رؤساء أفارقة و في مقدمتهم “رامافوزا” و “السيسي” يعتذرون عن حضور معرض التجارة الإفريقية البينية بالجزائر
بـقـلـم : بن بطوش
و تشاء الصدف أن تختار لك لحظات الفرح كي تمنحك دروسها المؤلمة، و تضعك وجها لوجه مع الحقائق الموجعة؛ ذلك أن أحداث نهاية هذا الأسبوع قدمت لنا الحقيقة التي تُخيفنا و تُشعرنا بالكمد، حيث كان العدو المغربي منشغل بعرسه الرياضي – الاحتفالي و هو يكشف مركبه الرياضي بالرباط، صرح معماري من المعدن و الزخارف…، و نحن لا يهمنا في هذا الموضوع ما بناه و شيده محتل أرضنا ، بقدر ما دفعنا المشهد لمسائلة الوعي الجماعي للمغاربة، حين تدافعوا للسلام و تحية كبير الأمنيين في البلاد “عبد اللطيف حموشي”… كانت لحظة فارقة و موجعة و مؤلمة جدا و ناسفة لمخططات من يقف خلف حساب “جبروت”، و مخيبة لآمال من قرر في قصر المرادية تبديد أموال البلاد لضرب صورة ذلك الرجل و من يدور في فلكه،… فقد كانت مشاهد التصفيق له من طرف الجماهير شهادة على فشل “جبروت” و جيشه من الذباب الالكتروني، بل الأكثر من ذلك أقول لقراصنة “جبروت” إن كانوا من قراء هذا المقال، بأن محاولاتهم زادت صورة هذا الرجل بريقا.
يحزنني هذا الفشل العظيم، و يدفعنا لتأمل بعض الأحداث التي قلت عنها في البداية صدفا للعبرة، و من دواعي العبث؛ ذلك أنه و بينما نحن نحاول التشافي من تلك المشاهد الاحتفالية بالرباط حتى دار بداية هذا الأسبوع حفل كروي جمع “ثعالب الصحراء” مع منتخب دولة غينيا التي قررت أن تستضيف خصمها في الدار البيضاء، و شاءت الأقدار أن ينزل رئيس الإتحادية الكروية الجزائرية، “وليد صادي”، بمطار الدار البيضاء حيث قدم له درك المطار تحية عسكرية، احتراما للصفة التي يتبوؤها كوزير للرياضة و كمشرف عام على المنتخب الجزائري… و تلك التحية شرحت الموقف الأول و لماذا فشل “جبروت” في شرخ العلاقة بين كبير الأمنيين و الشعب المغربي، حيث ظهرت الكمياء التي يصعب فهمها و تفسيرها، و التي هي نفسها من تربط القمة بالقاعدة في دولة المغرب، لذلك لم نلمح مشهدا يكشف تجرؤ أحد المشجعين على الصراخ ضده أو التهجم عليه، و لم تسرق أي عدسة مشهدا لكبير الأمنيين و هو يواجه عتاب أحد من الجماهير عندما صافح “بادو الزاكي” الذي حضر على رأس فريق خصم ليهزم منتخبهم…، لم نرى أي أثر يمكن أن يحدثه حساب وهمي لدولة تحارب رجلا واحدا….
العبر لا تنتهي في هذه المشاهد، لأننا سنعود إلى ما قبل هذه الأحداث بيومين، حين كان الرئيس الجزائري يستقبل ضيوف الجزائر من القارة المنهوبة، عندما غاب القادة العسكريون في مكة الثوار عن حدث مهم، حيث كانت باريس تحتفل بإحالة قائد جيوشها Thierry Burkhard على التقاعد، و هو في سن الـ 61 سنة، و قالت الصحافة أنه قرر التفرغ للتأليف و العمل الأكاديمي، و خلفه في حفل التنصيب الطيار Fabien Mandon، الذي قاد 100 مهمة عسكرية لسلاح الجو الفرنسي خارج فرنسا، و يبلغ من العمر 55 سنة، هذا الحفل جعلنا ننتقل إلى منصة المقارنات لنتساءل عن السبب الذي يجعل دولة مثل الجزائر، تسمح بأن يقود جيشها رجل مسن؛ لأن “السعيد شنقريحة” يبلغ اليوم 80 سنة، و حين أصبح قائدا للجيش سنة 2019 كان في سن الـ 74، أي أنه أكبر من الجنرال الفرنسي المتقاعد Thierry Burkhard بحوالي 14 سنة، و أن الراحل “أحمد الگايد صالح” حين تم اغتياله سنة 2019 كان يبلغ من العمر 79 سنة.
نترك هذه الأحداث و نلتفت لملف ما حصل في المعرض الدولي للتجارة الإفريقية البينية الذي نظمته دولة الحليف الجزائري لأجل تنمية و ترقية التجارة البينية الإفريقية، حيث قال الإعلام الفرنسي بأن الرئيس الجزائري وجه دعوات رسمية و على مستوى رفيع إلى رؤساء الدول الإفريقية و دعاهم إلى الحضور بشكل شخصي للمعرض، و أبلغهم أنه يعتزم تنظيم لقاءات هامشية لعقد شركات مع القيادات الإفريقية، و أن التمثيلية يجب أن تكون برئيس البلاد…، لكن الدعوات التي وجهها لم تجد التفاعل و الحماس الذي بحث عنه الرئيس “تبون” عند القيادات الإفريقية، و اعتذر معظم القادة في القارة المقهورة و في مقدمتهم الرئيس الجنوب إفريقي “سيريل رامافوزا” و الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” و الرئيس الإثيوبي و الرئيس السنغالي…، فيما لم يرد على دعوته عدد من الرؤساء و في مقدمتهم قيادات دول كونفدرالية الساحل، بوركينافاسو و النيجر و مالي.
و قد حضر فقط كل من الرئيس الموريتاني و الرئيس التشادي و رئيس تونس و الرئيس المسؤول عن نصف ليبيا، وبطبيعة الحال الرئيس الصحراوي، و هذه التمثيلية تظهر تأثير قصر المرادية و وزن الرئيس “تبون” داخل الإتحاد الموجوع، و تشرح الوضع الحقيقي الذي جعل القارة الإفريقية ترفض الاستمرار في دعم قضيتنا الصحراوية، لأن هذه الأخيرة – و كما نقول دوما على هذه المنصة الحرة- مجدها من مجد مكة الثوار، لكن السياسة الصدامية للرئيس “تبون” و قائد الجيش الجزائري شنقريحة”، جعلت دائرة حلفاء قصر المرادية داخل الإتحاد الإفريقي تتراجع إلى الوضع الذي بدت عليه في المعرض، حيث غاب كبار الحلفاء كالرئيس الجنوب إفريقي و الرئيس الكيني و الإثيوبي و النيجيري…، و لم يحضر غير الرئيس التشادي الذي قالت الصحافة الفرنسية أنه حضر لأنه كان يريد أن يقضي عطلته الصيفية في الجزائر… فيما الرئيس الموريتاني حضر للاطمئنان على صحة الرئيس الجزائري بعد علمه عبر مصادر إماراتية، أن الرئيس “تبون” كان يخضع للعلاج بألمانيا،… فيما الرئيسان التونسي و الليبي الكل يعرف [بأن حضورهما كان بالأمر… و تلكم قصة تحزن القلب.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك