Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

إسبانيا تقسم ظهر الاقتصاد الجزائري و تعلن اعتمادها على الغاز الأمريكي

بـقـلـم : بن بطوش

      تخيل معي أخي القارئ الكريم أن هذا الكوكب الذي نتقاسمه جميعا، ببحاره و جباله و سحبه و ثرواته و حروبه و اكتشافات عقوله العلمية، و صواريخه الباليستية-النووية و خطوطه السككية و غاباته و أبريائه و مجرميه و مطاراته و حيتانه و فيلته و قوانينه و مشاعر سكانه…، هو أقل بكثير و أصغر بكثير من حبة رمل وسط الكون الفسيح و السحيق و المظلم…، فبعد نشر وكالة ناسا الفضائية الأمريكية للصور الأولى التي التقطها التليسكوب الهائل التقنية “جيمس ويب”، و الذي كلف الولايات المتحدة الأمريكية 10 ملايير دولار، و استغرق بنائه 30 سنة ليعوض التيلسكوب “هابيل”، و صمم ليرصد حرارة جسم النحلة على مسافة 500 ألف كيلومتر، كتبت الوكالة على صفحتها الرسمية بكل رهبة معلقة على صوره الأولى التي هي أعمق صورة ملونة للكون حصل عليها الإنسان، “أمسك حبة رمل و أبعدها عنك ثم وجهها إلى السماء، أتعرف تلك المساحة التي تغطيها حبة الرمل من صورة السماء…، تلك المساحة هي كل ما استطاع التليسكوب الخارق تصويره من الكون…”.

      هذا الفتح العلمي لوكالة ناسا، و دقة الصور التي رصدها التليسكوب المطلي بالذهب الخالص و المبني من عنصر البريليوم النادر جدا، يشرح كيف أن هذه الوكالة سمحت لنفسها باستثمار 10 ملايير دولار لتمكين الإنسانية من التقدم في البحث عن أسرار الكون و فهم الوجود، و تسمح لهم بالحصول على صور للضوء تصل إلى عمق 13.7 مليار سنة ضوئية، ترصد أجراما جديدة و نجوم تحتضر و تكشف عن وجود شموس غير شمسنا تدور حولها مئات الأقمار و الأجرام…، و مجرات أكثر تعقيدا من مجرتنا…، صورا كلما حاولت تكبيرها على هاتفي اقشعر جلدي، و تذكرت الآية الكريمة “و ما قدروا الله حق قدره”.

       حاولت أن أرى حجم التأثر داخل مجتمعنا في المخيمات بهذا الاكتشاف، و بحثت في الحسابات عن منشورات تزف و تشرح للاجئين هذا الفتح العلمي، كانت غبطتي في أن أجد في مجتمعنا الصحراوي عطشا علميا ترويه الصور المهيبة لوكالة “ناسا” الأمريكية، و تخبرهم أن لأمريكا وجه علمي مشرق يختلف عن وجهها السياسي القبيح، و أنها بلاد تجل العلم و العلماء و المعرفة، و أنها رغم استثمارها ملايير الدولارات، و دون أنانية شاركتنا خبر رصدها صورا ضوئية من عمق الماضي المستحيل الذي يصل إلى 13.7 مليار سنة ضوئية، كلفتها تلك الصور 10 ملايير دولار و ملايين المرتبات التي تدفعها شهريا لفريق علمي خارق و موهوب…، لكنني لم أعثر بين أهالينا إلا على ردّ يتيم لشاب صحراوي علق على الصورة التي نشرها العالم الجزائري المقيم بالخليج “نضال قسوم” يقول له فيها، أنها مجرد صور تصنعها الماسونية في استوديوهات هوليود لإلهائنا عن الحرب الواقعة في أوكرانيا…، و عندما أنهيت قراءة تعليقه، أيقنت أن هذا الشاب الشكاك يحمل جينات قيادية، و لديه موهبة متقدمة في الغباء المركب التي قد تجعل منه يوما حاكما صحراويا مبدع في الفشل، و قد نراه في البيت الأصفر قياديا هنتاتا، ذات انتخابات على الطراز الديمقراطي الصحراوي.

      ما أحدثه التليسكوب جيمس ويب من ثورة عليمة في المعرفة الفضائية و الفلكية، يشبه إلى حد بعيد الثورة التي أحدثها خطنا التحريري في القضية الصحراوية، حيث أصبحت الرؤيا أوضح و أشمل للمواطن الصحراوي البسيط، و أصبحت الحقيقة أقرب إليه من أي وقت مضى، و نجتهد أكثر كي نمنحه الصورة التي أخفاها عنه البيت الأصفر الغدار، حيث يكون لهذا المواطن وعيه و رأيه و نظرته للقضية…، فمقالاتنا هي صور يلتقطها “جيمس ويب” الصحافة الصحراوية من عمق نصف قرن من النضال بانحرافاته و نجاحاته و إخفاقاته و تفككاته.

      بعد هذه الوجبة العلمية المفرحة، نعود إلى حروب الطاقة و أثرها على القضية الصحراوية، ذلك أن الإعلام الجزائري يحاول بكل الطرق تبرير استغناء الأسبان عن الغاز الجزائري و القول بأنه قرار إسباني انتحاري، سيضر بالشعب الإسباني و بالاقتصاد الإسباني و سيجعل مدريد تحت رحمة أسواق الطاقة، مع تجاهل الخوض في الموضوع بتشعباته، و الإجابة عن الأسئلة الكبيرة للإنسان الجزائري البسيط الذي عاوده القلق بعدما تابع بفخر و زهو النفس استعراض الآلة العسكرية الجرارة للجيش الشعبي  الجزائري سليل جيش التحرير، و هو يعرف أثمنة الغاز تراجعت في سوق الطاقة، و يدرك أن الجزائر خسرت الأنبوب الثاني مع إسبانيا، و يعلم أن الإيطاليين يحصلون على الغاز الجزائري بربع الثمن الدولي…، و أن هذا الجيش الهائل حسب توصيفات الإعلام الجزائري يحتاج إلى ثلثي عائدات الريع الغازي للعملاق سونطراك، و يكلف الخزينة بصفقاته و صيانة آلياته و أجوره أفراده…، أزيد من 40 مليار دولار سنويا في أرقام حصرية، حصلنا عليها من ضباط جزائريين ينشرون غسيل الثكنات الجزائرية على موقع التسليح العربي، و يقولون أن تكاليف الجيش ضعف ما تفرج عنه الخزينة الجزائرية الرسمية، كل هذا يجعلنا مضطرين للقيام بعمليات حسابية لتحديد هوامش الربح و الخسارة نتيجة إعلان مدريد تخليها عن الغاز الجزائري، و التساؤل هل فعلا كان قرارا انتحاريا من حكومة “سانشيز”؟ أم هي عقوبات فرضها الأوروبيون على الجزائر بصمت و هدوء…؟

       تجميع المعطيات من الإعلاميين الأوروبي و العربي يجعلنا نحكم على الإعلام الجزائري بأنه شارد و يغرد خارج السياق، حين يخبرنا على صفحاته الرسمية أن الجزائر عاقبت إسبانيا مرتين، الأولى بوقف الأنبوب المغاربي و الثانية بإضعاف التدفق عبر الأنبوب “ميدغاز” و إدعاء الأعطاب التقنية…، فبناءا على المعطيات المتوفرة من مراكز الطاقة الدولية و التي تقول أن الجزائر فقدت في الأنبوب المغاربي عائدات 12 مليار متر مكعب، أي أزيد من 22 مليار دولار عطفا على الثمن البخس الذي كانت تبيع به الغاز للإسبان و البرتغال، و بعد تورط الجزائر في أحداث هجوم المهاجرين على سياج مدينة مليلية، قررت تشغيل الأنبوب بشكل عكسي إنذارا منها للجزائر و تنبيها لقصر المرادية بأن إسبانيا تتصرف بسيادة مطلقة و تفضل الشراكة مع الرباط…، و بعد الاستعراض العسكري الأخير و الرسائل الموجهة للداخل و الخارج، و الاتصالات السرية التي أجرتها الجزائر مع قيادات روسية بالمنطقة، و ظهور مرتزقة الفاغنر في ليبيا مجددا…، قرر الإتحاد الأوروبي بدأ سلسلة عقوبات على الجزائر، أولها طلبه من إسبانيا ملئ كل سعة التخزين لديها و التي تكفيها لمدة تفوق 16 شهرا، لأن الدولة الإسبانية الوحيدة في أوروبا التي تمتلك مركز تعبئة و تخزين إستراتيجي ضخم جدا، و وقف استيراد الغاز الجزائر، لأن أثمنة الغاز حسب خبراء الأوبيك ستنهار بعد سبعة أشهر من الآن نتيجة اشتغال الحقول المتوسطية و الإفريقية و الأوروبية الشمالية.

       بعد تخلي إسبانيا عن استيراد الغاز الجزائر ستكون خزينة قصر المرادية قد فقدت مرة أخرى عائدات سنوية تصل إلى 20 مليار دولار، بعد خسارتها الأولى لـ 22 مليار دولار نتيجة توقيف الأنبوب المغاربي، و بهذا تكون الجزائر قد خسرت ثلثي عائداتها من الريع الطاقي و كل ما ستجنيه هو 14 مليار دولار من الأنبوب الذي يضخ باتجاه روما، التي قد تستجيب للضغوط الأوروبية و تنفذ حكم الإعدام في حق الاقتصاد الجزائري…، مما يعني أن القرار الإسباني سيتسبب للخزينة الجزائرية في ذبحة اقتصادية قد تدفع بالنظام الجزائري إلى استهلاك الاحتياطي النقدي و الدخول مرحلة العجز الهيكلي للخزينة، الذي سيدمر القدرة الشرائية للمواطن الجزائري و يزيد من تأزيم الوضع المعيشي بالبلاد و يؤدي إلى عودة الحراك و نشوب ثورة داخلية عنيفة، قد تنهي حكم النظام الجزائري على الطريقة السيريلانكية، لأن العائدات المتاحة بعد الأزمة مع إسبانيا بالكاد ستكفي لتغطية مصاريف سكان نادي الصنوبر…، و بعض الهنتاتة داخل البيت الأصفر المنتقع.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد