النظام الجزائري يجد نفسه معزولا في مواجهة الضغوطات الأمريكية بعد أن فقد الدعم الفرنسي و الروسي و الصيني
بـقـلـم: بن بطوش
ثمة مثل صيني يقول أن “من يريد أن يُحرّك الجبل عليه أن يبدأ أولا بحمل الحجارة الصغيرة”… !!، و نحن نقيس على هذه الحكمة كي نفهم أن المحتل المغربي حين كان ينتزع المواقف المؤيدة له من دول إفريقية صغيرة لا وزن لها، و حين كان يفتح قلاع الفكر الشيوعي في أمريكا اللاتينية، رغم بعد المسافة، و يجفف من حولنا قناعات الدول بأن للشعب الصحراوي قضية مشروعة…، حينها كانت صحافة تلميع الأحذية في الرابوني و تلك التي نبثت كالفطر زمن ” عمر بولسان” في مدن الصحراء المحتلة، تقول بأن تلك الدول مجهرية و أن تنصلها من أي التزام مع قضيتنا أو اعترافها للمحتل بسلطته على الصحراء الغربية هو “لا حدث”، و حين يعتبر الحليف الجزائري بأن مسألة فتح القنصليات بمدن الصحراء الغربية هو “فلكلور دبلوماسي” ثم يصدر “الهنتاتة” بياناتهم الغريبة التي تتحدث عن تقرير المصير و الشرعية الدولية و فيها يخبروننا بأن الدولة الصحراوية واقع لا يحتاج إلى تأكيد… !!، عندها لم نستجب –كموقع إعلامي حر- لدعوات التخوين، وكنا نصر على القول بأن تلك الاعترافات قد تكبر ككرة ثلج لتدهس قضيتنا…، حتى سمعنا أمريكا تعلن اعترافها للرباط بسلطتها على الصحراء الغربية، و مع ذلك رد “الهنتاتة” مشفوعين بنعيق الصحافة الصفراء في الرابوني و الجزائر، أن الإعتراف الأمريكي مجرد تغريدة لـ “ترامب” على منصة “تويتر”.
اليوم أصبح الاعتراف الأمريكي هو مشروع قرار في مجلس الأمن… تخيل معي أيها القارئ الكريم حجم الكارثة؟ !!!، بعد أن عممت الولايات المتحدة الأمريكية نصه باللون الأزرق، و هو لون الحسم في القضايا المصيرية بمجلس الأمن و يعني أن المسودة تحولت إلى مشروع قرار و أن النقاش حولها قد حُسم…، و أنه بعد حوالي بضعة أيام من الآن سنكون على موعد مع النكبة الكبرى… !!، و المهين أن النقاش حول المسودة بين الخمس الكبار الحاملين لـ “الفيتو”، لم يكن حول حقوق الشعب الصحراوي أو عن السبب الذي دفع بريطانيا و أمريكا و فرنسا إلى إسقاط الاستفتاء كآلية لتقرير المصير، و لا عن سبب السعي الأمريكي للحسم في هذا النزاع الذي عمر نصف قرن…، بل كان النقاش عن المهلة التي سيخصصها مجلس الأمن للحليف الجزائري و الدولة الصحراوية للقبول بالمخطط، إذ أجمعت الدول الخمسة – حسب بعض التسريبات- على تقليص المدة من ثلاثة أشهر إلى ستة أسابيع… !!
و القياس أن تضغط الجزائر بكل وزنها على الشركات الأمريكية التي فوتت لها ثروات البلاد قبل أسابيع من اليوم في صفقة صداقة مجانية، لكي تغير قرار الإدارة الأمريكية، أو أن يسارع وزير الخارجية، “أحمد عطاف“، باستدعاء مجموعة BGR الضاغطة و التي تبتلع كل شهر ملايين الدولارات لخدمة الأجندة الجزائرية لعلها تستطيع شيئا…، و لكن قصر المرادية يبدو مقيد الإرادة و كأنه في موقف المثل الروسي الذي يقول: “لا تُخبر التمساح أنه قبيح قبل أن تعبر النهر”،… و النظام الجزائري يعرف أن الأمور من الصعب أن يتم إصلاحها حاليا؛ لأن أمريكا حين توصلت بتقارير سفارتها بالجزائر، تصرفت بعنف دبلوماسي غير متوقع مع قصر المرادية، و كان صقورها وراء إعلان “فرحات مهني” من باريس أن المؤتمر الاستثنائي لحركة “الماك”، المنعقد في باريس مساء الأحد 19 أكتوبر2025، صوّت بالإجماع لصالح خيار استقلال منطقة لقبايل عن الجزائر، مؤكدا أن الإعلان الرسمي عن قيام “دولة القبائل المستقلة و الحرة” سيتم بتاريخ 14 ديسمبر 5202، عند الساعة السادسة وسبع وخمسين دقيقة مساء…، و بالتالي دخول الملف القبايلي رسميا للجنة الرابعة بالأمم المتحدة، و إذا أرادت الجزائر عدم حصول هذه الكارثة – أو على الأقل تأجيل حدوثها- فما عليها غير القبول و الضغط على قيادتنا الصحراوية للقبول بقرارات مجلس الأمن التي سيصوت عليها بتاريخ 30 أكتوبر.
القضية لا تتوقف هنا، فثمة أخبار خطيرة سربتها الصفحات المظلمة للإعلام الروسي و نشرتها أحد قنوات “تيلغرام”، تفيد أن الدول الخمسة لمجلس الأمن على توافق بأن الدولة الجزائرية يجب تحويلها إلى فيدرالية من خمسة مناطق، و كل جزء من جهاتها يجب أن يتمتع بالحكم الذاتي الموسع، لتسهيل مراقبة هذا البلد الذي بدأ يميل ليتحول إلى إيران جديدة بشمال إفريقيا أو كوريا شمالية جديدة حسب التقارير الفرنسية، و أنه في حال تحقق الأمر و تم رفض مخطط الحكم الذاتي للجهات الجزائرية فستتحول أرض اللجوء بتندوف إلى وطن للشعب الصحراوي يقام فيه الحكم الذاتي،… و هذا التسريب – حتى الآن- لا أحد يستطيع الطعن فيه أو تأكيده أو تفنيده، لكن الثابت و الأكيد أن الحكم الذاتي للصحراء الغربية أصبح مقابل الوحدة الترابية للجزائر، و الحليف أمام قرار صعب و في طريقه لتنفيذ مغامرة غير مسبوقة.
إعلان لقبايل ليس الاستفزاز الوحيد الذي يقع فوق التراب الفرنسي و الموجه للحليف الجزائري، و إن كان بمبادرة أمريكية، بل أيضا إعلان مجلس الشيوخ الفرنسي عن احتفائه بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المغربية، و هي ذكرى الوجع الصحراوي و سلب حقوقنا في الحصول على وطن،…. و مجلس الشيوخ الفرنسي لا يحتفي بهذه الذكرى لإزعاج القيادة الصحراوية أو لدعم الرباط، بل نكاية في قصر المرادية و ردا على التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري الذي تحدى فيها الاعتراف الفرنسي بسلطة الرباط على الصحراء الغربية.
و حتى الإعلام الفرنسي ينفخ في نار ما يجري من تحولات على مستوى مجلس الأمن، و يصف القرار بالنكبة الكبرى و الهزيمة السياسية و الدبلوماسية للجزائر التي أنفقت – حسب باريس – أزيد من 1000 مليار دولار على مسافة نصف قرن لمنع الرباط من الوصول إلى عمقها الإستراتيجي– الإفريقي، و يضيف الإعلام الفرنسي بأن هذا الإخفاق ليس تعثرا بل هو هزيمة نتيجة ضعف النخب الجزائرية، و هو خلاصة غياب التخطيط و عدم وجود بنية حقيقة للدولة التي تعتمد على قرارات قيادات الجيش.
ما جاء في الإعلام الفرنسي أكده مؤسس “حزب التجديد” الجزائري و وزير التجارة السابق “نور الدين بوكروح”، الذي تحدث عن اللحظات الأخيرة لمشروع الدولة الصحراوية، عبر إحدى المنصات الاجتماعية، و قال في تحليله لما يجري أن الرباط حسمت قضية الصحراء لصالحها و أن ما بقي بين يدي قيادتنا الصحراوية ليس خيارا بين الحكم الذاتي و الاستقلال، بل هو خيار بين الحكم الذاتي أو قوائم الإرهاب، و بين المشروع المغربي و اللاشيئ.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك