Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

خوف النظام الجزائري من اللقاء بـ “ترامب” يدفعه إلى الموافقة على كل الصفقات التي تريدها الشركات الأمريكية بالجزائر

بـقـلـم:بن بطوش

         من قرأ رواية “البؤساء” للكاتب الفرنسي ، “فكتور هيغو”، سيفهم بأن بعد كل انهيار  فرنسي تحدث مأساة…، بمعنى أن الرواية تُوثق كيف دخل المجتمع الفرنسي في حالة بؤس حاد بعد انهيار حكم “نابليون”، و اليوم بعد انهيار فرنسا الإفريقية يظهر البؤساء- أو بالأحرى “البائسون”- من جديد في إفريقيا…، و بائعة أعواد الثقاب ليست دائما تلك الطفلة التي يسكنها القهر و تعيش بين دروب باريس الموحشة و العفنة، بل قد تكون أنظمة جاءت إلى الحكم تحت غطاء الشعبوية، و اصطدمت بعصر فرنسي رديء و بحقبة أمريكية متوحشة، يقودها رجل لا يعرف غير لغة الأرقام و المصالح، بينما تلك القيادات  الخمس الإفريقية ذهبت إلى البيت الأبيض بكبرياء المنتصر على باريس الجشعة، و هم يحملون في أذهانهم الخطابات الشعبوية و العاطفية التي جعلت الشعوب تحرق الشوارع و تفرضهم كحكام، لسوء حظهم أنهم وجدوا في انتظارهم بالبيت الأبيض الشعبوي الأول في التاريخ.

         كان مقررا من طرف البرتوكول و تحت طلب القيادات الإفريقية أن يكون اللقاء مغلقا، قبل أن يرفض الرئيس “ترامب” ذلك بداعي أنه رجل شفاف كزجاج واجهات المحلات الفاخرة، و أن على الرأي العام العالمي أن يعرف بأنه رجل المواجهات الكبرى و ليس مثل الأوروبيين  الذين يعقدون  صفقات مشبوهة و غامضة و غير معروفة البنود في غرف الفنادق شديدة الحراسة…، و خلال الاجتماع جلس القادة الأفارقة لخمس دول وجها لوجه مع الرئيس الأمريكي و فريقه الحكومي… كانت جلسة أمام الحقيقة، خمسة دول إفريقيا بناتج قومي بالكاد يصل إلى 70 مليار دولار، ينظرون إلى حاكم البيت الأبيض الذي يدير دولة ناتجها القومي يتجاوز 30.5 تريليون دولار، الفارق المهول أعجزني لأجد تشبيه يشخص هذا التناقض، و يحفظ للقيادات الإفريقية كبريائهم، لهذا سأتعفف عن وضع التشبيه…، ثم أواصل.

         ثمة من سيقول أن القيادات  الإفريقية التي ذهبت إلى البيت الأبيض ورثت هذا الوضع، و أنهم لا يستطيعون بين ليلة وضحاها التحول إلى دول قوية تجالس”ترامب” بالندية كما يفعل “فلاديمير بوتين” أو “جين بينغ”…، هنا نٌجيب بأن هذه الأنظمة كان القياس أن تتبع خطوات الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”؛ ليس لأنه خارق الذكاء بل لأن الرجل تعلم من الأخطاء السابقة التي ارتكبها في حق امريكا عند لقاءه  مع “صديق العالم” (بوتين)، و أصبح مقتنع بما قاله “لافروف” عن الوزن و الهيبة و التأثير، إذ كان على  الرؤساء الخمسة أن يكتفوا باستقبال مبعوثين عن الشركات الامريكية و يوقعوا معهم عقود احتكارية مُجحفة دون أي يُعرِّضوا أنفسهم لذلك الاستخفاف  “الترامبي” منهم أمام عدسات الكاميرات، رغم أن هناك تيار داخل أمريكا يقول بأن  رؤساء الدول الخمسة – رغم  علمهم بالضغوط النفسية التي سيتعرضون لها بواشنطن- رفضوا شروط الشركات الأمريكية، و طلبوا مفاوضة الرئيس “ترامب” بشكل مباشر، بمعنى أن الرؤساء الخمسة هم من سعوا  -عن سبق إصرار و تعنت- إلى ذلك اللقاء المصيدة، فيما الرئيس الجزائري  خضع للشروط الأمريكية دون مساومة و جنّب نفسه الفضيحة أمام “ترامب”، عاملا بنصيحة شعبه: #عمي_تبون_ما_تروحش، …. و تفاصيل هذا الكلام سيتم نشره في الأيام القليلة المقبلة على “التيلغراف” البريطانية بعدما حرك الإعلام الأمريكي جمره.

         ما يهمنا في هذا المقال ليست الموقف المحرج الذي تعرض له “ولد الغزواني”، حين قاطعه الرئيس الأمريكي و أشار له بالاختصار في الكلام و عدم إهدار الوقت، و ليس الصورة الجماعية التي أوقف فيها القادة الخمس عن يمينه و عن شماله و هو باسط ذراعيه بالوصيد… !!، بل ما يهمنا هو أن نجد الجواب الشافي لسؤالين استراتيجيين؛ الأول يقول ما الذي جرى الاتفاق بشأنه بين القيادات الأفريقية و البيت الأبيض، و الثاني هل نجت الدول الخمس من الاستعمار الاقتصادي الأوروبي كي تسلم نفسها إلى أمريكا…؟

         الجواب، ننطلق فيه من النجاح الذي حققته هذه الإستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي بالجزائر، و كيف فرض على الجزائر التي لا تزال تبحث عن حل لاتفاقيات”إيفيان” مع فرنسا، توقيع عقود احتكارية للشركات الأمريكية تصل إلى قرن من الزمان، تسقط حقوق الشعب الجزائري في عائدات الثروات الطبيعية لهذا الوطن القارة الذي قدم مليون و نصف مليون شهيد كي يحصل على استقلاله، و اليوم قصر المرادية يقول لأحفاد الشهداء أن ما تحت الأرض أصبح ملكا لأمريكا لمائة سنة قادمة… !!، و ما فوق الأرض هو خالص للجيش الجزائري،…. و على الشعب أن يتقبل الوضع و أن يحمد الله على الأوكسجين الذي لا يزالوا يتنفسوه دون أن يدفعوا ثمنه.

         هذه الصفقة الظالمة جعلت النشطاء الجزائريين في مكة الثوار يمجدون فرنسا و يعتبرونها أرحم من أمريكا،  حيث يقولون بأنه على الأقل كانت فرنسا تأخذ ثلث ما تنتجه “سوناطراك” دون مقابل و الثلث الثاني كانت تدفع نصف ثمنه، و عندما يغضب “نجل بوبغلة” (تبون) و يقرر التمرد على فرنسا، كان قصر الاليزيه لا يلجأ إلى الضغط بتفعيل البنود السرية لـ “اتفاقيات إيفيان” و يفضل  فقط استفزاز قصر المرادية بأوراق التأشيرات أو بملف الصحراء الغربية أو يمنع عن النخب الجزائرية امتيازات سرية…، لكن أمريكا إذا ما حاولت الدول أن تتمرد على شركاتها فهي تشهر في وجهها قوائم الإرهاب، و تبلغ الأنظمة بأن العالم الافتراضي الذي يحرك الشوارع هو في ملكية أمريكا و شركاتها، و أنها تمتلك b-2 spirit و b-52 و مجلس الأمن و توزع العقوبات حسب مصالحها على الدول، و حين تخضع الدول تقول أمريكا لها كما قال “ترامب” لطهران بعد أن ألقى عليهم 14 قنبلة خارقة للتحصينات…”شكرا للإيرانيين إنهم لطفاء جدا… !!

         و على الرغم من أن “الهنتاتة” و غربان البيت الأصفر المقهور بالرابوني قد عثروا أخيرا على مشهد يُشفي صدورهم، إنتقاما من المواقف الأخيرة لـ”ولد الغزواني” الذي قرر التحالف مع الرباط ضد المصالح الصحراوية و ضد المصالح الجزائرية، و جعلوا من كلام الرئيس الأمريكي الموجه إليه مصدر تنذر و مدعاة سخرية، إلا أن على “الهنتاتة” أن يعلموا بأن الرئيس الموريتاني رفقة الرؤساء الأربعة قد رفضوا التوقيع على أي استغلال لثرواتهم دون أن تقوم الشركات الأمريكية بتوطين تكنولوجيتها في هذه الدول، و أن تستثمر في البنى التحتية لهذه الدول، و الأكثر أنهم اشترطوا على أمريكا أن توقف بمساعدة مجلس الأمن تحرشات “دولة جارة” ، تريد قلب الأنظمة و جعل المنطقة تغرق في الفوضى، و وصفوها في الاجتماع حسب الإعلام الأمريكي بإيران شمال إفريقيا…، صدقوني لم أعد أمتلك الشجاعة للبوح باسمها، حتى لا أتهم بالخيانة و العمالة مرة أخرى، رغم أنني أنقل الأخبار و أضع التحليلات و القراءات، و ناقل الكفر ليس بكافر…، لكن هي نفسها تلك التي تخطر ببالك أيها القارئ الكريم.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد