Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

بعد إعلان دول الطوق الجزائري رسميا الانتساب إلى المبادرة الأطلسية التي تقودها دولة الاحتلال، قصر المرادية يؤكد أن حلول “تبون” إنتهت و الأمر متروك لقائد الجيش “شنقريحة”

بـقـلـم:بن بطوش

         الإساءة إلى سمعة الإنسان أسوء من قتله، لأن الذي يُقتلُ يُنقل إلى المقبرة حيث يجد راحته، لكن الإنسان الذي يُجنى عليه بالإساءة إلى سمعته ينبغي عليه أن يضل حيا، بينما لا يمكنه العيش… !!، هذا الوصف الذي استخدمته “ميليسا” في إحدى رسائلها إلى الروائي الجميل “كافكا”،  هو أقوى ما أمكنني العثور عليه في مذكرة ملاحظاتي لتشخيص ما تسعى الرباط إلى تحقيقه، من خلال تصنيف تنظيمنا السياسي “البوليساريو” كجماعة إرهابية، تخيل معي أيها القارء الصحراوي الكريم و المهان، أن تستيقظ ذات صباح لتجد نفسك تنتمي إلى كيان مصنف على قوائم الإرهاب، و أن تتحول فجأة إلى إنسان يمثل خطرا مستطيرا على الحضارة و المتحضرين… !!

         بحتي عن توصيف يمكنه أن يجعل غربان البيت الأصفر من “الهنتاتة” يفهمون معنى التصنيف على قوائم الإرهاب، هو نابع من إيماني الذي أورطكم دوما في عقيدته، بأن المحتل المغربي أمهر من يخطط في شمال إفريقيا، و أبرع من يتوقع بين دول البحر الأبيض المتوسط، و أعزز رأيي بما قاله الخبراء الإسبان يوم نبهو الحكومة في مدريد إلى خطورة التخطيط الصامت و البعيد المدى للرباط، و ما جاء في تقارير الأجهزة السرية الألمانية التي رفعت للمستشارة “ميركل”، حين حذرو من صعود قوة تساوي أو تتفوق على تركيا في القطب الغربي – الشمالي لإفريقيا…، و أزيد من رفع درجات اليقظة و الدعوة إلى تدارك ما يمكن، بالقول أن الحليف حين قرر قطع الغاز على الرباط و هو في ذلك قطع أحد الشرايين المغذية للاقتصاد الجزائري، ثم أتبع قراره بعد بضعة أشهر بقرار معزز يوقف الإمداد الكهربائي على المدن الشرقية للمحتل، كان ذلك بهدف إغراق عدد من المدن المغربية في الظلام، و الدفع بالشعب المغربي إلى الهيجان و الغضب و الثورة في وجه النظام الذي عجز عن توفير الكهرباء للشعب، و جعل المحتل بلدا عاجزا، محاصرا، و ضعيفا… !!

         هذه المقدمة الطويلة هي لشرح كيف نجح المحتل في كسر الأصنام الذي صنعه الإعلام الجزائري و دفع الرأي العام الجزائري و الصحراوي إلى عبادتها، لأنه بعد أشهر قليلة على تلك القرارات الغريبة لقصر المرادية، اتضح أن الذي يعيش العزلة هو الحليف و معه قضيتنا، فالجزائر اليوم على عداء مع مدريد و باريس و بغداد و أبو ظبي و موسكو و باماكو و وكادوكو و نيامي…، و تنظيمنا السياسي، البوليساريو، يكاد يدرج على قوائم الإرهاب…، فيما الرباط و بكل فخامة دبلوماسية تنشر خبر استقبال ملك المغرب لوزراء خارجية الدول الثلاث التي تشكل الطوق الجنوبي لدولة الحليف الجزائري، و هو الحدث الذي بدد وهم الإعلام الرسمي الجزائري بأن الرباط تعيش العزلة و الحصار…، و كلنا نعلم أن البرتوكول الملكي في المغرب بغاية الصرامة، و أن وزراء خارجية الدول يتم إستقبالهم من طرف وزير الخارجية “بوريطة” أو رئيس الوزراء…، و كسر البروتوكول يعني أن ثم مشروع بحجم الجبال يخطط له بين تلك الدول الثلاثة و دولة الاحتلال، و أن المشروع الأطلسي الذي وضع مخططه ملك المغرب، بدأ يتحول إلى حل سحري إقتصادي لهاته الدول، التي يعتبر اتحادها حليفا استراتيجيا لروسيا “بوتين”.

         فمنتهى الإحباط و السخرية، أن الحليف الجزائري أمضى نصف قرن يحاول الوصول بكل السبل إلى الأطلسي عبر الصحراء الغربية، و دعم لأجل هذا الهدف قضية الشعب الصحراوي و تبناها و غير من أيديولوجيتها حتى أضحت عقيدته التي يبني عليها سياساته و مشاريعه و خططه و علاقاته…، و بعد نصف قرن من الإنفاق و الصراعات و المرافعات و الدعاية…، يجد الحليف الجزائري نفسه على بعد قرار من لقب راعي الإرهاب، و لا أمل له في الوصول إلى جنة الأطلسي، فيما القيادات الانقلابية و من غير جهد تجد نفسها موضع مبادرة تقودها إلى الجنة الزرقاء…، و تحصل على منافذ إلى الأطلسي دون أن تكون لها حدود طبيعية مع المحتل المغربي، و من غير أن تنفق أي جهد و من غير أن تتورط في صراعات و من غير أن تبدد ثروات بلادها، يمدون أيديهم جماعة إلى الرباط التي جهزت مشروعا يخدم الجميع.

         ما يجعل مخطط الرباط للوصول إلى الأطلسي هو الأنجح، ليس حكمنا نحن، بل المعطيات التي تقول بأن غينيا عرضت نفس المشروع، و فاوضت الجميع عليه، لكنها لم تقدم خارطة طريق استراتيجية بموانئ عالمية، بينما المحتل المغربي قبل الحديث عن المشروع هيأ الموقف الموريتاني حتى تكون عمليات النقل سلسة، و جعلت الميناء الأطلسي بمدينة الداخلة يكشف عن ملامحه الواقعية، ليبدوا و كأنه “روتردام” شمال إفريقيا، و عبد الطريق في المناطق المحرمة، و التي ستقطع الشرق الموريتاني إلى مالي، و جعلتها مسلكا آمنا بترسانة عسكرية مرعبة، و بالرغم من أن فرنسا نزلت بكل ثقلها في الصحراء الغربية، و بأن دول اتحاد الساحل و الصحراء الثلاثة لهم عداء هيكلي مع فرنسا، إلا أنهم وثقوا في مبادرة المحتل و آمنوا بها، و وقعوا في دفترها دون تردد و بمباركة روسية.

         هنا الإعجاز، الصحراء الغربية التي أراد لها الحليف و قيادتنا أن تكون ساحة حرب منذ 2020 في حادثة المعبر الملعون…، حولتها الرباط إلى أرض تجتمع فيها الخصوم على المصالح و ليحكم بينهم منطق رابح – رابح، فباماكو و نيامي و وكادوكو يتحركون تحت مضلة روسيا و يحملون مصالح موسكو و تحرسهم كتائب الفاغنر، و باريس التي خرجت من الساحل قررت النزول بثقلها المالي و السياسي و الدبلوماسي في الصحراء الغربية لتعيد بناء علاقات جديدة مع إفريقيا بعيدا عن الوصاية و نظام السخرة، و أمريكا وضعت رهانها على خط الأنبوب الفرعوني أبوجا – الرباط  و على سوق الطاقة في الغرب الإفريقي، و باقي أوروبا تؤمن بأنه لا يمكن الوصول إلى العمق الإفريقي دون المرور عبر الرباط و طريق التبر الجديد، الذي خطط له المحتل منذ زمن، و وسط هذا الكم من التلاقي بين المصالح الكبرى لدول الصف الأمامي من العالم، نتساءل، هل تستطيع الجزائر و بعدها قيادتنا التحرك لوقف هذا المشروع العملاق أو تعطيله بقرار إنتحاري.

       الجواب نجده في بيان خارجية الدول الثلاثة التي اجتمع وزراء خارجيتها مع ملك المغرب، لأن صيغته تظهر كمية من الأمل الإفريقي، و كما من التودد للرباط غير مألوف في الخطابات البين – إفريقية، إذ لا يمكن فهم لغته بغير أن الإتحاد الثلاثي لديه مشروع عظيم يرتكز على خطة الرباط، و أن الدول الثلاثة تثق بشكل أعمى في النظام المغربي، و المتأمل لهذه الخلاصات سيتكون لديه اليقين بأن الحكم و تدبير شؤون الأوطان لم يكن يوما مجرد خطابات عنترية تلقى من المنصات في المناسبات و من دونها، و ليس محض تهديدات تساق لترهيب الجيرة…، بل هو عمليات تشييد معقدة، توضع على مخططات يصممها العباقرة، لهذا نلقي على قصر المرادية، مرة أخرى، بمقال استشاري لنكرر ما دعونا إليه منذ شهور، بأنه آن الأوان كي يصبح للجزائر مراكز تفكير و مركز ذكاء استراتيجي، و عليها أن تتوقف عن تكرير السياسات القديمة الموروثة عن الحقبة “البومديانية”، و المشيّدة على فكرة خلق العداوات و تأجيج الأحقاد و الصراعات و تغذية القومجيين الذين صنعوا نكبات الأمة العربية…، على الجزائر أن تصنع نخب حكم بذكاء متجدد…، لكن المحبط أن من يديرون قصر المرادية و النخب المحيطة بالرئيس “عبد المجيد تبون”، لا يمكنهم التطور، و كلما ضاقة الربقة على عنقهم، إلا و لجؤوا إلى خطاب العنف.

         نحن لا نتحامل على الحليف و لا نصفق للمحتل، و لكننا أصحاب رأي صحفي و على رقابنا أمانة البوح به، حتى نضيء للقارء ما تعتم من الزوايا، و اليوم بعد أن لجأت دول بوركينافاسو و مالي و النيجر إلى الرباط، يمكننا الجزم بأن الجزائر – رسميا – دخلت مرحلة العزلة الإقليمية.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

       

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد