الأذرع الدبلوماسية للعدو المغربي تتحرك أفقيا و عموديا …، و النظام الجزائري مشغول بقضية “ناصر الجن” و يناور إعلاميا لخلط الأوراق
بـقـلـم : بن بطوش
حينما أعلنت الحسابات الرسمية للجيش الجزائري أن الجنرال الهارب من الإقامة الجبرية، “عبدالقادر حداد”، الملقب بـ “ناصر الجن”، قد تم تطويقه في مخبئه بالجزائر و إيداعه بمركز “بن عكنون” بثكنة “عنثر”، نشرت جريدة “الكونفيدونسيال” الإسبانية مقالا للصحفي المرتزق “إغناسيو سومبريرو”، تخبر فيه بأن الجنرال المثير للجدل و جلاد العشرية السوداء، قد فرّ من التراب الجزائري و دخل سرا إلى إسبانيا، و أن النظام الجزائري يعيش تصدعا و رجة حقيقتين، و أن قائد الجيش “سعيد شنقريحة” أعطى تعليماته إلى كبار الجيش في حال اعتقاله بإعدامه و إعلان انتحاره…
الصحفي الإسباني “سومبريرو” الذي كتب المقال، هو عميل للنظام الجزائري و كان يلعب دور مِعْوَل الهدم الذي يتم استخدامه لتصفية الحسابات أو لمهاجمة الأعداء، و حين يكتب عن هروب “ناصر الجن” و يدعي التحاقه بإسبانيا، فهذا لا يعني أنه انقلب على أولياء نعمته أو أنه يهاجم الجيش الجزائري أو قصر المرادية، بقدر ما يلعب دورا قذرا بحيث يريد أن يضع الرأي العام الجزائري في حالة من الشك و التيه؛ لأن النظام الجزائري يرى في نشر خبر هروب “الجن” عبر قوارب الهجرة السرية نحو إسبانيا، ضررا أقل من ذلك الذي سيحدثه تأكيد خبر سقوط “ناصر الجن” في أيدي الجيش المغربي… و لو أن خبر وصول “ناصر الجن” إلى إسبانيا صحيح فما على قصر المرادية غير تفعيل مساطر تسلم علبة أسرار الجيش الجزائري من السلطات الإسبانية.
كما أن ظهور”السعيد شنقريحة”هذا الأربعاء بالإعلام الرسمي رفقة عدد من القادة العسكريين الذين تم إطلاق سراحهم بعد تبرئتهم من تهم التواطؤ لتهريب “ناصر الجن”، خلال عملية مداهمة لعدد من الإرهابيين – حسب الرواية الرسمية للجيش الجزائري-…. مع العلم أن يوم الأربعاء من كل أسبوع هو مخصص إعلاميا للترويج لعمليات مزعومة لاعتقال تجار المخدرات!!،…. ظهور “شنقريحة” و هو يتحدث إلى الجنود الجزائريين الذين تمكنوا من حجز عدد من البنادق و الأسلحة الرشاشة و الشواحن و أسلحة بيضاء و هويات مزورة لمجموهة إرهابية مزعومة…، لكن دون إظهار الجثث أو المعتقلين، يؤكد أن الرجل يسعى للتنبيه من عشرية دموية جديدة في حال محاولة خصومه الداخليين التآمر عليه و كان يوجه كذلك وسائل الإعلام الجزائرية كي تظهر بأن الأمور داخل الجيش الجزائري على خير وأنه لا يزال يدير هذا الجيش و يتحكم به… !!، و بأن فرار “ناصر الجن” لن يؤثر بشيء على معنويات الجيش الشعبي الجزائري.
و في الوقت الذي تمنح فيه الجزائر الضوء الأخضر لصحفي إسباني مرتزق يمثل اللوبي الإعلامي للحليف داخل مدريد، من أجل إلصاق تهمة التآمر بـ “ناصر الجن” مع الأجهزة السرية الإسبانية و ليرفع درجة العداء الشعبي داخل الجزائر ضد الإسبان…، تكون الآلة الدبلوماسية و العسكرية و الأمنية للمحتل المغربي تحصد الأخضر و اليابس في القارات الخمس؛ ذلك أن وزير الخارجية للرباط، “ناصر بوريطة”، عاد من بيكين حيث عقد عدة اتفاقيات و اجتماعات سرية، جزء منها تم الإعلان عنه في بيانات بين الطرفين و يرتبط بالشق الاقتصادي، و الجزء الثاني مرتبط بالقضية الصحراوية و لم يتم الكشف عنه و سنعرف تفاصيله، عما قريب في تصويت دول مجلس الأمن على مشروع قرار أمريكي يخص تغيير مهام بعثة “المينورسو”.
“بوريطة” بعد أن أنهى مهامه في الصين توجه إلى نيويورك قبل انعقاد الجمعية العامة و التقى هنالك بالدبلوماسي الروسي الأول، “سيرجي لافروف”، الذي عقد معه اجتماعا مغلقا تسربت منه أخبار تفيد بأن موسكو أبلغت الرباط بأنها لا تنوي استخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار يخص ملف الصحراء الغربية، و أكد “لافروف” أن الرباط دائما مرحب بها في منظمة “البريكس”.
تحركات مسؤولي الرباط لم تقتصر على وزير الخارجية “ناصر بوريطة”، بل عجت الصحف و القنوات الرسمية في تركيا بصور و مشاهد كبير الأمنيين المغاربة، عبداللطيف حموشي”، الذين قدموه للرأي العام التركي في هيئة ضيف فوق العادة و كشريك أمني وازن في مكافحة الإرهاب دوليا، بعدما تم توجيه الدعوة إليه من أنقرة للمشاركة في معرض أمني مخصص للتكنولوجيا الأمنية، مما يعني أن تركيا، التي فضلت دعوة الرباط و عدم توجيه دعوة إلى مدير الأمن في الجزائر، أصبحت تراهن على الشراكة الأمنية مع الرباط و ترى في الجزائر مجرد سوق لتصريف المنتجات التركية، و أن الحملة التي خاضتها الأجهزة السرية الجزائرية على كل الأصعدة لتلطيخ صورة الرجل، قد فشلت داخليا عندما احتفت به الجماهير داخل ملعب لكرة القدم، و فشلت خارجيا بعدما وجهت له دولة من حجم تركيا دعوة و قدمته للرأي العام التركي و الدولي كشريك أمني موثوق.
هذا النجاح الأمني لـ “عبد اللطيف حموشي” يستدعي قراءة خاصة محمولة على منصة المقارنات لعلنا نشخِّص الأسباب التي تجعل دولة بحجم الجزائر تعجز عن إيجاد الرجال المناسبين لإدارة البلاد، خصوصا على المؤسستين الأمنية أو الدبلوماسية، من حجم “ناصر بوريطة” لم يتم تغييره و عاصر كبار الدبلوماسيين الجزائريين منذ مرحلة “عبد القادر مساهل”، مرورا بمرحلتي “رمطان لعمامرة” و مرحلة “صبري بوقادوم” وصولا إلى “أحمد عطاف” الذي كان قاب قوسين أو أدنى من زيارة سجن الحراش مرتين؛ لكنه نجا بفضل تدخلات أجنبية أسقطت عنه التهم و برأته.
و عجز النظام الجزائري عن إيجاد اسم يظاهي “عبد اللطيف حموشي” الذي عاصر منذ وصوله إلى قيادة المخابرات المدنية ، المعروفة بـ “الديستي” سنة 2005، قيادات جزائرية لم تستطع الصمود في مناصبها أمام المتغيرات الأمنية الداخلية و الخارجية بالجزائر، بدءا من “محمد مدين” (الجنرال توفيق) الذي دخل السجن إلى جانب “السعيد بوتفليقة”، ثم الجنرال “البشير طرطاق” الذي لحق بهما في سجن الحراش، ليغادره بعد ذلك رفقة “الجنرال توفيق” و “السعيد بوتفليقة”، و يتم وضعهم تحت الرقابة القضائية الإجبارية بعد وساطات قطرية، ثم خلفهم على الجهاز السري الجنرال “محمد قايدي”، الملقب بـ “المنجل”، الذي يعيش حاليا فصول محاكمة مطبوخة بتهمة معارضة “السعيد شنقريحة”، و إضعاف معنويات الجيش لمجرد أنه أبلغ كبير الجيش خلال اجتماع بأنه يجهل قدرات الجيش المغربي و لا يمكن مواجهته قبل التوفر على المعطيات و إلا حدثت الكارثة، ليخلفه الجنرال “ناصر حداد” الشهير بـ”ناصر الجن” و الذي أقيل في بداية سنة 2025 بعد خلافات حادة مع كبير الجيش أيضا، بسبب أساليب الاستعراضات العسكرية التي يراها بدائية و شعبوية.
و يدير هذا الجهاز الذي يخرج مدراءه مباشرة إلى السجون حاليا الجنرال “عبد القادر أيت عرابي”، الملقب بـ “حسان”، و يبلغ من العمر 78 سنة، و الذي بدوره تمت الاستعانة به بعد إخراجه من السجن حيث زج به الراحل “القايد صالح” حين كان الجنرال “حسان” قائدا لفرقة “سكورات” (قوات التدخل السريع و هي قوات نخبة الاستخبارات)… و هو الجنرال الذي فشل سنة 2013 في عملية تحرير الرهائن من موقع الغاز بـ“تيقنتورين (جنوبي شرق الجزائر)”، حيث أدت أوامره بتنفيذ الهجوم إلى مقتل 37 رهينة، غالبيتهم أجانب، و29 إرهابياً من المجموعة التي كانت تحتجزهم.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك