Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الرئيس الجزائري يرفع الراية البيضاء لباريس … قراءة تحليلية لهذا التحول المفاجئ؟ !!!

بـقـلـم:بن بطوش

         يقول أحد الحكماء من عمق القارة المسحوقة، أنه كلما تقدمنا في العمر ضعف البصر و اتضحت الرؤيا… !!، و أنا أقول، و هذا قول يلزمني و لا يلزم هذا الموقع الحر، أن الرئيس الجزائري كلما تقدم في حكم الجزائر ضعفت البلاد و اشتد بطش الأعداء بها؛ إذ لم يسبقه إلى هذا الحال أي رئيس من قبله، و هذا الرأي أسرده بمنتهى الأمانة الصحفية عطفا على نتائج عهدة و نصف من سلطته و تمثيله للجزائر العميقة…. فالرجل بعد خروجه الإعلامي الأخير  أخافنا جميعا كجزائريين و صحراويين، و في لقاءاتنا على المنصات في هذا الشهر الكريم، أجمعنا الرأي و وحدنا الفتوى بأن حواره لا يحتاج إلى التحليل السياسي و الإستراتيجي، بقدر ما أنه يحتاج إلى التقييم النفسي و الذهني، لكمية التناقضات التي جعلت المتابعين للشأن الجزائري يعتبرونه حوار الراية البيضاء و لقاء الاستسلام و الانبطاح لفرنسا،  و إعلانا رسميا عن تراجع الجزائر خطوتين إلى الوراء و بالضبط إلى مرحلة ما قبل الاعتراف الفرنسي بسلطة الرباط على الصحراء الغربية …. أو بالأحرى  هو إعلان عن استعداده “الذهاب إلى كانوسا” لطلب المغفرة من “ماكرون”.

         السؤال الذي جعل لقاءاتنا على المنصات الحوارية في مواقع التواصل الاجتماعي تستهلك يومين من النقاش قبل حصول الإجماع على ما جاء في حواره، هو ما الخطب الذي أفزع الرئيس الجزائري و جعله يُعجِّل باللقاء الصحفي الذي كان مبرمجا إلى ما بعد منتصف الشهر القادم؟؟؟؟ و ما هي الرسالة التي أبلغتها فرنسا إلى الجزائر بعد فشل الوساطة التونسية، و التي أغضبت النظام المخزني و جعلت ملك المغرب لا يبعث ببرقية تهنئة إلى قصر قرطاج في احتفالات اليوم الوطني للتونسيين، و هي التهنئة التي يبعث بها النظام المغربي إلى الجزائر حتى في أوج الصراع بين الجارين اللدودين… !!؟

         ننطلق في التحليل بسرد أسباب عقد  هذا اللقاء الصحفي بعد أسبوع  فقط من البيان التحذيري بخصوص التمرين العسكري بين الجيشين المغربي و الفرنسي، و بعد يومين فقط من النطق بحكم يُدين المعتقل “بوعلام صنصال” بـ 10 سنوات سجنا، و أيضا جاء بعد أربعة أسابيع عن الحوار الذي خصّ به الرئيس الجزائري جريدة “لوبينيون” الفرنسية، و الذي قال فيه بلغة عنترية أنه حذر الرئيس “ماكرون” من ارتكاب خطأ الاعتراف بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، و أضاف أن أسباب الخلاف بين الجزائر و فرنسا تعود لهذا الموقف الذي يُزكي نفوذ الرباط، و أن شرط إعادة العلاقات مع باريس، هو سحب الاعتراف الفرنسي الذي قوى نفوذ الرباط في المنطقة…، لكن – و بعد أقل من شهر على تلك التصريحات القوية للرئيس الجزائري- يعود الرجل ليعقد ندوة صحفية مع الإعلام الجزائري، و يقول بلغة فرنسية واضحة حتى يفهم القادة الفرنسيين دون تأويل لخطابه، أنه لا مشكلة له مع الاعتراف الفرنسي بسلطة الرباط على الصحراء الغربية و أن مقترح الحكم الذاتي هو في الأصل خطة فرنسية، و أن باريس لا تخفي صداقتها العميقة مع الرباط، و هذا كله أمر طبيعي و لا يُثير غيرة و غضب النظام الجزائري… !!.

         الآن سنمدك أيها القارئ الكريم بالأسرار التي تمكنا من الحصول عليها، و التي تقول أن هذه التصريحات – الأجوبة على ما تم الاتفاق عليه بخصوص الحوار الصحفي مع الفريق الإعلامي الجزائري، جاءت بعد توقف أو بالأحرى فشل الوساطة الدبلوماسية التونسية لترميم الخلاف بين  قصري الإليزيه و المرادية، و عجز الخارجية التونسية عن إقناع باريس أن تونس أيضا ترى في الاعتراف الفرنسي تقوية للجبهة المغربية المدعومة أمريكيا و إسرائيليا، و إضعافا للجبهة التونسية – الجزائرية التي تخدم ما تبقى لفرنسا في إفريقيا من نفوذ…، و أن تونس  – هي الأخرى- ترى بأن على فرنسا أن تُعيد الوضع إلى سابق عهده حتى يعود التوازن إلى شمال إفريقيا.

        و سبق و قلنا في مقالاتنا السابقة أن باريس حين تفاوض الجزائر فهي تُطلِع الرباط على تفاصيل الحوار، و حين تفاوض الرباط فهي تبلغ قصر المرادية بنتائج الحوار و تضع الطرف الآخر أمام الأمر الواقع، لهذا كانت الرباط على معرفة مسبقة بالموقف التونسي الذي لا يكشفه الإعلام، لكن المستجد في الوساطة التونسية أن باريس حمّلت تونس رسالة إلى قصر المرادية تقول بأن فرنسا  تفكر جديا في إصلاح أخطائها التاريخية و الجغرافية في المنطقة المغاربية، و أن تعيد الحقوق الترابية و السياسية إلى أصحابها، بما فيها حقوق “الشعب لقبايلي”، و أن ما تفعله  حاليا  واشنطن مع كيب الغربية بجنوب إفريقيا لحماية  السكان البيض من  ممارسات الأفارقة السود، يجب أن تقوم به باريس مع  لقبايليين لحمايتهم.

         لهذا فالرباط غاضبة جدا من الوساطة التونسية و تعتبرها  خطوة أخرى في سلسلة مراكمة المواقف العدوانية  لقصر قرطاح تجاه مصالح المغرب، و بأنها وساطة جانحة و عرجاء، و تخدم الطرف الجزائري و القيادة الصحراوية فقط،…و بالمقابل حكومة الظل في الجزائر استشعرت الخطر مما توصلت به من رسائل عبر تونس، خصوصا و أن فرنسا ظلت متمسكة بشرطيها من أجل إصلاح العلاقات مع الجزائر، وهما إطلاق سراح المعتقل “بوعلام صنصال” دون قيد أو شرط، و القبول بترحيل الجزائريين الموقوفين فوق التراب الفرنسي…

         و هنا مكمن الخطر عند الحليف الجزائري، و السبب الذي دفعنا لنقول على أن حوار الرئيس الجزائري يحتاج إلى تقييم نفسي و ذهني؛ لأن من يعيد الإنصات لإجابات نجل المجاهد “بوبغلة” لعدة مرات و يٌدقق في العبارات و في حركات جسد و ملامح الرئيس الجزائري، يكتشف كمحلل أو متابع أو مهتم… أن ثمة نبرة خوف لدى الرجل، و أنه  في  الحوار الأخير ظهر متأنيا في نطق الكلمات و اضطر في الكثير من الأحيان إلى “النحنحة”و رفع حاجبيه بين الكلمة و الأخرى ليجد زمن كافيا للتفكير و اختيار الكلمات، و كأنه يصارع ليتذكر ما تم الاتفاق على التصريح به.

         بمعنى أن ما تم تسريبه عن وفاة  محتملة للكاتب”بوعلام صنصال” قد يكون و بنسبة كبيرة حقيقة، و أن الرجل توفي  فعلا بسبب مشاكله الصحية و ظروف الاعتقال و ضعف العناية الطبية، و لذلك فالنظام الجزائري مرعوب من ردة فعل باريس و من خلفها المنتظم الدولي،… و إن تبث الأمر فالعالم سيكون على موعد مع قضية جديدة أكثر فظاعة من قضية “خاشقجي”، و أن الرئيس الجزائري يريد  تسريع إصلاح العلاقات مع باريس بأي ثمن حتى يفاوض “ماكرون” على الصمت في قضية “صنصال”، لدرجة أنه أشار إلى العلاقات الجزائرية الإسبانية لتبسيط الأمر و جعله ممكن التكرار مع باريس، حيث قال أن العلاقات مع مدريد عادت إلى طبيعتها، ….أو أنه يشير إلى وساطة أوروبية هذه المرة تقودها مدريد، و الدليل أنه قال بأن لا نية له للضغط باستعمال ورقة الغاز، و هذا تنازل جديد و محاولة لتليين موقف الإليزيه الذي أعلن أن لديه مصادر متنوعة للغاز، كرد على تلويح الرئيس الجزائري بشروطه لإصلاح العلاقات في حواره مع الإعلام الفرنسي.

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

        

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد