و نحن نحاول البحث عن بعض الأخبار و المقالات المتعلقة بالقضية الصحراوية، تعثرت فأرتنا بمقالة تحت عنوان: “الرضى بالقليل … صفة العاجز”، يحمل توقيع القيادي الصحراوي ” البشير مصطفى السيد”، الذي نُطلق عليه لقب “وزير الوتساب”، حينما كان وزيرا للأرض المحتلة و الجاليات و الريف الوطني، و الذي حاول خلال المؤتمر الأخير للجبهة أن ينافس الأخ “إبراهيم غالي” على منصب الأمين العام للتنظيم السياسي الذي يُخوله مباشرة أن يُصبح رئيس الدولة الصحراوية.
المقالة فيها نوع من التشخيص للأوضاع المتردية للقضية الصحراوية و تطرق فيها إلى مكامن الخلل في الجيش الشعبي و الحرب التي يخوضها منذ ثلاث سنوات ضد جيش الاحتلال المغربي، و جمود المنظومة النضالية بالمدن المحتلة و ضعف الأداء الدبلوماسي و غياب الـتأطير السياسي داخل المخيمات من اجل توعية الرجال و الشباب و إقناعهم بالدور الوطني المنوط بهم في مختلف المجالات.
و نظرا لأهمية هذا التشخيص، خصوصا و أنه يدخل في باب المثل القائل “شهد شاهد من أهلها”، بما انه صادر عن قيادي صحراوي كبير لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله مهما كانت درجة اختلافنا مع أسلوب حياته، لذلك نعيد نشره على موقعنا على أن نعود لمناقشة مضمونه في مقالات لاحقة :
بقلم : البشير مصطفى السيد
الهمة العالية و النظرة البعيدة والتصور الشامل وحشد جميع الامكانات وتعبئة كامل الطاقات حين وضع الخطة العامة لاستكمال تحرير الارض و السيادة عليها وساعة تمييز الساحات و تحديد الجبهات و تعيينها و تفصيل الاهداف الخاصة بكل جبهة وتسمية المهام المنوطة بكل منها واهم الاساليب التي عليها إتباعها من حيث المبدأ و محصل التجربة ذلك ما على القيادة الكفأة التحلي به حين بلورة الافكار العامة واستخراج و استشفاف المخارج من العوائق و استخراج السبل من المضايق.
أما حين الانطلاق في تجسيد الخطط و خوض معركة الفعل لتحويل الرغبات الى حقائق ميدانية محسوسة و المبتغيات الى انجازات ملموسة فلابد من التسلح بصدق النيات و علو المعنويات و قوة العزائم و عظيم الارادات و كامل الجد…لابد من تقدير الوقت حق قدره واعتباره الرأسمال الحقيقي وهبا من الخالق الكريم إن حسن تدبيره وأُجيد تسخيره وأُتقن استعماله فتضييعه هو التبذير عينه والإتلاف نفسه.
نحن عدنا للحرب و في ظروف عامة ايجابية و بفرص مساعدة و رياح دافعة ولكن ايضا هي الحرب و قد حافظ العدو فيها و لأجلها بكامل قدراته المتراكمة على عبر الخمسة عشر سنة الاولى من الحرب وزاد عليها بكل منتوج تطور الحروب وسائل و اساليب خلال الفترة الفاصلة بين وقف اطلاق النار و العودة الى النار…ونحن علق بنا ما علق اسباب ضعف انتجتها عقود السلم السرابي و الاستقرار المغالط.
العودة إلى الحرب مكنتنا من تفصيل الجبهات الرئيسة تفصيلا و من ترتيبها تفضيلا ولكننا لم نحدد الاهداف و لم ندقق المهام و مراحل الانجاز ولم نخض في الاساليب والمتطلبات مما اسهم في تدني الفهم وأضاف في غموض الغايات و اشتباه الوجهات و ارتباك الخطوات و ضبابية التقييم والتخلص من اعمال معاييره.
لم تحص كل جبهة على حدة التحديات الماثلة أمامها بعد ترتيب الاهداف و لم تعدد الفرص المساعدة على انجاز المهمات المنوطة بها. ويعود السبب الرئيسي الى فقدان القيادة وجهل سنة العمل بالفريق و خلو المؤسسات من الكفاءات و بدائيتها.
الكل يعلم أن جيشا غير نظامي يحتاج، بعد ثلاثة عقود من السلم المزيف، إعادة بناء ووزارته تستعجل الترميم العميق و تأطيره التشبيب والتكوين. فالأنشطة طيلة ثلاث سنوات يطبعها الاكتفاء بالقليل نتيجة ضعف التأطير و غياب القيادة. الأقصاف تكاد تكون روتينية والعمليات النوعية ( كركرات ،اتويزكي،اسمارة،محبس الخ) لم تنظم و لم تنجز ضمن فعل متكامل و كمقدمة لمجهود للاستثمار في العمق والنشاط من خلف خطوط العدو و إنما كوخزات معزولة تنبه العدو إلى فتقات في سدوده خلل في دفاعه...بالمجمل والمبدأ الأساس هو أن كل فعل ينتج ردة فعل والقيادة المحنكة هي التي لا تكتفي بإعداد قوة الفعل فقط وإنما تكون مستعدة لردة الفعل
الجبهة الثانية، و هي المدن المحتلة وتثويرها و تأجيج انتفاضتها: نحن اكتفينا بقلة قليلة من المناضلات المعروفات لدى القاصي والداني يجتمعن في مناسبات في احدى المنازل او ركن بصفة خاطفة يرددن شعارات و يبعثن بصورهن مع الأعلام وبعض الأوصاف لإجراءات العدو القمعية.
جميعنا نعلم أن الموقف الحاسم و ما يعتبره العالم هو مدى رفض شعب المدن المحتلة للاحتلال و المعبر عنها بالصدام والتظاهر والاعتصام والمقاس بالتعداد والشمولية او الرضى بالخمول والاتكال على المقاتلين و الدبلوماسيين و ترك الساحة بمظهرها و جوهرها لسلطات ومستوطني الاحتلال و من جرى مجراهم من عملاء “بلديات و انتخابات و شيوخ و شيخات”.
التحديات أمام الجهة المعنية بالأمر الجلل و الشأن العظيم توعية وتثوير و تأطير ثلثي الشعب بالمدن المحتلة بكل فئاته و تواجداته وقياس النجاحات بارتفاع معدلات الصدامات والمظاهرات والاعتصامات و حالات عدم الاستقرار و الطمأنينة لأدوات العدو و مصالح المتورطين معه...المشهدية القائمة هي أننا نرضى من المغانم بالسلامة و بخفي حنين… وان الجهات هي لترضية عشائر او تمثيل قبائل.
أما الجبهة الدبلوماسية فالتحدي الاكبر و اضح و هو التكريس الاممي للاعتراف بالجمهورية الصحراوية من خلال العضوية في الامم المتحدة و الانتقال من الطروحات المشبوهة والحلول العرجاء ووصفاتها الناقصة الى الطرح المنسجم مع الطموحات و المكاسب و التضحيات.
و نحن لدينا ثلاثة قادة للخارجية ولكنا نحتاج إلى تقسيم منطقي للعمل بينهم: يتكفل و لد سيداتي على سبيل المثال بالعلاقات الثنائية وولد السالك بالمتعدد الاطراف من شراكات و اعترافات و يتكفل الرئيس بسوس الكتيبة حفزا و توجيها و متابعة و تنظيم مشاركة و دعم بقية الاطر في النشاط الخارجي ساعة الحاجة اليهم او الفراغ لديهم.
اما الجبهة الداخلية و خصوصا شقها السياسي فالتحدي الأكبر هو تأطير الرجال كبارا و شبابا وإقناعهم بتأدية الواجب الوطني في المجالات كافة. ان دور المنظمات الجماهيرية و الروافد لا يعوض لان الوظيفة التي انشئوا لأجلها هي تلك. إن لم نرق الى مستوى المسؤولية التاريخية العظمى الملقاة على عاتقنا همة و نظرا و تصورا و صدقا و جدا فسنضيع الامانة و نعمر مقبرة السمارة اللاجئة قبل توسيع الارض المحررة او اعمارها.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة