بقلم : القطامي
بعد الاستقبال الذي خصه الرئيس الموريتاني “محمد ولد الشيخ الغزواني” لوزير الداخلية الصحراوي “عمر منصور”، و الذي حل بنواكشط على رأس وفد صحراوي يحمل رسالة من الرئيس الأخ “إبراهيم غالي”، خرج هذا الأخير ليصرح أمام وسائل الإعلام الموريتانية بأن القيادة الصحراوية تحصلت على مسيرات سيتم استخدامها من طرف الجيش الشعبي، لاستهداف وحدات الجيش المغربي على طول جدار الذل و العار.
الوزير الصحراوي لم يكشف خلال هذا المؤتمر الصحفي عن فحوى الرسالة التي بعث بها الرئيس “إبراهيم غالي” إلى نظيره الموريتاني، و اكتفى بالقول : “جئنا هنا في مهمة تسليم رسالة من الرئيس إبراهيم غالي إلى الرئيس الغزواني تتعلق بالوضع عندنا و في هذه المنطقة، و هذا يدخل في إطار تشاور مستمر بيننا و قد أصبح سنة”.
خلال هذا اللقاء قال “عمر منصور” بأن الجيش الصحراوي هو من انتصرعلى الاحتلال المغربي في الحرب الأولى التي توقفت في 1991، بدليل أن الجبهة أسرت 4000 جندي مغربي و أسقطت طائرات في حين أن جيش الاحتلال لم يأسر سوى 66 من مقاتلي الجيش الشعبي….، و هذا الكلام لا يصدقه إنسان عاقل لأن الانتصار يعني استرجاع الوطن من المغتصب، إذ لم يحدث في العالم أن جيشا انتصر و سمح في تواجد المحتل على أرضه و بالتالي فالمنتصر هو من يفرض شروطه على المنهزم اما في حالة قضيتنا فيكفي أن نذكر بانه مر أكثر من 30 سنة على انتصار جيشنا المزعوم و الاحتلال باق و يتمدد.
أما بخصوص العدد القليل من الأسرى في الجيش الشعبي الصحراوي، فنحن الصحراويون من داخل المدن المحتلة عايشنا تلك المرحلة و كنا شهود على التدخلات التي كان يقوم بها أعيان و شيوخ القبائل كانوا يسارعون بخلفية عشائرية للتدخل لدى سلطات الاحتلال المغربي من أجل إطلاق السراح عند سماعهم بأسر أي مقاتل من قبيلتهم، بمبرر أن هؤلاء مجرد أشخاص “مغرر بهم”، و غالبا ما كانت سلطات الاحتلال تستجيب لتلك الوساطات للإبقاء على ولاء الأعيان و الشيوخ للمغرب، و بالتالي فعدد 66 أسير صحراوي هو رقم خادع في حسابات الأسرى من الطرفين.
و بخصوص موضوع المسيرات سيتعملها الجيش الصحراوي، اعترف “عمر منصور” بأن الجيش الشعبي ظل عاجزا عن فعل أي شيئ أمام درونات المحتل المغربي و هو الاعتراف الذي يناقض مضامين البيانات العسكرية العنترية التي أصدرتها القيادة الصحراوية منذ اعلانها الرجوع إلى المقاومة المسلحة في 13 نونبر 2020، حيث صرح وزير الداخلية الصحراوي بما يلي: “لقد سمعتم عن موضوع الدرون، و أن الدرون لم تدع أحدا يحرك ساكنا و أنها شددت الخناق على جيشنا، فأبشركم على أن هذه الدرون لم تؤثر على جيشنا و أن الأخبار التي تدور على أنها خلفت خسائر كبيرة في صفوفنا ما هي إلا أكاذيب، فالحقيقة أنهم لا يستهدفون بها إلا مدنيين أو سيارات معزولة في الخلاء أو بعيدة كل البعد عنا، الشيء الذي يستهدفونه بهذا هو العامل النفسي، أي أن الناس كلها تتكلم عن تهديد “الدرون”، فهذه الأخير لا شيء، ففي سنة 1975 قاتلناهم بلاشيء و واجهنا الدبابات، حيث كنا نستهدف دبابات و ناقلات مغربية كبيرة الحجم و كنا نقضي على ما فيها من عسكر العدو، و حتى بالنسبة للدرون الآن فنحن نقوم بالتكوين على الدرون و دراستها و نطمح على أن نقوم بتركيب الدرون فتصبح الحرب بين دروناتنا و درروناتهم، و نحن مستمرون في حربنا”.
التهديدات التي أطلقها من فوق التراب الموريتاني تسببت في أزمة بين نواكشوط و الرابوني، و هو الأمر الذي أكدته العديد من المصادر من داخل البيت الأصفر الشاحب، حيث اعتبرت الخطوة غير مفهومة دبلوماسيا من المسؤول الصحراوي، الذي يبدو أن قصر المرادية طلب منه التصريح لوسائل الإعلام الموريتانية و إطلاق التهديدات ضد المحتل المغربي من نواكشط، ردا على التهديدات التي أطلقها الوزير الإسرائيلي من الرباط…
و أيضا بغرض التشويش على العلاقات بين الرباط و نواكشوط و لم لا إثارة غضب النظام المغربي و تأليبه على دولة موريتانيا، خصوصا و أن الأحداث الأخيرة التي جرت في المياه الموريتانية المشتركة مع مياه الأراضي الصحراوية المحتلة، تقول أن اشتباكا بين السفن المغربية و الجزائرية كان وشيك الحدوث، بسبب تطبيق اتفاقية الصيد البحري بين الجزائر و موريتانيا، دون حصول الرباط على إخبار من نواكشوط بالأمر.
و قد التقطت الرباط تلك التصريحات التي أطلقها وزير الداخلية الصحراوي، حيث استغلها وزير الخارجية المغربي “ناصر بوريطة” للربط بين النظام الجزائري و القيادة الصحراوية و المد الشيعي – الصفوي – الإيراني و محاولاته لزعزعة الاستقرار شمال إفريقيا، و اتهم الوزير المغربي طهران بتوفير تلك المسيرات للدولة الصحراوية، و قال أن إيران توفر تلك الأسلحة لأطراف غير حكومية (ميليشيات) تهدد الدول العربية، و زاد في قوله أن على الأطراف التي توفر تلك الأسلحة تحمل مسؤولياتها الدولية، في إشارة إلى أن الرباط تأخذ تلك التهديدات على محمل الجد، و أنها مستعدة لكل السيناريوهات.
لكن الخبراء في غُرف النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، قالوا بأن دولة جنوب إفريقيا هي الجهة التي تفاوضت معها الجزائر لتمكين هذا السلاح للجيش الصحراوي، الذي من المحتمل أن يتسبب في حرب طاحنة بالمنطقة، لكن مع ذلك يجمع المتتبعون بأنه لا المسيرات الإيرانية و لا الجنوب افريقية لا تتوفر على تكنولوجيا الطيران الآلي التي تجعلها تعود إلى أماكن إقلاعها في حال انقطاع التواصل مع قواعدها، و أن العوامل الجوية كالرياح و الغبار مثلا تؤتر سلبا على تواصلها مع المتحكمين فيها، و بالتالي تصبح خارج السيطرة و هي كذلك غير ذكية بما يكفي للتخفى عن رصدها، و أن لها بصمة رادارية تسببت لها في مجازر بالحرب الأوكرانية، بالإضافة إلى أنه لا يمكن إطلاقها نهائيا من الأراضي المحرمة، لأن جيش الاحتلال المغربي سيجعل الأمر مستحيلا و سيرفع درجات اليقظة العسكرية…، و أن أية مبادرة لإطلاقها من داخل التراب الجزائري، سيكون حسب القانون الدولي بمثابة إعلان حرب من الجزائر على الرباط.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك