بـقـلـم حـسـام الـصـحـراء
لا نزايد على المظالم و المحن و المآسي، و لا نتمنى مصائب الدهر و نوائبه كي تصيبنا الذلة و المسكنة فنرهق القلوب كمدا على حالنا و نتسول الشفقة.. و لكن يحز في قلوبنا أن يعيش شعبنا الصحراوي دون مستوى سطح الإنسانية لعقود من الزمن من غير أن تخوض لأجله الصحافة العالمية معارك إعلامية تليق و مأساته و أن تتخلى عن انتقائيتها العنصرية اتجاه الشعوب الافريقية.. أو تخصص له قنواتنا العربية الحائرة بين سهرات نجوى كرم بلبنان و أخبار حصار حلب، حملة لإنقاذه من النسيان.
و إذا كان للمآسي سلم تقاس به فلا اختلاف على أن الشعب الصحراوي سيكون في قمته بواحدة من أعرق المآسي في تاريخ الإنسانية و أكثرها ظلما، لكن الحال يقول غير هذا، فقضيتنا تعاني إهمالا غير مبرر، لكنه مفهوم الأسباب، على اعتبار أن قيمة الشعوب و قضاياها من قيمة حكامها و ساستها، و حال قادتنا ليس أقل حال من القضية نفسها، فأعلاهم شأن يكاد لا يعدوا أن يكون سمسار للنوايا بين المخيمات و قصر المرادية و الرباط.
و في زحمة النكبات العربية و العالمية يضل إنقاذ الشعب الصحراوي من الضياع، محظ أماني، و لا نبالغ إذا قلنا بأمانة المخدوع في قضيته بأن إقناع الذباب بكون زهور الحدائق أفضل من مطارح النفايات يبدوا أيسر من إقناع تجار و مهندسي المآسي العربية بأن للشعب الصحراوي قضية عادلة، و الإعلام العربي الأحق بمناقشتها و معالجة كسورها… لكن ماذا نفعل مع إعلام يرى في تتويج الجامايكي يوزين بولت بالذهب للمرة الثالثة في أولمبياد البرازيل خبرا أكثر أهمية من غرق المخيمات في الأمطار و تشرد العوائل الصحراوية بين الأمسار.
إبتلينا بهذا الإعلام الذي غرفت منه حتى صحافتنا بالمخيمات و أصبحت تمنح لنفسها الحق في مناقشة قضايا كل صلتنا بها أنها موجودة على أجهزة التلفاز، و تنسى عن قصد مآسي القضية و الشعب، و تجمل وجوه القادة على قبحهم أمام الشعب الصحراوي، و تنساق وراء الحملات الإعلامية التي لا تخصنا بشيء إرضاء لأولياء نعمها المتواجدون خلف حدود المخيمات، هذه الصحافة التي تعوزها الشجاعة لنقل الواقع و الوقائع كما هي دون زيادة أو نقصان، و أتحدى أن يصف صحفي واحد ممن ينظف مراحيض القيادة الرابونية بقلمه ما يحدث الآن بكل أمانة في العواصم الإفريقية التي تتهامس سرا لطردنا من المنظمة الإفريقية كي تزفَّ العدو المغربي و توليته قائدا على إفريقيا بعدما جفت جيوب الجزائر.
فحصرتنا اليوم على تقصير صحافتا مع القضية و تعفف الإعلام العالمي عن تصوير واقع الضياع الذي يصيب الاجيال بالمخيمات هو من باب التحذير و لفت الإنتباه، لأن غدا له مآسي و ربما أشد و أنكى، و مخاوفنا من الضياع الأخير الذي لا عودة بعده سيصبح واقعا و سنحتاج إلى الكثير من المسكنات الأدبية و الأخلاقية و السياسة كي نقبل التعايش معه مكرهين و منكسي الرؤوس.. و أما النكبة السورية التي يشيب لها الولدان و التي بلغت العالمية ببراءة أطفالها المخرجون من بين الركام، و لسنا نتمنى ذلك الحال، بل نسوقه من باب المقارنة و ترتيب الأولويات الإعلامية لأن فيه درسا و موعظة لصحافة الباعوظ بالمخيمات التي تنتظر الأوامر كي تبكي أو كي تفرح، هذه الصحافة التي – نضل إلى جانب شعبنا الصحراوي- نحتقرها و سنخبر أحفادنا و من سيدركنا بأن الرابوني كانت فيه صحافة ماكرة تركت المخيمات غارقة في الاوحال و الأمطار و البؤس و القهر و الجوع و الظلم و الضلال.. و انشغلت بقضية مغنيي الراي الجزائريين فضيل و رضى الطالياني و خالد، لأنهم أحبوا ملك المغرب و قدموا له فروض الطاعة و الولاء.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم