذين حضروا اتفاق إيفيان، و ختم مداخلته بالقول أن ما كتبه الصحفي عن تحريك ملف التعويضات عن التجارب النووية (اليرابيع الزرقاء)، مجرد فقاعة هواء جوفاء، لأن التجارب حدثت في الصحراء الشرقية و في حال أرادت الجزائر تجريم تلك التجارب التي سمح بها بومدين و رفضها ملك المغرب آنذاك “محمد الخامس”، فسوف يفتح الفرنسيين أرشيفهم و تنقل بذلك باريس الصراع من الصحراء الغربية إلى قلب الجزائر، و ستسعى إلى تحريك الحدود الموروثة على الاستعماربخلق أزمة حدودية جديدة و تدويلها ثم إدخالها إلى اللجان الأممية و مجلس الأمن.
كل ذلك الجدال الغوغائي على منصة تواصل إجتماعي مفتوحة، كان القياس أنها للنقاش العقلاني بين نخب الشعبين، لكن إنحراف الجدال فيها كشفت مدى السخط الجزائري على فشل ملف الصحراء الغربية في إضعاف الرباط، و أظهر مدى إحباط النظام و الشعب الجزائري من انتصارات المخزن المغربي، الذي عرف كيف يوظف هذا الخلاف لصالحه، لكن الذي تيقن منه متتبعي النقاش هو ظهور جيل من الصحراويين الذين يرفضون حتى فكرة العودة إلى الصحراء الغربية أو القتال لتحريرها، و يعتبرون أنفسهم ورثة المخيمات، و يرون أنه من الممكن إقامة دولة بديلة للصحراويين بعيدا عن الصحراء الغربية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك