بـقـلـم : بن بطوش
حين نشرت “رغدة صدام حسين” رواية والدها تحت عنوان:”أخرج منها أيها الملعون”، و التي كانت تتمة لروايته الشهيرة:”زبيبة و الملك”، خرجنا نحن الطلبة نتسابق بحثا عن إحدى النسخ لنفهم كيف كان يفكر “صدام حسين” الذي ظهرت عليه فجأة أعراض الكتابة و أوجاع التأليف و الفكر…؟؟، و هو الذي لطالما ظهر أمام العدسات إلا و المسدس في حزامه و البندقية في يده… و لا ينطق في مؤتمرات حزبه إلا و أرسل دفعة من الأبرياء إلى الإعدام…، أكانت خلف قسوته تلك تسكن روح مبدع!!؟… كان عنوان روايته مستفزا و يتناقض مع سيرة رجل حكم العراق بالدم و النار، و انتهى به الحال في سرداب تحت الضفة الشرقية لنهر دجلة…، عندما شاهدناه جميعا تبدو عليه آثار التخدير و متعبا خلف لحيته يفتح فمه مضطرا لجندي أمريكي، كي يأخذ عينة من ريقه لإثبات أنه نفسه “صدام حسين” بالحمض النووي… و لكننا اكتشفنا نحن الطلبة أن الرواية التي صدرت في الأردن سنة 2005 تم منع نشرها لاحقا و مصادرة كل النسخ…، و في ديسمبر من سنة 2006، صبيحة عيد الأضحى، تم إعدام الديكتاتور الأنيق و شهيد العراق الأول…، و لم نتعرف على أسلوب الرجل في كتابة الرواية.
تلك الرواية: “أُخرج منها أيها الملعون” التي لم أقرأها يشعرني عنوانها أن بها شيء يشبه اللعنة التي أصبح يجسدها الأخ “إبراهيم غالي”، و الذي تحول إلى ملعون القضية الأول و إن كنت أفضل كلمة “لَعَّاݣ” ( شخص يرافقه دائما سوء الطالع)، في وصفه حتى لا أكون قاسيا عليه أكثر من قسوة النوازل…، لكن الأخ “إبراهيم غالي” أصبح في وعيي الصحفي – الذي لا يخضع لمنطقي العاطفي المتضامن مع المهزومين و المنكسرين – مطابقا لعنوان الرواية التي كتبها “صدام حسين” قبل أزيد من 27 سنة…، لأن الصفات التي توحدت فيه ما كانت لتمنحه نعتا غير “ملعون القضية الصحراوية”.
فنحن الشعب الصحراوي الذي اخترناه مكرهين في انتخابات تشبه جميع الانتخابات التي تَسُوقُ دكتاتورا إلى كرسي الحكم، حيث يحصل الفائز على الإجماع الذي يقارب أو يساوي الـ 90%، و لا يتغيب عن التصويت له المرضى و الكسالى و المجانين و الشهداء و المشردين و السجناء و حتى الذين فروا إلى الضفة الأخرى أدرجت أسماؤهم في اللوائح…، نتحمل جزءا من وزر الكارثة؛ لأن الرجل كانت تظهر عليه علامات الفشل منذ البداية، حين رفع شعار الحرب على “التهنتيت” داخل القيادة الصحراوية، قبل أن ينجح “الهنتاتة” في تدجينه و تحويله إلى أكبر “هنتات” و أحد حماة الفساد، و هم من أقنعوه بأن يضع ملف القضية بين يدي قصر المرادية، و أن يتخلى عن كل الخيوط حتى لا تربطه بالقرار أي صلة، و يتفرغ لما كان يُجيدُه عندما كان وزيرا للدفاع و سفيرا بمدريد و الجزائر، و هو الجري وراء نزواته و خليلاته، اللواتي أنشئ لهن مدارس عسكرية تدرسهم قتال الغنج و المضاجع…، و ما كان من الحليف الجزائري إلا أن منح أحد البياطرة ملف القضية و دفع به إلى الأمم المتحدة ليترافع نيابة عن الدبلوماسية الصحراوية، و لكم أن تتخيلوا النتائج التي يمكن أن تجنيها قضية، مُنظٍّرُها و دبلوماسيُها الأول هو “محمد دومير”؛ البيطري الجزائري.
صاحب عبارة:”مانا نخذلوكم يا الجزايريين”، كان صادق الوعد مع قصر المرادية، لأنه خذل الصحراويين و نكث كل العهود مع الرعيل الأول، و حقق من الفشل ما لم يسبق أحد إليه، لأن في عهده خسرنا المعبر الملعون (الگرگرات)، و خرج مقاتلونا منه تحت ذريعة إعادة الانتشار الذي لم يحدث منذ 2020، و في عهده خسرنا الأراضي المحررة و التي استحالت محرمة و يحرسها من الجو شيطان جيش الاحتلال “يعني”، و في عهده خسرنا طابورا طويلا من الحلفاء مثل كينيا و مدغشقر و بوروندي و موزمبيق و أفغانستان و كمبوديا و الرأس الأخضر و غايانا و صربيا و كولومبيا و السويد و البرازيل و الهند و سوريا و تشاد و بوركينافاسو و بيرو و هايتي…، و اللائحة جد طويلة و مرهقة.
لكن الموجع في عهد “اللعّاگ” و كبير “الأقزام”، أنه كان السبب المباشر في حملة الاعترافات من دول الصف الأمامي للعالم، بدءا من إسبانيا التي لحقت بها فرنسا و البرتغال و ألمانيا و بلجيكا…، و في عهده طعن الإتحاد الأوروبي في حكم المحكمة الأوروبية و اتهموا قضاتها بالفساد و الارتشاء، و قرروا أن يوقعوا مع المحتل المغربي اتفاقا فلاحيا لا خطوط حمراء تحاصره، و لا يفرض وسوما خاصة على منتجات الصحراء الغربية المحتلة، …. و في عهد “اللعّاگ” قرر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قائد العالم أن يعترف للمحتل المغربي و أن يشهد له بأن الصحراء ملك يمينه و مرتع شمائله و أن لا أحد بعد هذا القرار يحق له أن ينعت تواجد الرباط بالصحراء احتلالا.
في عصر شيخ الأقزام، أعلن البيت الأصفر الشاحب تنصله من اتفاق وقف إطلاق النار، و أخرج جيشنا الشعبي عتاده السبعيني ليكتشف أن المحتل المغربي أصبح لديه جيش من المستقبل، و لديه قدرات تقنية و تحالفات عسكرية توفر له أحدث الأسلحة، و لديه أدوات تجسس مطلعة على تفاصيل الحياة اليومية لـ “اللعّاگ” و زبانيته، لدرجة أن الحليف الجزائري كان قد غَيَّرَ من هويته لينقله للعلاج بأسبانيا، لكن المحتل تمكن من رصد تحركاته و التعرف على وجهته فكانت هدية أحسن المحتل استغلالها، و اضطر “سانشيز”، رئيس الحكومة المدريدية، لزيارة ملك المغرب و الاعتراف له بسطوته و سلطته على الصحراء الغربية، كاعتذار على القبول بنقل “بن بطوش” للعلاج في مستشفيات إسبانيا.
حين وقف الأخ “إبراهيم غالي” على منصة النصر بعد انتخابه خلفا للراحل “محمد ولد عبد العزيز” سنة 2016، قادما إلى الحكم من سفارة الدولة الصحراوية بالعاصمة الجزائر حيث راكم تجارب في التعرف على “المناضلات” اللواتي كن يزرن الجزائر في إطار الوفود الحقوقية القادمة من الأرض المحتلة، و كأنه تدريب على ترويض القضية التي سيعاملها لاحقا كمغتصب، تلى على المؤتمرين لائحة طويلة من الأهداف، كان من بينها وعده لنا بأن على يديه سيتحقق النصر و سيطرد الغزاة…
و بعد تجديد عهدته في الانتخابات التي فاز بها أمام أرنب السباق و منافسه الوهمي وزير الواتساب “البشير مصطفى السيد”…، وقف الأخ “اللعّاك” بدون حياء يكرر علينا نفس الأهداف، ثم أضاف إليها شعارا جديدا: “تصعيد النضال من أجل انسحاب المحتل وفرض السيادة الكاملة”، كان يكذب دون توقف و هو يكرر عبارة النصر و فرض السيادة عند ختمه كل جملة…، و نحن حينها لم نفهم أن ما كان يكرره كانت أهدافه التي لن يحققها، و هذا يذكرنا بالأسلوب الذي كان ينهجه الوزير الأول الإسرائيلي “نتنياهو” الذي ردد في خطابه الانتخابي عبارة السلام أزيد من 70 مرة، بينما كان العالم بأسره يعرف أنه دراكولا العصر الحديث و الرجل الذي يشتهي الاستحمام بالدماء و أنه لا يستطيع أن يعيش دون حروب…، و كذلك كان ملعون القضية الأول رجل لا يصنع غير الهزائم المذلة، التي تجعل شهداء القضية يشعرون بالسعادة لأنهم لم يعيشوا عصره و لم يتجرعوا ذل هزائمه.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك