مجلس الأمن يستعد لتقليص بعثة “المينورسو” و تغيير مهمتها.. و الجزائر تتودد لروسيا بصفقات عسكرية من أجل القضية الصحراوية
بـقـلـم : بن بطوش
مرة أخرى تضطرنا النوازل الصحفية إلى تحريف المقال الذي كان مخصصا لمناقشة الإهانات التي وجهها الرئيس الجزائري في خطابه بمقر وزارة الدفاع الجزائرية إلى الشعب الجزائري، و أن نضم إلى ذلك الأسلوب الذي اتبعه النظام المخزني لاحتواء احتجاجات حركة 212 GEN-Z، و كيف أن ملك المغرب وجه خطابا جراحيا و ثوريا حمّل فيه المسؤولية لبرلمانيي البلاد و للأحزاب للقيام بالمهام المنوطة بهم في الدفاع عن قضايا البلاد و في العمل على القضاء على الفوارق المجالية و الاجتماعية والاقتصادية، مستشهدا في ختامه بالآية الكريمة: “ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”،… و كان لنا أن نضيف إلى هذه الأحداث كيف حُرِم الرئيس الأمريكي “ترامب” من جائزة نوبل للسلام؟، و نختمها بفشل تونس “قيس سعيد” في المخطط الذي خرج إلى العلن، و الذي كان الهدف منه استغلال الحراك الشبابي الذي يعرفه المغرب لإقناع الشركات المستثمرة في المغرب من تحويل استثماراتها إلى تونس.
لكننا سنؤجل هذه المواضيع و سننذر مقدمة هذا المقال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لأنه آن لنا أن نفرح لهذا الشعب الكريم المهان و المختطف و المحجور عليه…، بأن أصبح بإمكانه أن يستيقظ صباحا على صوت المنبه و ليس على صوت الانفجارات و إطلاق القذائف و انهيارات المباني و صافرات الإنذار و صراخ الأمهات الثكلى و أضواء سيارات الإسعاف…، فرحُنا بهذا السلام لا يقل عن فرحة الإنسان الغزاوي، و إن عكره خبر وفاة ثلاث دبلوماسيين قطريين في حادثة سير غامضة و غريبة…، و هم في اتجاه منتجع شرم الشيخ على طريق الطور لحضور لقاء التوقيع على الاتفاق، الذي حضر مراسيمه الرئيس الأمريكي، و لا أحد حتى الآن يعلم إن هي حادثة سير بريئة؟ أم اغتيال سياسي لتحذير القيادة القطرية؟ أم أن القيادة القطرية هي من طلبت ذلك للتخلص من الدبلوماسيين الذين يضغطون على الأمير “تميم” لعدم الموافقة على الاتفاق و الانسحاب منه في اللحظات الأخيرة… !!
و قبيل الإعلان الرسمي عن توقيع الاتفاق بين الأطراف (“حماس”، و إسرائيل و السلطة الفلسطينية و مصر و الأردن)، بدأت الصفحات القومجية و الإخونجية في الترويج لانتصار حركة “حماس”، و بدأ الإعداد للمناظرات و الأناشيد العروبية…، دون أي احترام لأرواح الشهداء الذين بلغ عددهم 79220، بينهم 18 ألف طفل و 14200 امرأة، بينما عدد المفقودين تجاوز الـ 14 ألف، فيما أصبحت أحياء القطاع غير صالحة للعيش و مدمرة عن آخرها… فإن كان هذا هو مفهوم النصر في قاموس القومجيين و الإخونجيين…. فلا بارك الله فيه.
قمة السلام في شرم الشيخ سيغيب عنها ممثلو دولة الجزائر، و هذا الغياب مؤسف للغاية؛ لأن الجزائر كانت دوما إلى جانب الفلسطينيين و إن كان الإعلام العربي يرى أن هذا الدعم شفويا و مجرد عنتريات و لا يُترجم بأفعال على أرض الواقع، إلا أن تجاهل رئيس المكتب السياسي لـ “حماس” الدكتور “خليل الحية”، للجزائر في كلمته و هو يشكر الدول التي ساهمت في السلام، يؤكد أن لا أحد بمن فيهم قيادات الحركة يرغب في أن تلعب الجزائر أي دور في هذا الملف، و يؤكد أن الدول العربية و حتى الغربية ترى في الجزائر أداة لتقويض فرص السلام بالمنطقة و ليست مصدر لتحقيقه.
نترك فرحة السلام في غزة و نفتح جراح القضية الصحراوية و خطاب الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” الذي صرح خلال الاجتماع الذي ترأسه بمقر وزارة الدفاع، بأنه يدعم القضية الصحراوية و لن يتخلى عن الشعب الصحراوي حتى تنظيم الاستفتاء، متناسيا بأن القوى العالمية قررت فعلا إلغاء خيار الاستفتاء، و أن قرار مجلس الأمن جاهز و لا ينتظر غير التصويت، بعد أن تم تقزيم تواجد بعثة “المينورسو” إلى مركزين، بدعوى ضعف التمويل، و كان القياس أن تعلن الجزائر توفير السيولة للبعثة حتى لا يبقى أمام المنتظم الدولي أي ذريعة لبداية تفكيك هذه البعثة التي بزوالها سينتهي خيار الاستفتاء تماما، و بعد تقليص مراكزها – تقول بعض المصادر المطلعة- سيتم تغيير مهامها نحو الإشراف على تنزيل مقتضيات الحكم الذاتي، الذي أعلن الاحتلال المغربي أنه أنهى صياغة نسخته التطبيقية برعاية خبراء دوليين، و أن الصيغة النهائية تحمي – حسب الرواية الصحفية الفرنسية -، حقوق الشعب الصحراوي في العودة للعيش في مدن الصحراء الغربية.
الحليف الجزائري في ردة فعله الغريبة فضل خطة مغايرة، و هي الخطة الكلاسيكية التي أثبتت فشلها، حيث أعلنت مجلة التسليح الدولية بأن الجيش الجزائري أبلغ روسيا أنه يجهز عرضا من 10 ملايير دولار لشراء غواصات و قطع غيار بحرية و فرقاطات و طائرات الجيل الخامس الروسية التي لم تجرب بعد في أي حرب…، و أن المقابل لإتمام الصفقة هو استخدام “الفيتو” الروسي لإجهاض أي مشروع أمريكي أو فرنسي أو بريطاني لفرض خطة الحكم الذاتي في ملف الصحراء الغربية، لكن الرباط بادرت بـ “كونطرخطة”، إذ حسمت قصة “الفيتو” الروسي حين رفضت التصويت داخل مجلس الأمن على مقترح يهدف إلى تمديد ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بمراقبة وضع حقوق الإنسان في روسيا لمدة سنة إضافية، و جاء امتناع الرباط في إطار صفقة مع روسيا تقضي بعدم استخدام الروس لـ “الفيتو” ضد أي مشروع قرار في ملف الصحراء الغربية يصب في مصلحة الرباط، و لذلك تفاجئنا بخطاب جديد لوزير خارجية موسكو يؤكد فيه بأن الحكم الذاتي شكل من أشكال تقرير المصير، و بالتالي تحولت الصفقة العسكرية الجزائرية إلى مجرد دعم مالي جزائري سيضخ في البنوك الروسية بشكل مجاني، و سيزيد من نقمة الدول الأوروبية و أمريكا على قصر المرادية، مع العلم أن المصانع الروسية تعاني منذ سنة من مشاكل تأخر سلاسل الإنتاج، و تباطؤ التصدير و صعوبات من في تلبية الطلبات بسبب تبعات الحرب و ارتفاع طلبيات الجيش الروسي الذي له الأولوية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك