Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

”ريان” ….الملاك الذي حرّك الإنسانية في قلوب البشرية جمعاء و زرع الحب و أحرج الحدود المغلقة…!!!

بـقـلـم : بن بطوش

      إذا كان  جواز السفر الأمريكي يحمل عبارة: “حامل هذا الجواز تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية فوق أي ارض وتحت أي سماء”، و في الجواز البريطاني : “ستدافع المملكة المتحدة عن حامل هذا الجواز حتى أخر جندي على أراضيها”، والجواز الكندي: “سنحرك أسطولنا من أجلك”، فيحق لأشقائنا المغاربة الافتخار  بأن جواز سفرهم بات يحمل ضمنيا أمام  العالم  بأن بلادهم ستزيل الجبال لأجل حامله…

      بعد هذه التوطئة أيها القارئ الكريم، أسألك أن تغمد لسانك و أن لا تطعن خطنا التحريري بخنجر الخيانة، فأنا لا أحابي في هذا الكلام نظام المحتل المغربي و لا أزايد على القضية الصحراوية، و ما كنت يوما لأفعلها، و لكنني لا أزال على قيد الإنسانية و رسالتي كصحفي أن أقدم لك أيها القارئ مادة إعلامية نقية و طاهرة تفيض منها الرمزية الكونية الموحدة للقلوب؛ فقد كانت أياما خمسة لطفل بعمر السنوات الخمسة…، مرت طويلة و موجعة و مؤلمة، و ضع فيها العالم الأيادي على القلوب و تضرعت البشرية للمولى من كل الأديان و في كل الزوايا من العالم…. الجميع صلى و ابتهل كي ينجي الطفل المغربي “ريان” الذي  مات داخل جوف الأرض، بعدما ابتلعه بئر بعمق 32 مترا …

      كانت حادثة تكفي لتترك لنا مئات العبر  و الدروس التي تستشعر و يصعب التعبير عنها بعبارات أدبية، و أرى أنها المرة الأولى التي أفشل في صياغة مقال إنساني، رغم وفرة المادة الإعلامية، فقد أفسدت الصراعات لغتنا و قلوبنا، و أخبار الفشل و الوجع و الشهداء و مواراة الأبدان التراب في المخيمات جعلتنا نأنس بحديث الموت و لغة الانتقاد…، لهذا نحن نحتاج للتأمل في رمزية مأساة الطفل “ريان”، من أجل تصحيح مسار القلوب، و نحن ملزمون بأن ننعيه بمقال يليق و صمود “ملاك الإنسانية”، لأنها كانت خمسة أيام لن تنساها البشرية…، قضى دقائقها الطوال بجسده الصغير و الضعيف، في حفرة باردة و قاسية بعيدا عن دفئ الأسرة و أحضان والديه.

     هي المرة الأولى في تاريخ البشرية، التي توحدت فيها الأدعية داخل المساجد و الكنائس و الأحبار…، حتى داخل معابد البوذية و الشينتو و الكونفوشيوسية… تذرع و ابتهل المريدون لإنقاذ الطفل “ريان”، لقد وحدت مأساة هذا الصغير كل الأجناس عن بكرتهم، بكى الأئمة على المنابر في بلاد الحليف الجزائري، و رفع شيخ الأزهر من مصر الدعاء بحرقة و إيمان من أجل نجاته، صلى لأجله الفلسطينيون في مسجد قبة الصخرة، و شاهدنا بابا الفاتيكان و قد أعتلى نافذة الكتدرائية و أمامه الحشود التي حجت إليه تدعوه لإقامة قداس من أجل الصغير اليائس في ظلمات البئر….

      شاهدنا صور السود الأمريكيين يغنون ترانيم الكنيسة تضرعا للمولى، شاعت مشاهد صلوات اليهود على حائط المبكي و هم يحملون صور البريء “ريان” كل القنوات و الصفحات، و دَوَّن رؤساء الدول و الحكومات و المنظمات تعاطفا مع أسرة الصبي، حتى الأطفال اللاجئون من سوريا و اليمن و العراق…، رفعوا لافتات الدعاء لـ “ريّان” كانت أياما خمسة قاسية على شياطين الإنس و الجن، لأن منسوب الإيمان في القلوب و كمية الدعوات التي صعدت إلى السماء حولت هذا الكوكب إلى جنة للرحمة.

        نستفيض في الحديث عن الرمزية و نبدأ من تدوينة مواطن صحراوي ممن لا زالوا يحملون الفطرة السليمة تخفق بين ضلوعهم تدوينة تحت عنوان: “هذه هي الدولة التي يحلم بها كل إنسان”…، حتى لا تحرف العبارة و يشيح الفهم عن مغزاها…، نقول أننا هنا لا نناقش المواقف السياسية و لا ينبغي لنا ذلك لأن مقام النقاش له رهبة أكبر، و نبحث فقط عن الرمزية الإنسانية.

       و مثلما يقول المثل “أنا أشير إلى القمر و الأحمق ينظر إلى أصبعي”، ففي الوقت الذي يلهث فيها العالم عن بكرته بحياة الطفل لإنقاذه، نعقت مستشارة الأخ القائد “النانة لبات الرشيد” بتدوينة تعكس مدى قبح قلبها و قتامة مشاعرها، و استغرب القريب قبل البعيد عدم تدخل أي جهة لثنيها على ارتكاب هذه الـ “فضاحة”، و منعها من محاولتها استغلال مأساة طفل لتثبت أمرا ما كانت لتدون حوله لولا شكوكها و ضعف إيمانها به، أرادت أن تحول مأساة الطفل إلى غنيمة صراع، فقط لأن رجلا خمسينيا ببشرة سمراء قيل عنه بأنه “صحراوي” تطوع غير أبه بإنجرافات التربة لأجل طعن خاصرة الجبل بأزميله، و كي يشق طريقا للصبي العالق في جوفه…

      قالت “النانة” بأن  مجرد تقديمه في الإعلام المغربي بـ “الصحراوي” يكفي للاعتراف بأن المغاربة يعترفون بأنها جنسية، و أن الرجل جاء كبطل خارق في رحلة طويلة من قلب الصحراء الغربية، و لم  تكلف نفسها الاستفسار  لتفهم بأن المغاربة يطلقون لقب الصحراوي على كل شخص يعيش في بيئة صحراوية،  سواء أكان من الصحراء الغربية أو الشرقية و غالبا ما يقصدون بهذا اللقب سكان ورزازات و الراشيدية و زاكورة و طاطا  من ذوي البشرة السمراء.

      ما حصل مع “النانة” هو نفس الأمر  الذي حصل سابقا مع وكالة الأنباء الجزائرية عندما وقع لها خلط بين الصحراء الغربية المصرية و الصحراء الغربية موضوع النزاع مع المحتل المغربي،  و لذلك فقد بهتت “النانة”  بعد أن شهد العالم البطاقة الشخصية  لذلك “الصحراوي” و تأكدوا أنه من مدينة “الراشيدية” التي تقع خارج نفوذ الصحراء الغربية، ثم متى كان “الصحراويون” من بني جلدتنا يشتغلون في حفر الآبار !!؟ … فالإنسان الذي يعيش في بيئة صحراوية يحب أن يطلق عليه  لقب “الصحراوي” فخرا بأصله و قدرته على التحمل، …، غباء “النانة” المركب ظهر بشكل أكبر بعد إزالتها للتدوينة.

      لازال ِقرَابُ المأساة يفيض بالرمزية علينا، و هنا نحن في حاجة لفهم الأسباب التي جعلت الطفل “ريان” يصبح فردا داخل كل الأسر عبر العالم، لقد تبنته كل المجتمعات دون وعي منها و حبا في الإنسانية، و علينا أن نفهم أيضا كيف أن هذا الطفل قدم لبلاده ما لم يقدمه جيوش الرياضيين و الصحفيين و السياح…، فقد أصبح المغرب يعرفه حتى الأطفال، بينما عجزت قيادتنا  بالرابوني عن إقناع صحراويي الأراضي المحتلة، بأن هناك حربا و هناك شهداء يسقطون كل يوم في الأراضي المحرمة…،  ليطرح السؤال : لماذا عجز إعلامنا في الترويج لحرب لأكثر من سنة  و نجح إعلامهم في حشد العالم من أجل طفل…؟

      الجواب بسيط لأن الأمر متعلق بصدق النوايا، فهم لم يفكروا في المتاجرة بمأساة هذا الطفل، بل انشغلوا بإنقاذه فهب العالم لمساندتهم و الدعاء لهم، بدأ من الشعب الجزائري الذي أطلق شعار “عفوا كأس إفريقيا لن نشجع فرق كرة القدم، نحن منشغلون بتشجيع فريق الإنقاذ الذي أزال جبلا من أجل ريان”، حتى منابر الجزائر التي دعت يوما على جارها الغربي، أمضت الأيام الخمس تدعو للطفل و لفرق الإنقاذ، بل  حتى النظام الجزائري الذي لم يدون لأجل الطفل سمح للمنابر الجزائرية بمشاركة المغاربة مأساتهم…، لذلك شاهدنا جميعا كيف أن نظام الرباط وفر كل ما يمكن من أجل إنقاذ طفل في داخل بئر بعمق الجبال…

      و  رغم وفاة الطفل فقد كان الجزاء بقدر السعي و العزيمة، و عاش العالم ليالي بيضاء ينتظر الفرج تعاطفا مع المغرب يتابع جهود الإنقاذ الصادقة…، و لو أن قلوبنا كصحراويين كانت صادقة و لو أن فعلا كانت غاية القيادة هي تحرير الوطن و منح الكرامة للإنسان الصحراوي، لما كان هذا حالنا و لتحرك الكون لنصرتنا…، لكن الخلل في قلوبنا و الدليل ما دونته مستشارة الأخ القائد، و ليشهد العالم أنه خلال الأيام التي أثبت فيها العالم أن الشعوب لا تزال على قيد الإنسانية، أصرت القيادة – في شخص “النانة”- على التأكيد بأنها مجرد تاجرة مآسي. 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد