Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

النظام الجزائري يركع لقصر الإليزيه و يقبل بجميع الشروط بما فيها استقبال المهاجرين الجزائريين المُرحّلين و إطلاق سراح “صنصال”

بـقـلـم:بن بطوش

      لعمري ما كنت لأرغب في فتح هذا الملف و الحديث عن الخيانات العربية التي تزكم الأنوف و النفوس كلما فتحنا كتب التاريخ…، اليوم لا نحتاج غير بضع نقرات على المنصات الإلكترونية لنكتشف فضيحة جديدة فجرتها الجريدة الإسرائيلية “يديعوت أحرنوت”، و هي تنقل تفاصيل ما يدور بين الدوحة و تل أبيب تحت عنوان فضيحة جديدة باسم #قطر_گيت، كرد على ترويج قطر أنباء بشأن جهود إماراتية لإفشال خطة مصر، و تقول تفاصيل الفضيحة الجديدة أن الصناديق السيادية للدوحة كانت و لا تزال تؤدي رواتب موظفي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو”، حيث يشتغل كبار مخططي جرائم الاغتيالات التي نُفذت   في الشهور الأخيرة ضد القيادات الحمساوية و قادة “حزب الله”، و أين اتخذ قرار الحرب على غزة، و حيث كان يُحتفل بالنصر كلما انتهى الجيش المغتصب من تدمير حي غزاوي…

      لتفهم أيها القارئ الكريم حجم الفضيحة سأضع أمامك إسقاطا؛ فمثلا الأمر أشبه باكتشاف الأوروبيين زمن الحرب العالمية الثانية أن دولة مثل سويسرا أو بريطانيا تؤدي رواتب موظفي و مستشاري و معاوني مكتب النازي “أودولف هتلر”، الذي  كان ينفذ المجازر ضد دول أوروبا بدماء باردة،… فالأمر  فيما كشفت عنه الجريدة الإسرائيلية ليس مجرد مشاركة مالية  من قطر في خيانة الدماء الغزّاوية، بل يتعداه إلى جريمة أخلاقية في حق الشعوب العربية التي تتصارع لحاها و تنظيماتها الإسلامية في شوارع العواصم وهي تُشيطن بعضها و تضرب صورة وطنها لإرضاء قناة “الجزيرة” و إظهار الولاء للفكر الصفوي – الحمساوي.

       و قبل تفجير هذه الفضيحة، كانت القناة القطرية التي تعشق العزف القومجي لتهييج الشعوب العربية المريضة بعقد التفوق الوهمي، قد استضافت نائب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الجنرال “مارك كيميت”و الذي أجاب على وصف الصحفي لدعم أمريكا غير المشروط لإسرائيل في حربها على غزة بـ “الخيانة”، بقوله أن قاعدة “العيديد” الأمريكية في قطر كانت أهم عامل في دعم تل أبيب لإبادة الفلسطينيين و كانت أهم قاعدة في الحرب على العراق…، و بهذا المنطق فإن قطر خائنة للفلسطينيين… !!، … فما كان من القناة غير أن عمدت إلى حذف المقطع من جميع المنصات، لكن عدد من الصفحات و الحسابات لا تزال تحتفظ بالتسجيل كاملا.

      طبع الخيانات عند العديد من الانظمة العربية لا يمكن حصره في الشرق الأوسط و ما يتسبب فيه القومجيون العرب منذ منتصف القرن الماضي، بل هذه اللوثة قد تكون شاملة ولدرجة أنها تحولت لكروموزوم متجذر في أعمق خلايا الدماء العربية، ذلك أن الحليف الجزائري الذي قرر التصعيد ضد الإليزيه و خوض واحدة من أشد معارك كسر الأصابع مع باريس، فجأة – و دون سابق إنذار- يتخلى عن سياسته التي يصفها الإعلام الداخلي بسياسة “النيف”، و يقرر الخضوع لشروط الإليزيه وتيسير جسر جوي بين باريس و الجزائر العاصمة، صامت بعيدا عن البهرجة الإعلامية، لنقل الذين وصفهم وزير الداخلية الفرنسي بـ “المجرمين الجزائريين”، و إعادتهم إلى بلادهم دون جعجعة.

       التحول جاء بعد المكالمة التي تسرب جزء من تفاصيلها إلى الإعلام، حيث جاء فيها حسب المنصات الفرنسية، أن الرئيس الجزائري كان منصتا طوال الحديث و لا يتدخل إلا ليقول: je suis d’accord، فيما معظم كلام الرئيس الفرنسي كان متضمنا لعبارات لطيفة ممزوجة ببعض العنف  في إطار عتاب الأحبة، و أخبر الرئيس الجزائري أن داخل الجزائر قيادات لا تزال تحمل حقدا كبيرا ضد باريس، و تحاول تعكير العلاقات بين الدولتين، في إشارة إلى قيادات الجيش…، و أخبره بضرورة عودة التعاون في ملف الهجرة، و هو الطلب الذي قبل به “تبون” مباشرة، و أخبره أن وزير الخارجية الجزائري سيتكفل بالعملية كاملة، و عند سؤال الرئيس الفرنسي عن وضع السجين الذي وصفه بالسجين السياسي “بوعلام صنصال“، ارتبك “تبون” و بدأ يتحدث عن استقلال القضاء الجزائري و عن العدالة في الجزائر، قبل أن يقطع الرئيس الفرنسي كلامه بالقول: “إنه رجل كبير في السن و مريض و عليكم بالتفاتة إنسانية في حقه”… الرئيس الجزائري الذي سبق له أن وصف “صنصال” في احدى  خرجاته الإعلامية باللقيط لم يجد ما يجيب به “ماكرون” فقرر أن يعود للحديث عن التعاون في ملف الهجرة، و قال له بأنه يتتبع الملف شخصيا.

       نزول النظام الجزائري من برج عناده مع باريس و تخليه عن شرط تراجع النظام الفرنسي عن الاعتراف بالصحراء الغربية كجزء من تراب دولة الاحتلال المغربي، و خفض “تبون” للمطالب إلى مستوى العودة فقط للوضع الذي كان قائما قبل تفجير الأزمة، يدفعنا لتأكيد ما جاء في مقالنا السابق بأن الحليف ذهب فعلا – صاغرا- إلى “كانوسا”، و أننا لموجوعون لكونه  لم يستطع تدبير ملف قضيتنا الصحراوية بالقوة المطلوبة مع باريس، و تعرضه للإذلال للمرة الثالثة، حيث كانت الأولى عند الاعتراف الأمريكي عندما توسل قصر المرادية إلى المستشارة الألمانية، كي تدعو مجلس الأمن لاجتماع طارئ و لم يظهر أي أثر للدبلوماسية الجزائرية في المشهد خوفا من ردة فعل واشنطن، فكان الاجتماع سببا في الخلاف الألماني – المغربي و الذي انتهى باعتراف ألماني كان مجانيا و إهداء جزائريا إلى الرباط.

       و الثاني كان حين تفجر فضيحة “بن بطوش”، عندها قررت الرباط لي ذراع الإسبان، و فعلا حدث الإخضاع و كان الاعتراف الإسباني الذي تطور ليصل إلى شراكة مونديالية يصعب اختراقها، و الإذلال الثالث يوم قررت فرنسا “ماكرون” الغدر بالشعب الصحراوي فكانت ردة فعل قصر المرادية قوية جدا، و كانت البيانات لتدك الجبال بلهجتها المتفجرة، و قلنا حينها أننا على موعد مع نصر سيجرنا إلى انتصارات أخرى، و أن في حال سُحب الاعتراف الفرنسي، فستتوالى التراجعات في العواصم الأوروبية و لما لا نراها في العاصمة الأمريكية.

       بدأنا الترقب و تساءلنا كيف سيستعمل الرئيس “تبون” أوراق الضغط التي بين يديه (الطاقة، الهجرة، الصفقات العمومية، اليرابيع النووية، تجريم الاستعمار، الودائع الجزائرية في البنوك الفرنسية بقيمة 20 مليار دولار، ملفي مالي و النيجر، اليسار الفرنسي، النخب الجزائرية في البرلمان الفرنسي، البلطجية في شوارع العاصمة باريس…)، لكن الحليف الجزائري ترك كل هذه البطائق الضاغطة و قرر مراجعة تحصيل سومة الكراء للبعثة الدبلوماسية الفرنسية التي تستأجر دون مقابل لعقود أفخم العقارات بالجزائر، و هذا أكد لنا أن الحليف لا سلطة له على الغاز الجزائري و أنه مجرد شريك في الاستخراج و الاستغلال، و لا سلطة له على الأموال و الودائع الجزائرية لأنها أصبحت منذ عهد الرئيس “هولاند” في ملكية البنك الفرنسي المركزي، بعد أن تحصلت الجزائر على ملايين الأطنان من الحبوب دون دفع فواتيرها، و أن ملف التجارب النووية لا تمتلك الجزائر حق التفاوض بشأنه، لأنه حين حدثت تلك التجارب كانت فرنسا تعتبر ان منطقة بشار و تندوف لا تزالان تابعتين لسلطة الرباط، و كان عليهما والي مُعين بظهير من طرف المخزن المغربي حسب وثائق الأرشيف الفرنسي…

       معنويا يمكن القول بكل ألم، أن الرئيس الجزائري قد ذهب فعلا إلى كانوسا لطلب الغفران من “ماكرون”، و أن فرنسا ليست مدريد و لا برلين لأنها تعرف أسرار قصر المرادية، و بمجرد أن وضعت لائحة بأسماء 800 مسؤول جزائري ممن يقول الإعلام الفرنسي أنهم مهندسو السياسة الجزائرية، و أنهم الحكام الحقيقيون للبلاد، حتى أعلن الرئيس الجزائري أنه لا يحمل أي عداء ضد باريس و الإليزيه، و أن سوء فهم حصل، و اليوم تستقبل الجزائر ما أسماهم الوزير الفرنسي بـ “المجرمين” دون ضوضاء.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمكنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد