Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

المفوضية الأوروبية تقصي القيادة الصحراوية من الاتفاق الفلاحي و توقع مع الرباط اتفاقا يشمل الصحراء الغربية

بـقـلـم : بن بطوش

      كان القياس أن نجعل مقدمة هذا المقال خالصة لاتفاق السلام الذي قررت “حماس” الموافقة عليه، و أعلنت في مبادرة لكشف حسن نيتها أنها ستطلق ما تبقي لديها من رهائن…، لكن الاحتجاجات التي تهز الشارع المغربي فرضت علينا بمنطق فقه النوازل الصحفي، أن نفتح هذا الملف و أن نحيط القارئ الصحراوي الكريم ببعض التفاصيل، حتى لا يركن إلى ما يروج من تضارب و يكون حكمه متطرفا عن الحقيقية.

      فما يحدث في دولة الاحتلال يستحق منا كصحافة قضية سياسية أن نتأمله و نستوعبه و نضعه على منصة المقارنات، ذلك أن المواطن المغربي الذي لا يعيش في الخيام و ليس لاجئا و لا ينتظر القوافل الطبية الإنسانية كي تزوره مرة كل أربع سنوات و هي تحمل معها أدوية، لم يسبق استعمالها لتجريب أثرها على جسد أبنائه، و لا ينتظر قفة مساعدات مليئة بالمعلبات و المصبرات التي يُحرِّم الأوروبيون بيعها في أسواقهم، و بها الأرز المعالج بالمبيدات التجريبية الخطيرة، و لا ترعبه  فيضانات الأمطار و لا يعاني من حرارة الصيف اللاهبة بالحمادة و لا يهدده العطش و الجوع و لا يحتاج إلى تصاريح من الدرك أو الجيش الجزائري كي يسافر…، و لديه الملاعب و الأسواق الممتازة و لا يقف في الطوابير و لا ترعبه حروب العصابات و نزغات القبلية المقيتة…، لكنه رغم ذلك خرج جيل منه، يتم تصنيفه إعلاميا بحرف “Z“،  إلى الشوارع ليطالب بنظام صحي و تعليمي جيد، فهل يمتلك الشباب الصحراوي الذي ازداد باللجوء هذا الوعي بحقوقه… !!؟، و هل يمتلك أهالينا اللاجئون هذه الجرأة بأن يطالبوا بالمساواة في الخدمات الصحية و التعليمية مع دول العالم الأمامي… بل السؤال الحقيقي: هل نمتلك مقومات تصنيف شعبنا إلى أجيال، ما دمنا لا نملك سوى الجيل الذي أنتج الثورة الصحراوية و الذي احتكرها ليدفنها  مع جثامين من لا زالوا على قيد الحياة منهم  !!؟

      كصحفي، أشعر بالخيبة و الحسرة و الكمد و ببعض الحسد و ليس غبطة، أن التعليم الذي لم يعد هذا الجيل المغربي (Z) مقتنع بأدائه، هو نفسه النظام التعليمي الذي سمح بتكوين جيل نشأ بين خيوط الحواسيب و خوارزميات التطبيقات، و هذا لا يعني أنه تعليم سيء أو فاسد، أو ميؤوس منه مادام الطلاب المغاربة هم من ينجحون في مباريات الجامعات الكبرى بفرنسا و غيرها من الدول الأوروبية،  بقدر ما أن هذا الجيل المغربي يريد طفرة تعليمية أقوى، و يريد أن يَنْقل عالم الخوارزميات إلى المنظومة التعليمية و أن تصبح ضمن المقررات و أن يتم التخلي عن بعض أساليب التدريس التي تجاوزها العصر …، تخيل معي أيها القارئ الكريم أن ما يشغلني الآن هو معرفة كم يحتاج الشعب الصحراوي من عقود لو أراد أن يصل إلى هذا المستوى من الوعي في المطالب و إلى هذه الفخامة في العيش، و لا أخص فقط الشعب الصحراوي بل حتى الشعوب  في المحيط الإقليمي للرباط.

      و هذا سر التفوق المغربي على الحليف الجزائري و القيادة الصحراوية…، ذلك أن قضية صراع الأجيال هي التي تنتج النخب و تطور في مسار الدولة.. !!، و هي النخب التي منحت النظام المخزني قيادات سياسية و دبلوماسية و عسكرية و أمنية و إستراتيجيين و مصممي مخططات يصعب العثور عليهم لدى باقي البلدان العربية، و بطبيعة الحال التعليم الذي أنجب هذه النخب التي هي أصل مصائبنا، أصبح جيل Z يراه متجاوزا، و هذا يفسر أيضا سبب نجاح الرباط في فرض منطقها على دول الصف الأمامي من العالم، حيث أعلن الإتحاد الأوروبي أنه أعطى الموافقة وبالإجماع دون شرط أو قيد للمفوضية الأوروبية كي توقع اتفاقا جديدا للفلاحة مع المغرب يشمل الصحراء الغربية، و صوت للقرار 17 دولة أوروبية.

      الاتفاق تم توقيعه بين بروكسيل و الرباط بعد خمسة أيام فقط من المفاوضات، دون تأجيل أو تسويف، و أن المفوضية الأوروبية بقيادة فرنسا و ألمانيا و إيطاليا وافقت على الشروط المغربية كاملة، بما فيها أن المنتجات الفلاحية ستَستخدم الأسمدة الفسفورية المصنعة من الفوسفاط الذي يستخرج من مناجم بوكراع بضواحي مدينة العيون المحتلة، و أن المنتجات ستحمل وسم المغرب و سيتم حمايتها قضائيا و أمنيا داخل أوروبا بموجب هذا الاتفاق.

      ردة فعل القيادة الصحراوية التي ظلت وفية لعاداتها، جاءت في بيان بكائي تكاد تسمع في عباراته نحيب “الهنتاتة”، حيث قالت الحكومة الصحراوية أن الاتفاق غير قانوني لأن المفاوضات لم تحضرها القيادة الصحراوية و لم تتجاوز تلك المفاوضات الخمسة أيام، و المضحك في البيان أن قيادتنا قالت فيه بأن رفض الإتحاد الأوروبي فتح قنوات التفاوض معها بشأن الاتفاق يعتبر تكرارا لأخطاء الماضي، و أن بنود الاتفاق مع الرباط تخالف الشرعية الدولية و ميثاق الأمم المتحدة.

      و من يطلع على البيان الصحراوي سيكتشف بعض المتناقضات، خصوصا إذا كان أحد العارفين بتفاصيل الصراع على الصحراء الغربية، لأن البيان صيغ بمنطق من يتحكم في الأرض و يحاول فرض رأيه و شروطه، لكن الحقيقة أن الذي يسيطر على الأرض هو المحتل المغربي و من يحصل على الشرعية الدولية لتوقيع الاتفاقيات باسم ساكنة المنطقة هو المغرب، و من يحمي الاستثمارات التي ستوجه منتجاته إلى الإتحاد الأوروبي هو المغرب، و بالتالي أن بيان القيادة الصحراوية هو صياغة بكائية يمكنها أن تؤثر في من لا يعرف ماهية الصراع على الصحراء الغربية.

      و حتى كتابة هذا المقال لم يصدر عن قصر المرادية أي بيان أو موقف أو تصريح رسمي من أي مسؤول سياسي أو دبلوماسي أو حتى عسكري، يندد فيه بالاتفاق، و ما يفسر هذا الصمت أن الاتفاق جاء بين الرباط و بروكسيل أياما فقط بعد إعلان الخارجية الأمريكية عبر نائب وزير خارجيتها “كريستوفر لانداو” بأن أمريكا ستدعم الشركات التي ستستثمر في الصحراء الغربية، و الحليف يريد أن يتجنب أي اصطدام مع واشنطن حتى و إن تعلق الأمر ببيان بكائي، لدرجة أن وزير الخارجية الجزائري في الاونة الأخيرة أصبح يسقط القضية الصحراوية من ندواته و تصريحاته و خرجاته الإعلامية، و غياب بيان يندد بالاتفاق الجديد يعد تكريسا لهذا التوجه.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد