النظام الجزائري يتهم فرنسا بإرسال شحنات أسلحة للرباط من أجل شن حرب على الجزائر و يتجاهل الجانب الأخطر من التسلح المغربي
بـقـلـم : بن بطوش
إذا كانت المهارة هي أن تصيب هدفا يراه الجميع صعبا، فالعبقرية هي أن تصيب هدفا لا يمكن رؤيته، و كذلك يفعل المحتل المغربي الذي يقهر فينا الأمل و يُرغمنا على تجرع الوجع، و هو يلتف حول ما نراه نحن نصرا بين أيدينا و على مرمى لمسة دبلوماسية منا، ليسلبنا إياه و يخفيه عنا إلى الأبد، و كأنه يمتلك أسرار السحر؛ إذ يجعلني هذا العدو اعتقد – في كثير من المرات- بأن دبلوماسيته تتحرك بطلاسم كتاب “شمس المعارف الكبرى” لمؤلفه الجزائري “البوني”، و أن تلك الطلاسم هي سبب كل هذا القهر الذي يسكننا، لولا أنه يوجد في الرابوني نخبة من “الهنتاتة” الفاشلين ضعاف القلوب و قليلي الحيلة تجار المنافع…، لَصَدَّقتُ أن المحتل يستعمل الروحانيات و يُسخر الأرواح في دبلوماسيته، لدرجة أن من بين عقلائنا في المهجر من أخبري ذات حوار، بأن هزائمنا نصنعها بأيدينا و بأن العدو لو أنه اخترق التنظيم السياسي لدولتنا، و حاول صناعة نخب تدمر القضية، ما حصل على مثل هذه النتائج التي تُثلج قلبه و تقهرنا.
ذلك أن تأمل الأحداث و تتبع ما يجري من تطورات بين الرابوني و قصر المرادية و الرباط…، أصبح نَمَطِيُّ الحدوث و متكرر النتائج و لا يحتاج منا إلى الاجتهاد في التحليل، خصوصا و أن الحليف الجزائري الذي كان لنا فيه من الآمال ما يراه الرضيع في والدته؛ إذ كنا و لا نزال نرى فيه أنه كل عالمنا و أن العالم من خلفه موحش و قذر…، هو نفسه أصبح سبب مخاوفنا الكبيرة، و أصبحت عثراته تربكنا و تدفعنا للتساؤل عن مصير الدولة الصحراوية… !!
و قبل كتابة هذا المقال انتظرنا طويلا و كلنا أماني بأن يرد النظام الجزائري عبر قصر المرادية أو وزارة خارجيته أو أي مسؤول دبلوماسي جزائري، في بيان غاضب أو تصريح ثوري على مندوب دولة إسرائيل في الأمم المتحدة، و الذي وصف الجزائر بدولة الشعارات و الخطابات الفارغة، و أنها لم تساعد أهل غزة و لا تستطيع التفكير في حلول لمشاكل الشعب الفلسطيني و تستمر في بيعهم الشعارات و الوهم…، و كان لنا كصحراويين أمنية أن نسمع الرئيس الجزائري أو قائد الجيش الجزائري و هو يرد على التمرين العسكري الذي نفذته الولايات المتحدة الأمريكية بطائراتها الاستراتيجية قرب مدينة الطنطان، مهد الثورة الصحراوية، لأن الإجراءات التقنية التي صاحبت التمرين كانت مستفزة للجيش الجزائري، فأثناء التحليق و حين ألقت القاذفة حمولتها المرعبة، وقع عُطل في نظام الدفاعات الجوية الجزائرية في الناحية العسكرية الثالثة ببشار و تندوف، و قال أحد الضباط الجزائريين في غرفة نقاش داخل “منتدى الدفاع العربي”، أن بطاريات S-300 المعدلة و التي تم تجديد رادارها، خرجت من الخدمة لمدة تزيد عن السبع ساعات…
هذا التطور يوصف في الحوادث العسكرية بـ “الإنذار القدراتي”، و يكون باستعراض التفوق النوعي، والمحبط أكثر ما يقوم به بعض المؤثرين الصحراويين و الجزائريين من مقارنات عسكرية، باستخدام مشاهد من الاستعراض العسكري في الجزائر لامرأة تحمل ثلاثة رجال فوق ظهرها، و جندي بدين مندفع يصدم زملائه ليطرحهم أرضا، و جندية أخرى تطوي قضيب حديد رقيق بأسنانها و قبضتيها…، بينما الرباط تجيب على رغبة الجزائر في الحرب بتسريبين؛ أولهما صورة لجندية عشرينية من جيش الاحتلال المغربي و هي تجلس أمام شاشات التحكم في ُمسيرة، و ثانيهما مشهد لسرب من المقاتلات يرافق طائرة أمريكية عملاقة، و هنا لا تستقيم المقارنات، لأن الحروب الحديثة تحسم بالتكنولوجيا التي يبدو أن الرباط تمتلك جزءا من أسرارها…، و كأن المحتل المغربي يرد على التهديدات الجزائرية، بأنه سيواجه الجيش الجزائري بجيل من شباب “البلايستايشن” و سيُورط بعض حلفائه ليجعلها حربا بين الجزائر و القوى الكبرى…، حتى أنه لن يحرك رجاله المشغلون بتجهيز البلاد للأحداث الكبرى.
لم يحدث الرد الجزائري على استعمال الجيش الأمريكي لتكنولوجيا أعمت الدفاعات الأرضية الجزائرية، و هذا يُذكرنا بالهجوم الأمريكي على قاعدة “الشعيرات” العسكرية في سوريا سنة 2017، ردا على مجزرة الجيش السوري في “خان شيخون”باستخدام أسلحة كيماوية ضد الأطفال، و خلال الهجوم الأمريكي تعطلت الدفاعات الجوية الروسية المتطورة جدا من نوع S-400، و وصلت جميع الصواريخ التي أطلقتها المدمرات الأمريكية إلى أهدافها وكانت بعدد 59 صاروخ “كروز” مجنح، و اليوم تتكرر عملية تعطيل الدفاعات ذات المنشئ الروسي و تصبح المنظومة الجزائرية دون نفع بالتزامن مع تمرين طائرةB-52 الاستراتيجية، مما يجعل الجيش الجزائري بدون دفاعات و من السهل استهداف العمق الجزائري.
لكن النظام في دولة الحليف كي يداري صمته على الاستفزاز الأمريكي و الإسرائيل، اختار تحويل أهدافه من الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل إلى فرنسا، التي اتهمها إعلاميا بتحويل “شحنات معتبرة من الأسلحة” (كما جاء في القصاصة الإخبارية) ، عبر أحد موانئها إلى الرباط لإشعال المنطقة و توريط الجيشين المغربي و الجزائري في حرب لا تبقي و لا تذر…، مع العلم أن شركة “بيكار” التركية المملوكة لـ “سلجوق بيرقدار”، زوج إبنة الرئيس التركي “الطيب رجب أردوغان”، وقعت عقود تزويد الرباط بسربين من المسيرات الهجومية؛ سرب من طراز “بيرقدار”TB-3 و سرب آخر من المسيرة الثقيلة “أكانجي”، و لم تعلق الجزائر على الصفقة التي وقعت في معرض مراكش.
و بعد وصول الرئيس “ترامب” إلى الببت الأبيض فتح الكونغرس الأمريكي ملف صفقة المسيرات المتطورة جدا من طراز MQ-9 PREDATOR و صفقة المقاتلات الثقيلة F-15EX Eagle II، لبدء سلاسل إنتاجها لصالح الجيش المغربي و هي الصفقة التي أثارت غضب مدريد، و رغم ذلك لم يعلق قصر المرادية على الصفقة التي يعرف تفاصيلها الجميع و ليست سرية…، بينما الإعلام الجزائري يقول أنه تحصل على معلومات استخباراتية تفيد بأن ” قصر الإليزيه” حول شحنة من الذخيرة و الأسلحة لدعم الرباط في شن حرب على الجزائر، و كأن قصر المرادية لديه ضمانات بأن الأسلحة الأمريكية و الإسرائيلية و التركية…، لن تشارك في المعارك، و أن الحرب ستكون حصريا بالأسلحة الفرنسية و عند نفادها سيلجئ الطرفان إلى ضربات الجزاء من أجل حسم المعركة.
هذا التقرير الصحفي الجزائري المنقول عن مصادر استخباراتية، يذكرني بالتقارير التي كان يقدمها الجيش الجزائري للرئيس التونسي “قيس السعيد” عن المؤامرات التي تحاك ضد تونس، و كان يقدمها لليبيين أيضا…، إلى أن زار الرئيس الجزائري دولة مصر و قدم طلبا رسميا إلى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” بأن يمده بمعلومات و تقارير استخباراتية عما يجري في ليبيا، و جرى نشر تلك المطالب في الإعلام الفرنسي، مما جعل الصحافة التونسية و الليبية تتهم الجزائر بالتضليل الاستخباراتي و فبركة التقارير المغلوطة و التي ما هي إلا محض توقعات و استنتاجات، و غير مبنية على معلومات دقيقة، بعد أن تبين لهم أن النظام الجزائري لو كان يعلم ما يجري في ليبيا ما طلب ذلك من مصر…
انهيار السمعة المخابراتية الجزائرية أمام الرئيس المصري جعل الرئيس التونسي”قيس سعيد” يبدو كذلك الجن الذي لبث في العذاب لعقود، رغم أن نبي الله “سليمان” فارق الحياة و ضل جسده ثابتا على منسأته التي أكلتها الأرضة…. نحن على هذا الموقع الحر نؤمن بقدرات الحليف الجزائري، و سنستمر في انتظار رد الجزائري على ما فعلته الطائرة الأمريكية في التمرين المثير للقلق، لكن ثمة قناعة بدأت تترسخ لدى الصحراويين الذين لا يخفونها في النقاشات، بأن الجزائر عسكريا تأثرت كثيرا بسبب الحرب في أوكرانيا و بسبب الخلاف مع موسكو…، و أن المحتل المغربي لديه قدرات عسكرية و تحالفات أكبر من الذي نظنه.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك