“تبون” يصرح بأن الجزائر أصبحت جزءا من مجموعة G-20 … و “العربية” تبث تسجيلا للخذلان الجزائري لمصر خلال حرب الاستنزاف
بـقـلـم : بن بطوش
حينما أعلن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أن بلاده لن تحارب بالنيابة على العرب، و أن حركة “حماس” لن تجر بلاده بما فعلته إلى حرب لا تُبقي و لا تذر مع عدو سبق لمصر و أن واجهته و تعرف قدراته…، كان “السيسي” يتحدث من زاوية العارف أن الخذلان حاصل لا محالة، و أن دولة مصر هي من ستدفع الفاتورة دون غيرها من ترابها و أمنها و استقرارها…و قالت الصحف المصرية و محللو الشأن الإستراتيجي بأن مصر تعرضت في السنوات القليلة الأخيرة للخذلان العربي في ملف “سد النهضة”؛ حين دعمت الجزائر ما أسماه وزير الخارجية “رمطان لعمامرة” حق إثيوبيا في ملأ حقينة السد و بعده يمكن لمصر أن تتقاسم مع السودان الفائض…، حينها رد الإعلام الجزائري بأن القاهرة كيَّفت تصريحات “رمطان لعمامرة” حسب هواها القومجي، لتدغدغ مشاعر العرب بحثا عن تعاطف مرحلي، لكن الحقيقة أن قصر المرادية كان يسعى لعلاقات فوق الطبيعية مع إثيوبيا التي بها مقر الإتحاد الإفريقي، حتى يضمن مواقف بعض الدول الإفريقية في ملف قضيتنا الصحرواية…. و لو كان الحليف يستشيرنا في الأمور الخاصة بقضيتنا لرفضنا بالقطع هذه التجارة الخاسرة.
بعد مرور حوالي سنة و نصف، و بينما يحاول القادة في مصر و الجزائر تجاوز الوضع الشاذ في العلاقات بسبب موقف هذه الأخيرة من سد النهضة الذي لم و لن يستسيغه الشعب المصري، أطلقت قناة “العربية”، المملوكة لمجموعة إعلامية إماراتيه تسجيلا صوتيا، حصلت عليه من مصادر مصرية يرجح أنها جهات رسمية تريد كشف شيء في العلاقات الجزائرية المصرية، و تريد إبلاغ رسالة إلى المجموعة العربية…، التسجيل هو عبارة عن حوار أجراه الرئيس المصري الراحل “جمال عبد الناصر” مع الرئيس الموريتاني الراحل “المختار ولد داده”، قبيل أيام قليلة من وفاة الأول، و كان الرجل يتحدث بإحباط شديد عن تقاعس القيادة الجزائرية، في شخص الرئيس الجزائري “هواري بومدين”، و وصف السلوك الجزائري بالمتلكئ في الاستجابة لطلبات مصر بالدعم المالي و الأرضي و الجوي، موضحا أنه حين وقعت حرب الرمال بين الجزائر و المغرب (1963)، استجابت القاهرة لطلب القيادة الجزائرية في ظرف ثلاثة أيام، و أرسلت المظليين و سلاح الطيران و المشاة و العتاد و الخبراء، و دعمت الجزائر بكل ما تستطيع.
سماح مصر بنشر هذا التسجيل في هذه الظرفية، هو لأجل الرد على ما يسميه الإعلام المصري بالإدعاءات الجزائرية التحريضية لأجل شيطنة القيادة المصرية، و اتهامها بالتخاذل في مناصرة الغزاويين و منع مرور المساعدات، و أيضا لأن النظام الجزائري يتهم مصر بشكل مبطن بأنها سبب الفوضى داخل ليبيا لأنها تريد الاستثمار في استغلال الغاز الليبي و إعادة تشغيل الموانئ الليبية للخدمة، و النظام الجزائري يرى في هذا تهديدا لأمنه الإستراتيجي، و محاولة لمحاصرة الجزائر بدعم الطرف المعادي لنظام الجزائري “خليفة حفتر”، عبر تمكينة من مصادر اقتصادية كبيرة.
القيادة الصحراوية هي اليوم أمام درس عربي يشرح السياسة التي يتعامل بها النظام الجزائري مع القضية الصحراوية، و أن على الشعب الصحراوي عدم انتظار أي دعم كبير أو نوعي من الدولة الجزائرية، التي لها تاريخ في خذلان حلفائها و المتعاطفين معها… و على النقيض من ذلك و في الجهة المقابلة يتهم الرأي العام في الجزائر دولة الإمارات العربية بفبركة التسجيل بواسطة الذكاء الاصطناعي، رغم أن الخبراء المصريين – عبر الإعلام- أكدوا صدق التسجيل و قالوا أن ثمة مقاطع تم حذفها، تضم اعترافات جد حساسة قد تضر العلاقات كثيرا مع تونس و الجزائر، لكن الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، و خلال لقاءه الصحفي تجاهل التسجيل و لم يعلق عليه، و لم تتعرض أسئلة الصحفيين للموضوع، لكن الرئيس الجزائري و كعادته أثار الجدل بتصريحاته الغريبة و الطريفة، بعدما قال أن بلاده أصبحت جزءا من مجموعة G-20 و أنه سيمثل الجزائر في خلال الاجتماع القادم لهذه المجموعة.
التصريح أثار قلق الشعب الجزائري الذي طالب عبر المنصات بنشر تقرير عن حالته النفسية و العقلية، خصوصا و أن “تبون” بدا في اللقاء و كأنه تناول عقارا مثبطا للانفعالات الذهنية، حيث كان يتحدث بشكل متثاقل، عكس ما تعودناه منه، و لم يُظهر الانفعالات التي ألفنا صدورها عنه، و لم يلوح بيده بشدة كما كان يفعل عندما يتحدث عن ردة فعل الدولة الجزائرية و الخطوط الحمراء و عبارته الشهيرة: “إلى بدات و الله ما تحبس”… !!
حديث الرئيس الجزائري عن مشاركة الجزائر في اجتماع G-20، و كأنها عضو ضمن هذا التكتل الاقتصادي الضخم، كان القياس أن يواجهه الصحفي بسؤال أو حتى استفسار يوجهه إلى الرئيس كي يشرح له متى أصبحت الجزائر عضو في هذا التحالف؟… مع العلم أن الجزائر قد رُفِضَت عضويتها من “البريكس” الذي يعد تجمعا أقل شأنا من G-20، و تعاون الدول المشكلة له محدود الأثر إلى حد ما على المستوى الصناعي و الفلاحي، بقدر ما أن التعاون عبره هو سياسي.
الحوار الصحفي تضمن العديد من التجاوزات التي عبر عنها الرئيس الجزائري و يصعب تقبلها أو حتى محاولة فهمها، لكن الملاحظة التي أثارت النشطاء و المعارضين الجزائريين، هو النداء الذي وجهه الرئيس الجزائري إلى الانتباه للخونة، كان يتحدث و هو مطأطأ الرأس، و كأنه يرسل رسائل إلى الشعب الجزائري بأنه محتجز لدى جهة معينة، الرجل لا يتحدث بالأريحية التي ألفناها عليه، بل كان يتوسل إلى الشعب الجزائري و الرأي العام الدولي لتخليصه من الوضع الذي هو عليه.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك