Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

من دبلوماسية الكمامات إلى دبلوماسية اللقاحات … المحتل المغربي يستعد لغزو إفريقيا

بـقـلـم : بن بطوش

      يقول المؤرخون أن الخليفة “عبد الملك إبن مروان”، بعد أن علم بطلاق “هند بنت النعمان”، من “الحجاج بن يوسف الثقفي”،  و كانت أحلى نساء زمانها وأدهاهن وأذكاهن، عقد العزم على الزواج منها، فكان له ذلك  لكنها اشترطت عليه، أن يُدعى طليقها “الحجاج” إلى حفل عرسها، فأرسل الخليفة في دعوته، لكنه تأخر ليلة العرس، فأرسل الخليفة يأمره بالحضور، لكن “الحجاج” قال للرسول جملته الشهيرة: “لقد انشغلت ببعض الأمور و فاتتني الوليمة… و نحن قوم لا نأكل فضلات الرجال”، ففهم “عبد الملك” حجم الضرر الذي أصاب “الحجاج” و رفض أن يدخل على “هند” و أمر لها بجناح في قصره.

      ما يهمنا من القصة هي أنفة  و كبرياء الإنسان العربي التي يختزلها كلام “الحجاج”، و التي  جسدها قرار  المحتل المغربي التوقف عن مطاردة اللقاحات و التحول لتصنيعها و تغطية الطلب المحلي و الإفريقي منها، و هنا يظهر ذكاء الدول التي تبحث عن مصالحها، و كيف أن دولة – كانت إلى وقت قريب محسوبة على العالم الثالث- بدأت تدخل نادي الكبار و ترفض أن تنتظر كغيرها من الدول في مثل حجمها – في ظل الطفرات المتسارعة لنسخ الوباء- حصتها التي قد تأتي أو قد تتأخر من اللقاح،   على الرغم من أنه الأول عربيا و إفريقيا في عدد الجرعات المتعاقد عليها و عدد اللقاحات التي جرى تطعيم المواطنين بها، إذ وصل إلى حدود كتابة هذا المقال عدد المواطنين المغاربة و الصحراويين بالمناطق المحتلة، الملقحين بالجرعتين أكثر من عشرة ملايين إنسان  تمت حمايتهم من نسخ الوباء المتحورة، و هذا رقم يتفوق كثيرا على دول أوروبية بعينها.

      و نحن هنا لا ندعم المحتل المغربي بل نسوق لتجربته لعلها تجد لدى الحليف الجزائري آذانا و كوادر تستطيع إستنساخ التجربة وتعميمها حتى بباقي الدول العربية، و بالتالي الوفاء بالعهد الذي قطعه الرئيس “عبد المجيد تبون” للشعب التونسي الشقيق من جهة، و منح أهالينا في المخيمات الأمان الصحي من الوباء الذي يبدو أنه لا يزال يتحور، و لا يزال مقيما معنا و قد يكشف عن نسخة لا تبقي و لا تذر، في ظل تراجع الوضع الصحي بالمخيمات و نقص المياه المرتبط بالنظافة الشخصية و الأسرية، و أيضا في ظل تراجع مخزون الأدوية و ضعف الأداء الصحي للمستشفيات و الأطقم الطبية بالمخيمات.

      ما نراه نحن على هذا الموقع،  بغض النظر عن عدائنا السياسي للنظام المغربي، أنها تجربة عربية تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار، هي بالأساس مبنية على مبدأ الكرامة العامة، و الرباط ترى أن توفيرها للقاح و صناعتها له يجنبها إذلال الانتظار الطويل و صدقات الجمعيات الإنسانية و البرامج الأممية التي تخصص للدول الفقيرة و المنهارة، و انتظار الجزائر لحصتها من البرامج الأممية يجعلها في وضع محرج، لأنها تصنف مع الدول المنهارة اقتصاديا أو دول الصراعات، من حجم فنزويلا، لبنان، فلسطين، سوريا، ليبيا، إريثيريا، الصومال، تنزانيا…، و هذا لا يليق بوطن من حجم الجزائر، يمتلك من الثروات ما لا تتوفر عليه الرباط، و إلى الأمس القريب كان احتياطها النقدي من العملة الصعبة يتجاوز الـ 1000 مليار دولار.

      نحن اليوم أمام تجربتين مختلفتين تماما، بين جارين تجمعهما الجغرافيا و تفرقهما القضايا، و نحتاج لشرح التجربتين لفهم أسباب الاختلاف و إلى أين يقود مستقبلا، فالرباط أظهرت أنها دولة تجيد تدبير الأزمات و تستطيع التأقلم مع الظرفية كيفما كانت، و أن لها الكفاءات القادرة على وضع المخططات، و لا نزايد أو نمتدح، بل نصف بدقة الوضع، لأن الرباط قبل بداية الجائحة كانت قد وضعت مخططها التنموي الشامل كي تحقق النهضة، و بينما هي تعيش على وقع الإصلاحات الكبرى، أغلق العالم حدوده، و تراجعت المداخيل في كل الأوطان، لكن المحتل المغربي حافظ على نسق الإصلاحات…، و بعد بحث مضني  تأكد لنا أنه نهج نوعا من الإصلاح القريب من التجربة اليابانية و المعتمد على تعبئة الموارد الذاتية و لم يوقف  سلسة الإصلاحات.

      فأطلق ملك المغرب في أوج أزمة كورونا مشروع التغطية الاجتماعية بملايير الدولارات، و تلاها إطلاقه النموذج التنموي الذي هو الآخر بملايير الدولارات، و افتتح أوراشا عملاقة كتحلية مياه البحر، و أطلق دراسات خط الأنبوب النيجيري – المغربي و الذي من المتوقع أن تصل تكلفته إلى 50 مليار دولار، و تعاقد على أزيد من 60 مليون جرعة لقاح بريطانية و صينية في صفقة لم يكشف عن قيمتها المالية، و أطلق صفقة تسليح بـ 10 ملايير دولار، و عبأ نصف مليار دولار لتمويل مشروع إنتاج اللقاحات محلية، و دخول النادي الحصري و الضيق لمنتجي اللقاحات بتكنولوجيا النانو بيولوجي، و خفض تذاكر الطيران لجاليته…، و هذه الأرقام و الاستثمارات جد مفزعة لدولة  كانت قيادتنا على مدى السنوات الأخيرة تكرر على مسامعنا بأن الوضع الاقتصادي  و الاجتماعي بها على حافة الانفجار و انها تعيش عزلة دولية خانقة، كل هذه البروباغندا كان  من المفروض أن تجعلنا اليوم نتفرج على دولة منهارة بسبب تمدد زمن الوباء، فيما على الجهة الثانية لا يزال الحليف الجزائري يحتاج إلى ضربة حظ كي يعود برميل البترول إلى 120 دولار، حتى تتمكن من تغطية نفقاتها، و لم تطلق منذ تولي الرئيس الحالي “عبد المجيد تبون” أي مشروع يحسب على الإصلاحات، باستثناء افتتاح المسجد الأعظم الذي يعود إلى عصر “بوتفليقة”.

      و تقول المعطيات أن الجزائر و رغم تعافي أسعار المحروقات في السوق الدولية بسبب الخلاف الإماراتي – السعودي على الحصص، إلا أنها ستُسْتثنى من تحصيل منافع الزيادات و سيكون تأثيرها ضعيف جدا، و ذلك بسبب الشروط التي أدرجت في العقود الجديدة التي وقعتها الجزائر مع الدول المستوردة للغاز الجزائري، حيث جددت الجزائر مع الإسبان العقد مقابل 12 مليار دولار فيما كان سابقا قيمة العقد 30 مليار دولار سنويا، و إذا ما أرادت الجزائر رفع مداخيلها، فهي في حاجة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية و هذا غير ممكن  في الوقت الحالي بسبب نظام الحصص في “الأوبك” و بسبب تراجع الاحتياطي في الآبار و الثقوب المنتجة للذهب الأسود.

      و في ردة فعل لمحلل إسباني عن الصفقات التي عقدتها الرباط بخصوص التسلح، أكد أنه متعجب من القوة المالية التي أصبحت لدى الرباط، و الأريحية الاقتصادية التي يتوفر عليها، حيث قال أن المغرب أصبح يشتري المقاتلات ذات التكنولوجيا العالية و كأنه يشترى قطعة حلوى، و أن الإسبان أحسوا بالخطر بسبب وجود خلل في التوازن العسكري بالمنطقة لصالح الرباط، و قرروا شراء 20 مقاتلة من طراز الأورو-فايتر، و أنه من المتوقع أن ترفض لجنة المالية بالبرلمان الإسباني هذه الصفقة بسبب الوضع المالي المتأزم لمدريد.

      الوضع النهائي لهذه المعطيات تحيلنا على فهم واحد، أن المحتل المغربي يعيش نهضة حقيقية و أنه سيلتحق عما قريب بركب الدول التي تمتلك اقتصادا قويا، و سبق لنا على هذا الموقع أن قلنا بأن الرباط بعد عصر كورونا لن تكون نفسها قبل كورونا، و الدليل تقارير البنك الدولي التي توشك أن تزف الرباط كعضو جديد ضمن نادي أقوى خمسين اقتصادا في العالم، ليبقى السؤال الذي يهمنا كشعب صحراوي هو إذا كانت قضيتنا قد عجزت عن تحقيق أي نصر أو تقدم عندما كان المحتل مهدد بالسكتة القلبية الإقتصادية، فهل نستطيع ذلك الآن و قد أصبح يقارع كبار العالم، و الحليف يغرق في الأزمات؟ …. ليس عليك أيها القارئ الكريم أن تجيب عن السؤال لأن عناصر الإجابة هي ما قرأته في المقال.

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد