بقلم: القطامي
في خطوة تؤكد كل ما كتبناه في مقالاتنا عن الوضع المتأزم لمشروعنا الوطني و قضيتنا الصحراوية، كتب القيادي المثير للجدل، “البشير مصطفى السيد“، عضو الأمانة الوطنية ومستشار الرئيس “إبراهيم غالي”، ما يلي :“استعجال ندوة وطنية لتقويم الوضع. ليس بلاغا بأي ترقيم. أمام ما وصل إليه وضعنا الوطني من درك تردي و ما ينذر به من ضياع أعظم التضحيات وأثمن المكاسب وفي وجه التسارع إلى نهاية سيئة، فإني أدعو ، باسم كل من يغار على الأمجاد و يستشعر قشعريرة من خروج الأمور عن السيطرة والندم بعد فوات أوانه ، إلى ندوة وطنية شاملة يحضرها المناضلون والمناضلات و المقاتلون ممن اختارتهم جهاتهم ليمثلوها و ينوبوا عنها في تدبر الأحوال الوطنية العامة و قصد:1) إيجاد التدابير الاستعجالية لمنع التدهور وضمان السيطرة على الوضع. 2) الاتفاق على الإجراءات الاستثنائية لتقويم الوضع في كل جوانبه و الانتقال إلى مرحلة التخلص من الغرق في وحل الانشغالات الداخلية وآثار الفراغ الذي لم تنفع ثلاث مؤتمرات في سده؛ ولتركيز البال على القتال وشد الرحال صوب الوطن ومواجهة العدو لطرد قوات احتلاله”.
ما كتبه “البشير مصطفى السيد”(أو كما نسميه في مقالاتنا “وزير الواتساب”)، نعتبره – نحن طاقم “الصحراءويكيليكس”- خير دليل و من باب “شهد شاهد من أهلها” على الوضع الحقيقي للقضية الصحراوية، و هو يشكل ردا واضحا و مباشرا على كل المنتقدين لنا و لكل من يُحاول التشكيك في وطنيتنا على خلفية الخط التحريري الجريء لموقعنا الإعلامي، الذي يتناول واقع القضية الوطنية بكل تجرد و دون مساحيق تجميل و بعيدا عن البروباغندا الفارغة، و غايتنا التنبيه إلى المخططات الخطيرة التي تُحاك ضد المشروع الوطني من كل الأطراف، و التي ازدادت تفاقما خلال السنوات الأخيرة؛ خصوصا منذ تولي الأخ “إبراهيم غالي” أمانة التنظيم السياسي و رئاسة الدولة.
القيادي “البشير مصطفى السيد”، و إن كان على المستوى الشخصي إنسان متعجرف و انفعالي و متهور و غير دبلوماسي في ردوده و تصوراته، إلا أنه على المستوى السياسي رجل له مكانته التي لا يمكن أن ينكرها أحد عليه، بحكم المناصب العديدة التي تقلّدها منذ سبعينيات القرن الماضي، و يكفيه مكانة أنه شقيق مفجر الثورة الصحراوية “الولي مصطفى السيد”، و بالتالي فهو كان العلبة السوداء لهذا الأخير و الأكثر دراية بأسرار الأسلوب الذي كان ينشدُه أخوه الشهيد كمنهاج للكفاح الوطني نحو التحرير، و هو حاليا الأكثر إطلاعا و فهما لحقيقة لمسار قطار المشروع الوطني؛ إن كان لا يزال يسير على السكة الصحيحة نحو الاستقلال أم انعطف نحو اتجاهات مسدودة أو تخدم مصالح جيواستراتيجية لأطراف أخرى.
و بالتالي عندما يكتب “البشير مصطفى السيد” عبارته : “أمام ما وصل إليه وضعنا الوطني من درك تردي و ما ينذر به من ضياع أعظم التضحيات وأثمن المكاسب وفي وجه التسارع إلى نهاية سيئة”، فإن الرجل لا يدق ناقوس الخطر فقط، بل يُحذر من كارثة يراها وشيكة الوقوع، بعدما أصبح المواطن الصحراوي اللاجئ يحس بغياب تام للأمن داخل المخيمات، حيث انتشرت الجريمة و باتت العصابات الإجرامية، خصوصا تجار المخدرات يتحركون بكل حرية و يفرضون قانونهم هناك و يروّعون السكان بصراعاتهم المسلحة في إطار تصفية حساباتهم مع منافسيهم، دون أن تتحرك أجهزة الدولة الصحراوية لفرض القانون، كان آخرها الحادث الذي وقع بتاريخ 30 يونيو 2024، على الطريق الرابطة بين مخيم أوسرد و مدينة تندوف الجزائري، عندما قامت عصابة مكونة من عناصر من قبيلة أولاد تيدرارين، على متن سيارة رباعية، بإطلاق النار من سلاح كلاشينكوف، على الشابين الصحراويين “أحمد ولد الشيخ ولد محمد ولد اسويد” (قبيلة الرگيبات اسْواعد) و “المغيفري” ولد إبراهيم ولد البمباري” (قبيلة لعروسيين)، حيث قُتل الأول على الفور فيما أصيب الثاني بجروح خطيرة لفظ على إثرها أنفاسه بعد نقله إلى المستشفى.
و حسب ما توصلنا به من معطيات حول أسباب هذه الجريمة الشنعاء، فإن المهاجمين يتهمون العصابة التي ينتمي لها القتيلان بالاستيلاء يوم 20 يونيو 2020 على كمية من المخدرات (حبوب الهلوسة) و هواتف محمولة تم إدخالها إلى المخيمات عن طريق التهريب من الأراضي الموريتانية…. و تعليقا على الحوادث الإجرامية المتكررة بالمخيمات نشر يوم 06 يوليوز 2024، الدبلوماسي الصحراي “أبِّي بشرايا البشير“، أو “لص المليون دولار”، تغريدة على منصة “إكس” قال فيها:”أن التوترات المسجلة، والتي تضاعفت بشكل مقلق في الآونة الأخيرة (…) تجعل العالم كله، بما في ذلك أصدقاءنا، يشككون في قدرتنا على إنشاء دولة!.“… و طالب من القيادة الصحراوية بـ”التخلي عن المقاربة الضيقة التي تختزل الأمن في مسألة الحفاظ على النظام العام، والذي لا ينتج إلا حلقات مفرغة من الأفعال وردود الأفعال و يتحول إلى خلافات عميقة، ولا سمح الله، يقود نحو المجهول!”.
الندوة الوطنية التي دعى “البشير مصطفى السيد” إلى تنظيمها في أقرب وقت، ستكون – في حال السماح بعقدها- بمثابة مؤتمر استثنائي لتنظيمنا السياسي، و محاكمة علنية للأخ “إبراهيم غالي” و زبانيته من “الهنتاتة” ، حول التدبير الكارثي للقضية الوطنية داخليا و خارجيا، حيث أصبح المواطن الصحراوي بالمخيمات لا يحس بوجود الدولة و يرى بأن النظام الجزائري – منذ تولي الثنائي “تبون” و “شنقريحة” زمام الحكم بمكة الثوار- أصبح يحتكر القضية الصحراوية و يدبر بها صراعه السياسي و الدبلوماسي مع العدو المغربي، لدرجة أن العالم نسي بأن القضية تخص طرفا ثالثا ألا و هو الشعب الصحراوي، و لذلك فـ “البشير” يرى في تنظيم الندوة الوطنية مناسبة للخروج بتوصيات جريئة لسحب الملف من أيدي الجزائر و إعادة تدبيره للتنظيم السياسي للجبهة و البحث عن حلول للتخفيف من الأزمة الأمنية و الاجتماعية و الاقتصادية للاجئين الصحراويين و إعطاء تقييم حقيقي لحصيلة الحرب المُعلنة منذ 13 نوفمبر 2020 و مآلاتها في حال توقفها أو استمرارها.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك