Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الفرق الأجنبية التي شاركت في عمليات الإنقاذ خلال زلزال الحوز تُعبِّر عن اندهاشها من القوة الذهنية للمغاربة وسط النكبة… !!

بـقـلـم:بن بطوش

         لعلها مرحلة مفصلية ستنبعث منها الرباط  بقوة أكبر و بسمعة أعظم، و حين قلنا  في السنتين الأخيرتين بأن مغرب ما قبل كورونا لن يكون نفسه مغرب ما بعد كورونا، اليوم نكررها في هذا المقال بأن مغرب ما قبل زلزال الحوز لن يكون نفسه بعد إعادة إعمار المناطق المنكوبة، بشهادة فرق الإغاثة و ممثلي المنظمات الدولية أنفسهم بسبب ما شاهدوه من حماس و عزيمة و تضامن و تعاون و نكران الذات، و هذا التوقع لا نسوقه- كطاقم  إعلامي صحراوي-   في مقالنا  هذا  من باب الإعجاب بحنكة نظام الاحتلال المغربي في تدبير هذه النكبة، بل على سبيل إدراك مكامن القوة لدى العدو و التخطيط لإضعافها و التحذير من المستقبل؛ لأننا جميعا كشعب صحراوي و كرأي عام و كقيادة و كجيش شعبي…، مجبرون  أن نأخذ بعين الاعتبار- في صراعنا مع النظام المغربي-  هذا التلاحم العفوي و الشعبي بين المغاربة في نكبة الحوز الذي يذكرنا بما حدث سنة 1975 خلال اجتياح أراضينا من طرف المستوطنين المغاربة.

           ويبدو اليوم أن العالم على الضفتين و بشقيه، اليميني و اليساري، الشرقي و الغربي، الشمالي و الجنوبي، الاشتراكي و الرأسمالي، العلماني و المتحفظ، المتقدم و النامي…، هذا العالم بكل تناقضاته و تناظراته، لم يعد يستطيع إخفاء إعجابه بما يجري داخل المغرب، و يؤكد أن الزلزال لم يُغيِّر شكل منطقة الحوز و لم يرفع  مستوى جبال الأطلس عن البحر بـ 20 سنتمترا (كما قال خبراء يابانيون)، بل غير وجه المنطقة المتوسطية و زاد من سمعة الرباط على المستوى الدولي؛ ذلك أن عنصران من الحماية المدنية الإسبانية ممن شاركوا في عمليات الإغاثة و الإنقاذ، و بعد عودتهما إلى الديار في مدريد، و تحت تأثير قوة ما شاهداه بأعماق الأطلس حيث الجبال لا تتوقف عن التشكل و حيث وعورة المسالك التي عقدت عمليات الإغاثة…،  قررا فتح قناتهما على منصة X و ربطها في بث مباشر مع منصات أخرى لصحفيين عالميين و نجوم رياضة، و استدعوا عدة مؤثرين و خبراء من أجل مناقشة ما أسموه:”دروس زلزال الحوز”.

         قال الإسبانيان أنهما مثل الجميع لا يزالان تحت تأثير الإبهار بسبب ما عاينوه من قوة الإنسان المغربي الذهنية و النفسية و صلابة مواقفه…، و تفهما عدم حاجة الرباط إلى المساعدات الدولية، و قالوا أن الذين قبلت سلطات المغرب بدخولهم لم يكن لأجل مد يد العون، بل من أجل التأكد و من أجل الشهادة أن السلطات  المغربية في غنى عن المساعدات، و أن تكدس فرق الإنقاذ في منطقة وعرة التضاريس سيعيق أكثر مما سيساعد،  و حتى ينقل من حضر من تلك الفرق إلى المنظمات العالمية و التمثيليات الدبلوماسية، بأن المغاربة هم من  كانوا يقدمون الدعم لفرق الإنقاذ  الأجنبية التي عانت من صعوبة المسالك، و أن أفراد العائلات الذين نجوا من الكارثة كانوا يبدون فقراء و لا يملكون شيئا، لكنهم أظهروا كرما خرافيا؛ كانوا يقدمون الوجبات تلوى الأخرى، و كان يسألون الفرق عن حاجياتهم لتوفيرها، و كانوا لا يتوقفون عن مد المرهقين من فرق الإغاثة بأكواب الماء و الحليب و الفواكه الجافة…

         و ختم الإسبانيان شهادتيهما بالقول: “نحن لم نساعدهم… ،  بل هم من ساعدونا على التشافي من أمراضنا المجتمعية في الغرب، لديهم روح قوية يصعب هزيمتها و رأينا كمّا من التضامن لا يمكن تصديقه، و شاهدنا كيف أن تلك الجبال التي قهرتنا، كانت تبدو لينة تحت أقدام عناصر الجيش المغربي، الذين كانوا أول الواصلين إلى المناطق المنكوبة و عبَّدوا المسالك أمام باقي الفرق “… و هذا الجزء الأخير  من كلام هذين الإسبانيين يذكرنا بعبارة شهيرة في التاريخ تعود لأحد قادة الجيش الألماني  خلال الحرب العالمية الثانية الذي وصف في تقريره إلى قيادته ببرلين توغل المغاربة في جبال الألزاس و اللورين  رغم صعوبة التضاريس، قائلا: “لقد سلكوا مسالكا لم تسلكها البغال…”.

         في الحقيقة أن ما قاله عنصرا الحماية المدينة الإسبانية، يشرح الكثير من المعطيات عن قوة العدو الذي نحاربه  من أجل استقلال الصحراء الغربية، و الذي استثمرت حليفتنا الجزائر أزيد من 500 مليار دولار عبر نصف قرن لأجل إضعافه، لكنه يزداد صلابة و عنادا، و حاولت قيادتنا محاربته فقرر مواجهة جيشنا بمسيرة واحدة أقرب إلى لعبة أطفال منها إلى طائرة حربية… و لا أبالغ في الوصف، و سعت فرنسا “ماكرون” إلى اختراق لحمته و شق صفه عبر خطاب بنكهة الظهير البربري، لكن رجلا من أعلى جبال الحوز أجاب ساكن الإليزيه و ذكَّره بمكانة الملك لدى الشعب المغربي، حين فاجأ صحفية كانت تصور بالصدفة بردة فعله و هويرفع صورة الملك من الركام و يعيد تثبيتها على الجدار، ثم التفت إلى من معه من الرجال و قال و هو يشير إلى الصورة:” الله يخليه لنا … گاع لا يعطينا…، حيت هو زْرَبْ لبلاد…حيِّد زْرَبْ للفيرما كيكون لخلا”….(زْرَبْ : سياج من نباتات شوكية يحيط بالحقول لحمايتها من النهب و من تسرب الدخلاء).

         السؤال اليوم الذي يطرح بغرف النقاش، هو ما سر هذه اللحمة بين المغاربة؟ و لماذا لم نجدها في الجزائر عند الكوارث؟ و لم تظهر لنا بليبيا الجريحة و لا بلبنان التي استعطفت “ماكرون” و لا يزال مينائها خرابًا إلى اليوم؟!!… و لم نسمع نظيرا لها في زلزال تركيا و سوريا…، ثم أخيرا هل نسمع يوما رجلا صحراويا في المخيمات حتى دون حصول الكارثة يضع صورة الأخ القائد أو صورة الرئيس “عبدالمجيد تبون” و يصفه بأنه “زْرَبْ لبلاد”…؟

         الجواب عثرت عليه في مشهدين متناقضين؛ الأول من نفس الجبال التي هزها الزلزال و دك أوتاد عمرانها، حيث عثرت على مقطع تسبب في خلاف بين الجزائريين و يعود لنساء مغربيات من دوار بالحوز دكه الزلزال، يحملن على ظهورهن طوب البناء و يصعدن به كمساهمة منهن في بناء مسجد يذكر فيه إسم الله،… نصف الجزائريين تهكم على النسوة و وصفهم بأقبح النعوت، و النصف الثاني كان من العقلاء الذين هاجموا المتنمرين و وصفوهم بالسفهاء، و أكدوا أن سر قوة هذا البلد في عمق عقيدته و توحد أهدافه و عزيمة أهله الفولاذية، لديهم المرأة مثل الرجل ذات عزيمة صلبة، و تقدم الدروس للخلف…

       و المشهد الثاني من مقطع أيضا تسبب في اختلافٍ بين الشعب الجزائري، و يظهر فيه الرئيس الفرنسي “ماكرون” و هو يتجول في أزقة وهران و يحظى بحب الشارع الجزائري، و ظهرت النساء الجزائريات بملاحفهن تعانقن الرئيس الفرنسي و كأنه رئيس البلاد أو أنهن رعاياه، و سجلت المقاطع أصواتهن و هن يشتكين من أوضاع الجزائر إليه، و يسألونه إطالة المقام…، أظهروا له حبا لم يغدقوه على أي رئيس جزائري منذ عهد أول حكومة جزائرية تأسست في مؤتمر الصومال سنة 1956.

          هذا الزلزال كشف عنا كصحراويين بعض الغموض، بأن نصف قرن من اللجوء و الصراع مع المحتل المغربي كانت تأثيراته علينا أكبر من تأثيراته على المجتمع المغربي الذي يزدادا تشكلا، و تزداد مؤسساته تناسقا مع بعضها، و كأنها مجسم واحد بأبعاد متراكبة و يصعب فرزها عن بعضها، بمعنى أن سنوات لجوءنا فككت مجتمعنا الصحراوي، و أن الأصل أن صفاتنا لا تختلف كثير عن صفات المغاربة  عطفا على التطور التاريخي للمنطقة و سيرورة الأحداث منذ وصول الإسلام إلى هذا الركن من العالم…، و حكمنا كرأي عام أنه  لا مستقبل لقضيتنا ما دام قادتنا يرغدون في “التهنتيت” و تعوزهم الوسيلة لصناعة مجتمع منسجم و متكامل.

         فتشكل المجتمع المغربي و تناغم مؤسساته نشرحه ببعض التفاصيل، أن ما رأيناه من تلاحم و فزعة بين المغاربة، هو في الأصل امتداد لما رأيناه في زمن وباء كورونا أو طاعون العصر، و كيف أن الرباط تفوقت على فرنسا في الإجراءات الوقائية و الصناعات المرتبطة و تأقلمت مع الوضع الوبائي و أصبح لها اقتصاد أزمة متكامل…، و شاهدنا كيف صنع مدرب منتخب المغرب في كأس العالم ملحمة عظيمة باستخدام وصفة “النية” و “البركة”، و اليوم المغاربة يستخدمون الارتباط الوجداني بينهم ليصنعوا ملحمة الحوز، و التي وصفها الرئيس الأمريكي “بايدن” في اتصال مع ملك المغرب بـ “النجاعة”…، و هذا الاتصال يحتاج لوحده صفحات من أجل شرحه و فهم سياقاته، و تلك النجاعة تلخص كل ما سبق و أوردناه في هذا المقال.

        

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد