Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

قراءة في إعلان قرطاج بين الرئيسين ”قيس السعيد” و ”عبد المجيد تبون”

بـقـلـم : بن بطوش

      و نحن نخوض في تفاصيل ما جرى خلال الزيارة التاريخية التي ساقت أقدارها  الرئيس “عبد المجيد تبون” إلى بلاد قرطاج، لن ننسى أن نهنئ أبطال العرب بالكأس الذهبية التي حملوها معهم من دوحة العرب إلى مكة الثوار…، لن تمنعنا مستجدات السياسة في أن نفرح مع “ثعالب الصحراء” الذين أهدوا الكأس لفلسطين، و نسوا أن يذكروا الدولة الصحراوية و شعبها الذي لا يبعد عن العاصمة الجزائرية بغير بضع مئات من الأميال، كانت رمزية الإهداء ستجعلنا نفخر بهذا النصر و كأننا أصحابه، و كانت ستمنحنا طقسا احتفاليا لم نعشه منذ عصر حادثة الكركرات اللعينة…، لأن المقاتلين على جبهة النار كانوا في أمس الحاجة إلى إهداء كهذا، يخفف عنهم حزنهم و هم يرون أصدقائهم يصطادهم الشيطان “يعني” واحدا تلو الآخر…، كنا بحاجة لبعض الصراخ كي نبلغ العرب بإعْلامِهِم الظالم، الذي لا يتوقف عن الصراخ لصالح المحتل المغربي، أن النظام الجزائري ليس وحده من يعظ بالنواجذ على قضيتنا، بل حتى الرياضيين و الشعب الجزائري…، و رغم أن الإهداء لم يحدث و لم ترفع رايتنا من طرف  الجماهير الجزائرية و  ترك تفضيل قضية فلسطين على قضيتنا غصة في القلب لكننا سنقول للخضر هنيئا لكم بذهب العرب…  رغم أننا قدمنا أربعة شبان من المخيمات قرابين في ليلة الاحتفال بنصركم على المغرب!!

      حطت الطائرة الرئاسية  الجزائرية في تونس العاصمة، و نزل منها الرئيس “تبون”…، و مثلما كان متوقعا، فقد كانت مراسيم استقبال رئاسي فوق العادة، و بكل فخامة…، رحب التونسيون بالرئيس الجزائري  الذي حل رفقة جيشه السياسي و المالي و الدبلوماسي، و كان الصورة التي شاهدناها مثل جميع المتابعين للشأن الجزائري – التونسي، توحي بأن الاتفاقيات التي ستوقع ستكون غير تقليدية، و أن ثمة ما يستدعي المتابعة و أنها لحظة ولادة مشروع بين الدولتين، خطط له سرا و طيلة الزيارات السابقة…، فتم عقد 27 اتفاقية لم يكشف عن معظمها لوسائل الإعلام، و لم تحدد أهداف الشراكة بشكل واضح، لكن بالتدقيق في القطاعات بدا الأمر أشبه بمحاولة إنشاء شراكة متكاملة في جل القطاعات، غير أن الاتفاقيات المفرج عنها و التي عرفت طريقها إلى الإعلام، تؤكد أن البلدين سعيا معا إلى الرمزية أكثر من سعيهما إلى التفعيل، بمعنى أن بعض تلك الاتفاقيات مجرد أرقام على السجلات و مجرد شعارات، و هذا ما يؤكده إعلان الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية.

      يقول الإعلان أنه جرى “مراسم توقيع 27 اتفاقية و مذكرة تفاهم بين البلدين شملت مجالات العدل و المؤسسات العمومية و الداخلية و التعاون اللامركزي، و الاتصال و الإعلام و الصناعة و المؤسسات الصغرى و المتوسطة و البيئة و التجارة الخارجية و الثقافة و الشؤون الدينية و الطاقة و التكوين المهني، و الصيد البحري و التشغيل و المرأة و الطفولة و المسنين و الشباب و الرياضة و التربية و الصحة”، و هي الاتفاقات التي وجدت  صدى لها في الإعلام الجزائري الذي روج لها بشكل كبير، و منحها البعد التشاركي بين الدولتين، و قالت بعض المنابر الجزائرية أنها شراكة تسبق الإعلان عن الوحدة المغاربية في شكلها الجديد، و الذي من المنتظر أن تتكون نواتها من محور تونس – الجزائر في انتظار أن تنظم إلى قافلة الإتحاد كل من ليبيا و موريتانيا، مع تعمد الإعلام الجزائري عدم ذكر الرباط، التي قالوا أنها عثرت على شركائها بعيدا عن شمال إفريقيا و التي تقنعها و تستجيب لتطلعاتها، و أنها قررت الخروج بشكل نهائي من هذا الإتحاد المغاربي.

       غير أن كل ما سبق يظل مجرد اجتهاد إعلامي للمواقع الإخبارية الجزائرية، لم نعثر على تأكيد له في الإعلام التونسي، مما يدفعنا لإخضاع خطاب الرئيسين خلال الندوة الختامية للقراءة الدقيقة، لأنه الوحيد الكفيل بمنحنا خارطة طريقة هذه الرؤيا التونسية – الجزائرية،  و سيقربنا من الحكم على مدى نجاح الزيارة من عدمه، حيث قال “قيس السعيد” خلال كلمته المرتجلة و المليئة بالعثرات اللغوية “أن عدد الاتفاقات الموقعة كثير، و لكن ستجد طريقها إن شاء الله إلى التطبيق” مما يعني أن الرئيس التونسي و باقي السياسيين في قصر قرطاج غير مقتنعين بجدوى تلك الاتفاقيات، لأنه من منظورهم لا يمكن أن يهتم الجائع بأهمية المشاريع التي تحارب الاحتباس الحراري، فتوقيع اتفاقية ثقافية و أخرى في البث الإذاعي و ثالثة في قضايا الأسرة و الطفل و المرأة و رابعة في الرياضة و خامسة التبادل الثقافي…، في ظل الظروف التي تمر منها دولة تونس تجعل التونسيين يرونها مجرد بريستيج و فخامة سياسية خارج السياق، في الوقت التي ينتظر فيه التونسيون بشوق ما ستفرج عنه الزيارة من حلول عملية – مالية تنقذ البلاد من الأزمة الشاملة و تعيد بعض الأمل للمواطنين و الاقتصاديين في تونس، عطفا على ما حصل بين بروكسيل و اليونان خلال الأزمة الاقتصادية التي أطاحت بأثينا، وخطة الإنقاذ الأوروبية التي أخرجت بلاد الإغريق من عين الأزمة، مما يعني أن نتائج الزيارة كانت مخيبة للآمال من الطرف التونسي لافتقادها خطة إنقاذ.

      و خلال الندوة ظل “قيس السعيد” يمجد المغرب العربي و يتحدث عنه كحلم لم يتحقق، و أنه تحدث مع نظيره الجزائري على الصيغة التي يجب أن يتم بها التكامل بين الدولتين كنموذج لباقي الدول، و لم يتطرق إلى خطة عمل مشتركة إصلاحية شاملة، و ذكر “قيس السعيد” بالموقف الجزائري النبيل خلال الجائحة،  كيف جرى اقتسام الأكسجين بين الدولتين، و هو التذكير الذي جاء في صيغة الشكر و الامتنان دون أن يعمد الرئيس التونسي إلى شكر باقي البلدان العربية التي أرسلت مساعداتها المستعجلة لإنقاذ تونس خلال النكسة الصحية التي تسببت فيها الجائحة، و هلك خلالها مئات من الشعب التونسي…، غير أن الارتجال الذي قدمه الرئيس “قيس السعيد”، قال عنه الإعلام الأوروبي أنه صيغة غير مباشرة “لرفض صريح” من الرئيس التونسي للمشروع الجزائري بإقامة مغرب عربي نواته دولتين، في انتظار التحاق كل من ليبيا و موريتانيا و إقصاء الرباط.

      بينما كلمة الرئيس الجزائري لم تكن مرتجلة، بل كانت خطابا مكتوبا قرأه “عبد المجيد تبون” الذي عبر عن ارتياحه لما توصل إليه الرئيسان، و التي قال أن من نتائجها هو طموح القائدين للوصول إلى الاندماج الكامل بين الدولتين…، و هو الارتياح الذي لم يسجل في كلمة الرئيس التونسي، و أضاف في الشأن الليبي أنه متفق مع رؤية الرئيس التونسي، و أن الحل يجب أن ينبع من الليبيين أنفسهم، و تمنى أن تتخلص ليبيا من القوات الأجنبية و المرتزقة، و هي المرة الأولى التي يسجل فيها أن الدولة الجزائرية لا تعارض رحيل المرتزقة عن ليبيا، خصوصا و أن “لعمامرة” في كل المحافل الدولية كان يحذر من إجلائهم و يدعوا إلى الاحتفاظ بهم داخل ليبيا…، و يرى العارفون بالشأن السياسي أنه بعد الإهانة التي تعرض لها “لعمامرة” في مؤتمر باريس الأخير، نتيجة دفاعه عن المرتزقة بليبيا، و أيضا بعد أن قررت أوروبا فرض عقوبات على قوات “الفاغنر”، بدأ قصر المرادية يغير من موقفه حتى لا تظهر الجزائر كدولة مارقة.

          هذه الزيارة التي روج لها الإعلام الجزائري كنقطة تحول تاريخية في المنطقة و تأسس لعصر جديد في الإتحاد المغاربي، قال عنها الرأي العام التونسي أنها بلا قيمة، و حيث عبر المفكر التونسي “الصافي سعيد” عن غضبه من نتائجها، و قال أنها زيارة لا تعني التونسيين في شيء، و أن الرئيس الجزائري جاء ليحصل على مقابل ما دفعه للرئيس التونسي و الخزينة التونسية قبل أيام قليلة، و أن الرئيس الجزائري لديه مشاكل بالجملة مع جاره الغربي، و يريد انتزاع موقف داعم له ضد الرباط، و أن هذه الزيارة هي لتوريط تونس في العداء  مع المغرب. 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

 

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد