بـقـلـم : بن بطوش
لقد أصبحت أخاف من النسخة الحالية للعروبة، و التي لا تشبه أي نسخة سابقة و قد لا تشبه أي نسخة مستقبلية؛ ذلك لأن هناك سباق تسلح إعلامي عربي مرعب داخل مجلس التعاون الخليجي، و الكثير من التدافع على تحقيق السبق بين القنوات التلفزية، تقوده “الجزيرة” بجنون يثير الذعر في النفوس، وتكاد هذه القناة القطرية تشعرنا بأنها تحصلت أخيرا على ما يُشبع ولعها بـالبث المباشر و الحي، و لم يسبق لي أن شاهدت قناة تستعرض ولعها بنكأ الجراح و تلوين المآسي بالقتامة، و تفخر بقرب مراسليها من رائحة الموت كما تفعل “الجزيرة”…، تكشف مخابئ المقاومة و تجعلهم منهم صيدا سهلا للآلة المدمرة للجيش الإسرائيلي، و يبدو أن ثمة خلية استخبار إسرائيلية تركز على كاميرات المراسلين التابعين لشبكة “الجزيرة” من أجل رصد أفراد المقاومة الفلسطينية…
و المثير أن وزير خارجية قطر أعلنها يوم الجمعة الماضية- دون تردد أو حياء- حين صرح بأن “لدى إسرائيل الحق و الواجب للدفاع عن شعبها و ضمان عدم تكرار ما حدث السبت الماضي”، و بهذا التصريح يكون الوزير القطري قد أطلق رصاصة الرحمة على التضامن العربي، و أنهي جدال كل القومجيين و العاطفيين و قارعي طبل النفير من خلف الهواتف، وهم يتشاركون تدوينات مع #فلسطين ظالمة أو مظلومة على أنغام نشيد الحلم العربي… !!
و لا أظن أن “حماس” قبل تهورها كانت تعلم بأن الجميع سيتخلى عنها، بل حتى كوادر حماس تخلوا عن “كتائب القسّام” في هذا الظرف العصيب، و قال “صالح العروري” في تصريح لـ “الجزيرة” بأن “خطة حماس لم تكن تتضمن المساس بالمدنيين العزل أو قتلهم، و أن هناك أفراد عاديون تسللوا إلى المستوطنات، و هذه ليست خطتنا و لا مبادئنا”…، هذا التخلي و العزلة التي يعيشها القطاع بعد انقضاء أسبوع كامل على عملية #طوفان_الأقصى،و تحول كفة التعاطف إلى الطرف الإسرائيلي الذي تحصل على الدعم العالمي المطلق، و أعلن عملية السيوف الحديدية، ينذر بكارثة حقيقية…
فبعد غدر طهران و “حزب الله” لحركة “حماس” و الكتائب التابعة لها، خرج الإعلام الأمريكي اليوم ليفاجئنا بأسرار أخرى أكبر من فهمنا و تحملنا و وعينا، حيث نشرت “الوول ستريت جورنال” بأن المخطط الذي نفذته “حماس” في هجومها الشامل، تم نشره على عدة مواقع رقمية إسرائيلية و أمريكية يومين قبل وقوعه، و أن من نشر خطة الهجوم هم مجموعة من القراصنة الإسرائيليين الذين اخترقوا حواسيب و هواتف قادة المقاومة الفلسطينية، و أرسلوا تلك المخططات إلى حسابات الجيش و الأمن و المخابرات الإسرائيلية و الأمريكية.
الإعلام الأمريكي أضاف أن خمس مناطيد مراقبة و تجسس، كان الجيش الإسرائيلي يعمل على تثبيتها في نقاط معينة فوق أسوار المستوطنات الفاصلة مع قطاع غزة، بها كاميرات مراقبة من تكنولوجيا فائقة التطور، و أن تلك المناطيد التي يمتلكها فقط الجيشين الإسرائيلي و الأمريكي و مستوها التكنولوجي معقد و خرافي، جرى إنزالها من طرف الإسرائيليين للصيانة قبل هجوم “حماس” بساعات، لدرجة أن علماء إسرائيل و مهندسيها عجزوا عن إعادة تشغيل تلك المناطيد بعد إنزالها، لتعقيدات خوارزمياتها و لحساسية المستشعرات التي يعمل بها النظام، و أن الأمر يتكلف به حاليا الجيش الأمريكي لإعادة تشغيلها و إدخالها إلى نظام الحماية الرقمية العالي الدقة، قبل تنفيذ خطة اجتياح #وادي_غزة… !!
وجع غزة التي تغرق منذ أسبوع في الظلام و الجوع و العطش، كاد يأخذنا من محيطنا و ينسينا هول مصائبنا، أو كما قالت العرب قديما: “من رأى مصائب غيره هانت عليه مصيبته”…، فبعد لغط طويل أفرجت الجزائر أخيرا عن موقفها النهائي من الوساطة في ملف النيجر، و أعلنت في بيان لوزارة خارجيتها أنها رسميا “أرجأت الشروع في المشاورات التحضيرية إلى حين الحصول على التوضيحات التي تراها ضرورية بشأن تفعيل الوساطة الجزائرية”، مما ينسف كل الأخبار التي جرى الترويج لها إعلاميا من طرف الحسابات الرسمية الجزائرية للخارجية الجزائرية، و حتى حسابات قصر المرادية بالمنصات الرقمية، و التي منحت جميع الوكالات الإخبارية العالمية حصريات تخص قبول المجلس الانتقالي في النيجر للوساطة الجزائرية، بناءا على خطة الستة أشهر التي أعلنها الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، و تقضي بأن تستمر المرحلة الانتقالية ستة أشهر على أن يتم اختيار شخصية مدنية لحكم البلاد أو التوافق لإعادة الشرعية للرئيس المخلوع “محمد بازوم” و فق الشروط التي يراها الإنقلابيون مناسبة.
إعلان قصر المرادية بأنه توصل بمراسلة من المجلس الانتقالي تفيد بقبول النيجر للوساطة الجزائرية و فقا لرؤية الرئيس “تبون”، أثار غضب الرئيس المؤقت في النيجر، “علي الزين” الذي دعا وزارة الخارجية بالنيجر لنشر بيان تكذيب قصر المرادية، و هو البيان الذي أصاب الجميع بالذهول، و طالبت عدة منابر دولية من قصر المرادية كشف المراسلة التي قالت الخارجية الجزائرية أنها توصلت بها من نيامي، و تضم قرار قبول النيجر للوساطة الجزائرية وفق شروط المبادرة ذات الأشهر الستة، لكن قصر المرادية و وزارة الخارجية الجزائرية لزما الصمت و اكتفيا بعدم الرد و لم يكشفا عن المراسلة، ليتبين أنها محض إدعاء من الوزير “عطّاف”، الذي ورط الرئيس الجزائري.
و بعد أيام قليلة أعلنت الخارجية الجزائرية قرارها تعليق المبادرة، و ترك ملف النيجر نهائيا…. و نحن على هذا المنبر الحر و كعادتنا بحثنا عن التفاصيل المغيبة من تصريحات و بيانات الخارجية الجزائرية، و حسب الإعلام في نيامي، فإن رئيس النيجير المؤقت، أعلن تحفظه على المبادرة برمتها، و رفض بالمطلق مهلة الستة أشهر لاستعادة المسار الدستوري بالبلاد، وبالتالي رفض أجندة غريبة على النيجريين الذين حاربوا لسنوات و ناضلوا لإسقاط التبعية المطلقة لفرنسا.
و أضاف الإعلام في النيجر بأن “علي الزين” يتوافق مع المجلس الانتقالي الذي يرى أن مدة المرحلة الانتقالية سيتم تحديدها في “منتدى وطني شامل”، و لن تكون حسب إملاءات خارجية من أي دولة، و أن الفترة الانتقالية التي تبدو قريبة للتطبيق هي مدة 3 سنوات، ستُمكن من نقل السلطة بشكل مرن و سلس من الجيش إلى النخب السياسية.
رد الولايات المتحدة الأمريكية على المبادرة الجزائرية لم يتأخر، حيث أعلنت عبر سفارتها بالنيجر، أن على أي مبادرة أن تحترم الشعب النيجيري، و أن تمر أولا عبر مجموعة “إيكواس”، و أن لا تتدخل في الشأن الداخلي للنيجر، فيما علقت “إيكواس” على المبادرة الجزائرية بأنها لغز ملغوم، و أن الجزائر بالستة أشهر تريد تنظيم انتقال للسلطة أشبه بانتخابات الجزائر الأخيرة، التي أعقبت سقوط نظام “بوتفليقة” بسبب الحراك، و أن تكون تلك الانتخابات شكلية و يجري تعيين ممثلا للجيش بثوب رجل مدني ضعيف.
موقف الإدارة الأمريكية و مجموعة “إيكواس” لغرب إفريقيا، هو ما دفع الجزائر للتخلي عن مبادرتها، و ليس ردة فعل المجلس الانتقالي للنيجر، حيث ظهرت الجزائر كمن يريد الحفاظ على مصالح القوى التقليدية بالمنطقة، و إعادة نفوذ فرنسا إلى وضعها الطبيعي، خصوصا و أن أمريكا تفاعلت سلبا مع المبادرة الجزائرية، بناءا على رصدها لتحركات مشبوهة من الدبلوماسيين الجزائريين داخل إفريقيا لإعادة الارتباط مع المصالح الفرنسية في العمق الإفريقي، تجنبا لأي تقارب فرنسي مع الرباط، و أيضا محاولة لربح موقف باريس خلال أكتوبر بمجلس الأمن بخصوص القضية الصحراوية، بعد الإشارات التي قدمها الإعلام الفرنسي الرسمي بنشر خارطة المحتل المغربي تضم الصحراء الغربية المحتلة.
موقف الأمريكيين ضد الجزائر يأتي كذلك للرد على الزيارة التي قام بها جنرال “يوم القيامة” الروسي إلى الجزائر، و الذي تسلم رئاسة قوات “الفاغنر” الروسية، إذ حل بالجزائر من أجل دفع قصر المرادية لإعادة فتح باب التعاون مع مجموعة المرتزقة الروس الدمويين، و منح فرقها دعما خلفيا و ممرا آمنا عند اشتداد الحصار و المعارك بمالي، و أيضا لضمان حصول المقاتلين الروس على الذخيرة و المحروقات، بعدما فقدت العديد من عناصرها في الحرب الدائرة بين الأزواد و الحكومة المالية، و تسببت لها عمليات الأزواديين في إسقاط العديد من طائراتها.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة