Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

تسليح الجيش الجزائري بين بروباغندا التفوق و واقع أزمة قطع الغيار… !!؟

بـقـلـم : بن بطوش

         كان  من المفروض أن يكون هذا المقال خالصا للجزء الثاني من  حصيلة العهدة الأولى للرئيس الجزائري “عبدالمجيد تبون”، لكن كمية  الأحداث و المستجدات و المعطيات فرضت عليّ تفاصيلها تحريف النقاش في هذا المقال،  ودفعتني للحديث عن الوضع الحقيقي لتسليح الجيش الجزائري بعيدا عن البروباغندا الفارغة، عطفا على القرارات الرئاسية الجزائرية الأخيرة القاضية بوقف استيراد قطع الغيار ذات المنشأ المغربي، و هو القرار الذي صادف أحداثا مؤسفة داخل الجيش الجزائري، و كشف أيضا بأن الآليات العسكرية الجزائرية  متهالكة و معطوبة بسبب نقص الإمداد في قطع الغيار الروسية و بسبب رفع باريس لتكاليف التوريد، و التي ازدادت تفاقما نتيجة انهيار جديد للعملة الجزائرية في السوق الدولية مقابل الدولار و اليورو، و أخيرا تزامنا مع تعيين الرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب” لرجل الأعمال “كريس رايت” في منصب وزير الطاقة؛ و هو الرجل الذي أعلن رغبته في حل منظمة “الأوبك” و تحرير أسعار المحروقات و منع التسقيف و نظام الحصص في الإنتاج.

       هذه المعطيات ما كان  يمكن الجمع بينها لتوضيح  ما يجري داخل الجيش الجزائري، لولا أنها صادفت الحادث المأساوي لسقوط الطائرة الجزائرية العسكرية من طراز” أليوشين أي – إلـ 76″، و الذي تتكتم عليه قيادة الجيش الجزائرية و تحيطه بالكثير من التعتيم، رغم التسريبات التي قام بها مواطنون وثقوا لحظات احتراق هيكل الطائرة بعد اصطدامه بالأرض في منطقة خالية، و هو حادث جديد ضمن حوادث متكررة،  حيث تقول الحسابات الجزائرية أن أزيد من 150 عسكري من مختلف الرتب قضوا في الحادث، وكان بينهم مقاتلون من الجيش الشعبي الصحراوي و أطر تدريب من دولة كوبا، جلهم كانوا متجهين من القاعدة العسكرية “بوسفير”، قرب مدينة وهران إلى مطار تندوف، لكن عطلا غامضا أصاب الطائرة التي فقدت ارتفاعها و اصطدمت بالأرض.

         يحدث هذا بعد مرور أيام قليلة على الاستعراض العسكري الذي قام به الجيش الجزائري  بمناسبة الذكرى السبعون لاندلاع الثورة الجزائرية، و الذي كان سببا في خلافات بين قيادات الجيش، إذ كشفت فيه القيادة العسكرية الجزائرية عن فخر الصناعة الروسية “صاروخ إسكندر”، لكن الاستعراض تخللته بعض المشاهد التي أساءت كثيرا إلى صورة الجيش الشعبي الجزائري؛ حيث ظهر أحد المظليين و قد شرد بعيدا عن مكان الاستعراض ليصطدم بسقف منزل و يرتطم بعدها بالأرض في مشهد مؤلم… كما نقلت هواتف المواطنين صورا لدبابة T-55 و قد أصابها عُطل، فيما عجز التقنيون عن تشغيلها و إلحاقها بقافلة الاستعراض، كما ظهرت دبابات بطراز قديم جدا و هي تحمل خزانات وقود خارجية و تصدر من عادمها الكثير من الأدخنة  التي توضح الحالة  الميكانيكية السيئة لمحركها…، و الأخطر أن الحسابات الرسمية تحدتث عن خمسة شهداء جزائريين خلال الاستعراض الأخير، سقطوا بسبب مشاكل تنظيمية، بينهم جندي دهسته دبابة بعد قفزه من عربته بشكل استعراضي.

         سقوط ضحايا في استعراض عسكري بسيط، و ارتفاع ضحايا الطائرة المنكوبة إلى أزيد من  150 قتيل…، يجعلنا نتساءل عن جاهزية الجيش الجزائري في ظل الخطاب الإعلامي الجزائري التصعيدي ضد النظام المغربي، و  في ظل طلب الرئيس الجزائري من مصر فتح الحدود أمام الجيش الجزائري لإغاثة سكان غزة و بناء ثلاثة مستشفيات، و هو الطلب الذي أعطى الانطباع أن الجيش الجزائري في  تمام الجاهزية و قادر على التورط في مشاكل عسكرية مع الكيانات القوية و المتفوقة تكنولوجيا، مع العلم بأن الجزائر لا تنتج أسلحتها  بل  تشتري كل العتاد و حتى قطع الغيار  البسيطة من الدول المصنعة، و ثمة أخبار تقول بأن الأعطاب التي أصابت الدبابات خلال الاستعراض تعود إلى مشاكل في الصيانة سببها رفض موسكو مد الجيش الجزائري بقطع الغيار، و أن الخلافات السياسية أثرت على التعاون الروسي – الجزائري.

         المحزن ليس في هذه المعطيات، بل في القرار الأخير للرئيس الجزائري الذي اكتشف أن مصنع شركة تجميع السيارات الإيطالية fiat، الذي ينتج سيارتين أسبوعيا، يستورد عبر وسطاء إيطاليين قطع غيار يتم تصنيعها في المغرب، و أن الأسطول الجوي الجزائري المدني، المكون للشركة الجزائرية للطيران يعتمد بشكل هيكلي على قطع الغيار التي تصدرها إليه باريس و برلين، و جلها تصنع في معامل بمنطقة النواصر قرب مدينة الدار البيضاء بالمغرب…، لكن المرعب أن الطائرة الرئاسية الجزائرية و الطائرة الرئاسية التي تُمنَح للأخ القائد “إبراهيم غالي” محركاتها تشتغل بقطع الغيار المصنعة في المغرب…

         ستقول أيها القارئ الكريم أن هذه المعلومات قد تكون غير دقيقة، و هنا أجيبك أن الرئيس الجزائري  “عبد المجيد تبون” أصدر مرسوما مستعجلا يمنع استيراد قطع الغيار التي تحمل وسم: “صنع  في المغرب” (made in morocco) من دول أوروبا و على الخصوص من فرنسا، التي ردت على القرار برفع تعريفة الاستيراد من مصانعها، و أبلغت السفير الجزائري أن على الشركات الجزائرية إن هي أرادت أن تحصل على قطع غيار مصنعة بفرنسا، فعليها أن تدفع التكلفة مضاعفة أربع مرات، أو عليها التوجه لشراء قطع غيار مقلدة من الصين و  ذات جودة أقل ، و أن تتحمل النتائج، التي يبدو أنها ظهرت جليا في الاستعراض العسكري الأخير و في حادث سقوط الطائرة العسكرية.

      شركات الاستيراد الجزائرية تعلم يقينا أن صناع القرار في بلادها إن هم قبلوا بالتعريفة الجديدة لاستيراد قطع الغيار الفرنسية المنشأ، فسيكون ذلك أكبر عملية نصب في التاريخ؛ لأن الشركات الفرنسية كل ما ستفعله أنها ستبلغ المنتجين المغاربة بأنها تريد إزالة وسم”صنع في المغرب” و تعويضه بوسم”صنع في فرنسا”، لأن تلك الشركات هي في الأصل استثمارات أوروبية و للمصلحة الاقتصادية يمكن تعديل الصفات التصديرية للمنتجات حسب متطلبات الزبائن.

       هذا القرار الفرنسي سيزيد من نزيف الخزينة الجزائرية و سيؤثر على احتياطي البلاد من العملة الصعبة، مع العلم أن الدينار الجزائري يواصل اندحاره أمام العملات القوية، و أيضا ارتباطا بتراجع أسعار البترول و الغاز في الأسواق الدولية، نتيجة الارتياح السائد لدى الخبراء الماليين و الطاقيين بعد وصول “ترامب” و إمكانية وقف الحروب و عودة سلاسل الإمداد إلى وضعها الطبيعي، و أيضا بسبب دخول حقول ناميبيا و غويانا الطاقية ضمن سلاسل الإمداد الدولية، مما سيتسبب في تخمة بالسوق الدولية للطاقة، هذا بالإضافة إلى تعيين الرئيس الأمريكي الجديد لعدو “الأوبك”،”كريس رايت”، على رأس وزارة الطاقة الأمريكية.

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

        

 

        

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد