الخبث الفرنسي يعصر حقده في الإعلام، “le point” تفتح ملف نضال شعب لقبايل، و “le monde” تعرض تحقيقا من ستة اجزاء على صحة ملك المغرب
بـقـلـم:بن بطوش
يقول المثل البريطاني أن الكلاب لا تنبح على من يطعمها، و يؤسفني كثيرا أن أصف الصحافة الفرنسية التي تستأجر أقلامها لمن يطعمها و يكنز في حساباتها الأرقام بذات الوصف، مثلما يحزنني أن أرى وطنا مثل مكة الثوار يتدافع مواطنيه للركوب في حافلات الموت التي تنفجر إطاراتها لأن البلاد ترفض منح رخص الاستيراد، و لم تؤسس لصناعة الإطارات رغم وفرة المواد الأولية و اليد العاملة…، فيما رؤوس الأموال و عائدات المحروقات و ثروات البلاد هي خالصة للقضايا التي لا تعني المواطن البسيط في الجزائر و لا تخصه لا من قريب و لا من بعيد… !!، لكن النظام يرى في تلك القضايا وجوده و امتدادا لمشاعره واستراتيجياته و سياسته.
هذا الكلام الذي جعلته مدخلا لمقالنا اليوم، هو لصحفي جزائري أرسل لي دعوة على منصة للحوار كي أحضر نقاشا مغلقا للنخبة الإعلامية الحرة، من أجل تفكيك الملف الإعلامي الفرنسي الذي قرر فجأة فتح قضية لقبايل و طرح نضال الشعب الأمازيغي الجزائري لبث الفرقة بين الشعب الجزائري و تحريك النعرات في الجبال بين الغاضبين الذين يسهل تضليلهم، و كذلك لمناقشة التحقيق الذي نشرت صحيفة “le monde” اليسارية جزأه الأول، لمناقشة قضية صحة ملك المغرب، في وقت تغرق فيه فرنسا في القذارة بسبب الإضرابات، و تنتشر فيه الجرذان في الأحياء بسبب غياب الصيانة في البنية التحتية، و يعيش الرئيس “ماكرون” واحدة من أصعب فتراته السياسية، نتيجة محاولات حجب الثقة عنه في ملف فقدان فرنسا مناجم اليورانيوم بالنيجر التي استحوذت عليها موسكو “بوتين”.
مشاركتي في الحوار كانت بإعتباري أمثل الطرف الرابع الذي قد يكون مستفيدا من الوضع الخلافي بين الرباط و الجزائر و فرنسا…، و كان القياس أن أدافع على حق الشعب لقبايلي في النضال ما دمت أحد الأقلام التي تدافع عن حقوق الشعب الصحراوي في التحرر و تقرير المصير، لكن السياقات جعلتني أدافع عن وحدة التراب الجزائري ضد الخط التحريري لمنصتنا الحرة، لأن فرنسا الخبيثة تحرك أذرعها الإعلامية لإغضاب الشعب الجزائري، و تسميم العلاقة بين قصر المرادية و الرأي العام بالشارع.
المشكلة أن النظام الجزائري أو حكومة الظل في الجزائر ابتلعت الطعم، بسبب ضعف الأجهزة السرية الجزائرية التي لا تستطيع فهم لعبة التحول الإعلامي و توجيه الرأي العام، و ضعف تلك الأجهزة يجعل النظام الجزائري يعتمد على تقارير مخابراتية مبنية على الحدس و التحليل الأعمى، بمعنى أن الحليف يظن بأن جريدة “le point” تتحدث باسم الرباط، و أن المحتل من يحرك الأقلام في هذه الجريدة و يدفع لها لتكتب عن حقوق شعب لقبايل، حتى يضغط على قصر المرادية بسبب ملف جبروت، الذي أصبح مكشوفا أمام العالم و أصبح الجميع يعرف أن النظام الجزائري الذي كان يستعين بعدد من القراصنة ممن حصلوا على بضعة وثائق من الأرشيف المتاح الخاص بالمحافظة العقارية، أصبح اليوم يرصد أموالا هائلة لشراء أي أرشيف من أي مسؤول من دولة الاحتلال المغربي، مطرود من الإدارة و إن كان مفبركا.
قصر المرادية سبق له و أن جرب نفس الوصفة في تقليد لحكومة الظل الفرنسية، التي كانت قد نشرت قبل سنوات غسيل وزارة الخارجية المغربية بعد اختراق البريد الإلكتروني لدبلوماسية مغربية “مباركة بوعيدة” في عهد الرئيس “فرانسوا هلاند” الاشتراكي- اليساري المقرب من قصر المرادية، و كانت التسريبات تنشر في حساب على منصة تويتر تحت إسم “كريس كولمان”، حينما كانت العلاقات المغربية – الفرنسية تمر من أزمة حقيقية، و اليوم بنفس الأسلوب يجيش قصر المرادية الصحفيين كالإعلامي الإسباني المرتزق “سمبريروإغناسيو” و الفرنسيان “إريك لوران” و “كاترين غراسييه” ليس لنشر التسريبات و لكن للإضرار بصورة النظام المغربي…
و إصرار الحليف على تكرار نفس التجربة التي لم تحقق أي تأثير و لم تجعل فرنسا تحصل على أي تنازلات من النظام المغربي، يؤكد إفلاس النخب الجزائرية و عجزها في الإضرار بالنخب المغربية، رغم أن الاستراتيجية الإعلامية الجزائرية مبنية هذه المرة على فتح جبهات عديدة و استهداف شخصية الملك و ولي عهده بعد الفشل في التشكيك في الأجهزة السرية، حيث نشر جبروت معطيات من قصص ألف ليلة و ليلة، تتحدث عن محاولة العبث بهرمونات ولي العهد للتحكم به عن بعد… !!، صدقوني أن هذه القصاصة أقنع بها رجل يحمل إسم “المهدي الحيجاوي” كبار القادة في الأجهزة السرية بالجزائر و تحصل بموجبها على أموال طائلة، و شخص هو فار من القضاء في دولة الاحتلال المغربي و نجح في تضليل الأجهزة الجزائرية، بعد أن قدم نفسه لهم على أنه الرجل الثاني في جهاز المديرية العامة للأبحاث و المستندات DGED، فيما الجميع بإستثناء الأجهزة السرية الجزائرية يعرفونه كمنتحل صفة و كرجل يمتهن النصب و الإحتيال الدولي، و سبق للسلطات الفرنسية و الإسبانية أن رفضوا التعامل معه بعد اكتشافهم تناقضات رواياته و عدم مطابقة ادعاءاته مع المعطيات المخابراتية التي يتوفرون عليها…، فيما أوكل النظام الجزائري مهمة مهاجمة ملك المغرب بشكل مباشر للإعلام الفرنسي ضنا من قصر المرادية أن التحقيق أو بضع مقالات قد تسبب شرخا في العلاقات بين باريس و الرباط، و لأن الصحافة الفرنسية تعرف خطورة الخطوة، فهي لم تقدم أي معطيات جديدة غير أنها تحدثت عن الوعكات الصحية التي مر منها ملك المغرب.
و كان القياس أن تنشر جريدة “LE MONDE” تحقيقا يحترم القارئ و يتضمن معطيات غير متوفرة في المنصات و لم تسبق إليها أي من وكالات الأنباء، لكن تبين أن الجعجعة الإعلامية للصحيفة لم تخرج أي طحن و أن التحقيق ولد أضعف و أصغر من الفأر، خصوصا و أنه كرر و أعاد نشر ما كان القصر في الرباط يخبر به الرأي العام الداخلي في المغرب، و البلاغات التي كانت تتحدث عن وعكات الملك، و التي ليست سرا و يتم الإعلان عنها و عن فترات و مكان العلاج و النقاهة بشكل لا لبس فيه، و كان بين الفينة و الأخرى يظهر الملك في وضع صحي يشرح الحالة التي تم إبلاغ الرأي العام بها.
دافعنا لهذا المقال ليس غيرتنا على النظام المغربي و لا نتمسح بأعتاب دولة الاحتلال، بقدر ما هو محاولة منا لتقديم ورقة استشارية إلى قصر المردية، نخبرهم فيها أنهم يكررون نفس التجربة بأخطائها التي لم تمنح مكة الثوار غير المزيد من العزلة و العداوات…، و أن ما يعكف عليه أصحاب القرار في دولة الحليف و ما ينفقه من أموال لأجل نشر مقال أو محظ تحقيق يجتر المعطيات التي يسهل علينا جميعا الاطلاع عليها بنقرة من فأرة الحاسوب، أو ببضع لمسات على شاشة هاتف ذكي، كان من الأرجح أن ينفق على العمل الدبلوماسي لوقف النزيف الذي تعانيه القضية الصحراوية، أو لشراء ذمم النواب الفرنسيين من أجل تحقيق النصاب و حجب الثقة على الرئيس الفرنسي داخل البرلمان الفرنسي…، لكن الأوان قد فات و نحن على مرمى قرار من أكتوبر، و لو أن الجزائر جمعت الأموال التي تم إنفاقها على الإعلاميين الأوروبيين من أجل الإضرار بسمعة الرباط، لنجحت في إدخار رقم يسمح لقصر المرادية بشراء نصف الأحزاب المكونة لحكومة باريس، و لكن الجماعة في نادي الصنوبر يفضلون التصرف بردّات الفعل – الانفعالية جدا، و عدم الاهتمام بوضع خطط إستراتيجية، و النتيجة أن الحليف يعيش أزمة قرار حقيقية بعد إختفاء الرئيس “عبد المجيد تبون”، و خطته البديلة خلق أزمة جديدة.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك