Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الجزائر تهدد مصر بتوقيع اتفاق للدفاع المشترك مع حكومة ”دبيبة” الليبية و القاهرة ترسل وزير خارجيتها إلى الرباط… !!

بقلم : بن بطوش

        في مشهد رهيب تجاوز حدود الإنسانية و أوغل الوجع في خافق كل عربي من المحيط و حتى الخليج، استقبلت جماهير الشعب السوري عدد من السجناء المفرج عنهم من طرف نظام “بشار الأسد”، كان المشهد صعب التصديق، و سيلهم مخرجي هوليود لسنين طويلة…، عشرات السجناء حملوا في حافلات توغلت بين الحشود ثم فتحت أبوابها، ليخرج منها العائدون من النسيان، لم يكن أحد يتوقع أن يرى سجناء “بشار” المفرج عنهم بذلك الحال، بدوا تائهين و كأنهم يكتشفون الحياة لأول مرة، وقد أبهرتهم الجماهير التي خرجت تبحث بينهم عن إبن أو أب أو أخ أو زوج أو قريب فقد ذات ثورة لم تكتمل و أجرمت في حق بلد بأكمله…، كلهم فاقدون لعقولهم، و جميعهم يمشون بخوف و ذهول بين الأيادي و الأصابع التي تشهر في وجوههم صور مفقوديهم، و يتوسلون لهم أن يتأملوها، لكن الأعين التي ستتأمل تلك الصور، لهول ما رأته من العذاب و الظلم و التنكيل في الأقبية الظلمة… إبيضت من الخوف و الحزن و أصبحت حرضا.

     خرجوا من تلك الحافلات تائهين مذعورين، بأجساد هزيلة و قد شاخت ملامحهم و تساقط شعرهم و جف الدم في وجوههم…، صامتون و يوزعون نظراتهم في كل إتجاه و كأن آذانهم لا تزال تسمع أصوات الجلادين …، و رغم كل العناق  مع أهاليهم كانوا لا يشعرون بالأمان، لقد سلبتهم سجون “بشار” كل أحاسيس الإنسانية الجميلة و أعادوهم إلى أهليهم بروح منطفئة…، كانت لحظة هَوَتْ فيها الإنسانية من فوق جبل التاريخ العربي الشاهق إلى قاع الهمجية السحيق…، و بينما نحن نتأمل تلك الفظاعة، حضرتنا صورة سجناء القضية الصحراوية، و تذكرنا أحبابا لنا في الزنازين المظلمة…، “الخليل أحمد أبريه” و باقي المنسيون في سجن البليدة و معتقلات الرابوني…، و تساءلنا متى يستيقظ ضمير النظام الصحراوي و يقنع الجيش الجزائري بالإفراج عن مصابيح الشعب الصحراوي؟… رجال نطقوا كلمة الحق في زمن الظلم.

      ما يجري في ليبيا ليس أقل وجعا مما يحصل بسوريا، ذلك أن الجزائر تكاد تحول ليبيا إلى ساحة مواجهات مع الدول العربية، و هذا سيزيد من عزلة قضيتنا الوطنية، و سيزيد من تكريس صورة الجزائر كدولة تصطنع الأزمات مع العواصم العربية بينما تخضع ذليلة لإرادة الأوروبيين، حيث تسرب إلى الإعلام الدولي أن قصر المرادية يستعد لتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع حكومة “دبيبة” التي تعاني من عزلة عربية مزمنة، و لا تحظى إلا بالدعم الجزائري، حيث قالت منابر ألمانية و فرنسية، أن قصر المرادية يسعى لكبح التحركات المصرية في طرابلس، و أن هناك تحركات دبلوماسية جزائرية مشبوهة، قد رصدت عَزمَ الجزائر توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع ليبيا، مما يعني أن الجزائر تنوي فعلا الدخول إلى المعترك الليبي و التورط فيه عسكريا، لتحجيم الدور المصري المدعوم خليجيا، و لخلق التوازن الذي اختل بعد انسحاب تركيا من اتفاق الدفاع المشترك مع الحكومة الليبية، بسبب ضعف هذه الحكومة و عجزها عن تحقيق التوافق المطلوب بين القبائل الليبية.

      فقد ربط الإعلام العربي و الدولي بين زيارة وزير خارجية مصر إلى الرباط و الأحداث الدائرة في ليبيا، و نقل الإعلام الأوروبي عن الصحفي الليبي المستقل “نبيل السوكني” بأن الجزائر تعتزم توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الحكومة الليبية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة” على غرار الاتفاقية التي وقعتها طرابلس مع أنقرة، و شرح خبراء أوروبيون هذه الخطوة الجزائرية على أنها موجهة ضد مصر و دعمها غير المشروط لرئيس الحكومة المكلف من برلمان طبرق “فتحي باشاغا”، الشيء الذي ترى فيه الجزائر تجاوزا للخطوط الحمراء، و تنفيذا لتهديد سابق من الرئيس الجزائري كان قد لوح فيه بإمكانية التدخل العسكري في ليبيا إذا ما تم إسقاط حكومة “دبيبة”…، ليبقى السؤال هل يؤثر الخلاف المصري الجزائري على القمة العربية المقبلة بالجزائر ؟ ثم ما سر التعلق الجزائري بحكومة “دبيبة” ؟

      جذور الخلاف المصري الجزائري تعود إلى موقف الجزائر من أزمة سد النهضة بدرجة أولى، و محاولة “لعمامرة” الحصول على الدعم الإثيوبي للقضية الصحراوية مقابل موقف جزائري داعم لحق إثيوبيا في ملئ السد المثير للجدل…، ثم تطور هذا الخلاف ليصل ذروته بسبب الموقف الجزائري المثير للغضب العربي و الليبي، حين أكد وزير الخارجية الجزائر “لعمامرة” في اجتماع باريس على ضرورة الحفاظ على المرتزقة الأتراك و الروس و السوريين و حتى بعض الصحراويين و الأزواد المتورطين في معارك ضد الليبيين و تأجيج الحرب… و عدم إجلائهم، حتى دونما تقديم شرح مقنع، يضاف إليه موقف الجزائر خلال الاجتماع المغلق و الذي سربه الإعلام الألماني، حين دعم حصول الشركات الألمانية على حقوق الإعمار داخل ليبيا دون غيرها من الشركات العربية و الغربية، و أخيرا الأزمة الصامتة بين مصر و الجزائر بعدما بث الإعلام المصري وثائقيا بعنوان “الجزائر تسرق ليبيا”، في اتهام خطير للجزائر بإظهار أطماع لابتلاع أجزاء جديدة من الغرب الليبي، و السيطرة على حوض غدامس.

      اتهامات مصر للجزائر تتجاوز الثروات و الأرض إلى تمويل الإرهاب و تهديد الأمن القومي لأزيد من 110 مليون مصري، و تعتبر مصر أن تشبث الجزائر ببقاء المرتزقة بليبيا الغاية منه وضع غطاء دولي للأعمال الإرهابية شرق ليبيا و الموجهة ضد المصالح المصرية، لكن الواقع يقول بأن الجزائر تخشى من توغل مصر في ليبيا و السيطرة على خيراتها بواسطة شركاتها، بعد انسحاب معظم الدول التي خاضت حروبا طاحنة داخل بلاد “عمر المختار” لسنوات، لكنها لم تتحصل على مبتغاها من الطاقة بسبب التكلفة المرتفعة للحرب و أزمة الوباء، فيما الجزائر التي بدأت أحواضها الطاقية تجف، لا تزال متشبثة بليبيا و ترى فيها المستقبل.

      و المرجح أنه في حالة توقيع الجزائر مع حكومة “دبيبة” لاتفاق الدفاع المشترك، ستكون أمام خيارين، إما تجميد الاتفاق و ترك الأمور تمضي وفق المنظور الدولي الذي يتناسب و طموحات مصر، أو التدخل عسكريا لفرض الإرادة الجزائرية، و هذا مستبعد حسب الخبراء الأوروبيين، الذين يقولون بأن الجزائر منذ تأسيسها سنة 1962 لم تخض غير حرب واحدة كانت ضد المغرب سنة 1963 و انهزمت فيها، و أنها لم تشارك في أي عمليات عسكرية خارج الحدود، فيما الجيش المصري يعتبر جيشا متمرسا على القتال و له تاريخ طويل من الحروب في الصحراء، و يسترسل الخبراء في تأكيدهم للأمر بإدراج قصة المشير “خليفة حفتر”، الذي كان قاب قوسين أو أذنى من إعلان الحرب على الجزائر لولا تراجع قائد الجيش الجزائري عن تهديداته للجيش الذي كان يقوده الجنرال الليبي، و الذي يعرف جيدا تسليح الجيش الجزائري و له معرفة مقربة بالقادة الجزائريين، و له مطالب ترابية و يرغب في استعادة مئات الكيلومترات التي يقول أن فرنسا اقتطعتها من ليبيا و قدمتها للجزائر.   

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد