Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الاستقواء بالقبيلة يهدد بنيات الدولة الصحراوية بالانهيار

بقلم: الغضنفر

         شهدت مخيمات أهالينا بتندوف، في السنوات الأخيرة، العديد من  الاحتجاجات، قاسمها المشترك هو الاصطفاف القبلي للمطالبة بحق ما، آخرها خوض أفراد قبيلة أولاد تيدرارين  لسلسلة من المظاهرات، تنديدا بتهريب قتلة “ديدية ولد بنبا ولد يعقوب ولد أباها” أحد أبناء عمومتهم، من سجن “الذهيبية”، بتواطؤ سافر من القائمين على السجن، و هي الاحتجاجات التي عرفت تصعيدا، خلال يوم الثلاثاء 25 فبراير 2020 بمخيم السمارة، بالتزامن مع تنظيم “ماراتون الصحراء” في إطار فعاليات الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ 44 لقيام الجمهورية الصحراوية، حيث أربك المحتجون التيدراريون التظاهرة الرياضية بصعودهم إلى المنصة، تحت عدسات الصحافة الأجنبية المواكبة للحدث، و هو ما جعل العديد من المشاركين الأجانب يتضامنون معهم في مطلبهم.

         لا أريد في هذا المقال مناقشة مدى مشروعية المطالب من عدمها التي من أجلها تخرج هذه القبيلة أو تلك، للاحتجاج على القيادة الصحراوية، بل ما أريد التطرق له هل فعلا تتصرف القيادة الصحراوية كدولة؟ و هل يتصرف اللاجئون كمواطنين خاضعين لقانون الدولة ؟ …. بطبيعة الحال الجواب سيكون بالنفي،  بحيث إذا ما أخضعنا ممارسة السلطة من طرف القادة لمعايير رجال الدولة كما هو متعارف عليه دوليا، و إذا ما حللنا عقلية اللاجئ مقارنة بمواطني الدول،  سنلاحظ تراجع  خطير لمقومات الوحدة الوطنية، وتزايد التباعد العام عن قيم المشروع الوطني و بناء الدولة، بسبب تزايد الاحتقان الاجتماعي  بالمخيمات الذي يهدد  على المدى المتوسط بانهيار مفهوم الدولة، ويشكل خطورة على مستقبل القضية الوطنية برمتها.

         ففي تجاوب القيادة الصحراوية مع مطالب المحتجين هناك  تغييب لهيبة الدولة و ميول نحو الحلول التقليدية  عبر وساطات قبلية، و في التعيينات والترقيات هناك  كذلك استخدام للقبيلة، وتوظيف عقليتها في المنافسة والمحاججة والغضب أحياناً، و هذا النهج الغريب عن ميكانيزمات الدولة لن يساعد في تكريس مفهومها في ذهن المواطن الصحراوي، و سيجعله دائما يعيش في زمن القبيلة  و عقدة أن الولاء للقبيلة فوق و قبل الولاء للدولة، لذلك ظل التعصب القبلي إحدى المشكلات الأساسية التي تعوق تنزيل مفهوم الدولة و تكريس “الوحدة الوطنية”، التي كانت أساس انطلاق للثورة الصحراوية قبل ما يناهز النصف قرن.

         فالتحديات التي تواجه  القيادة الصحراوية اليوم لتقوية مؤسسات الدولة، التي يرى القائد “ابراهيم غالي” أنها أولوية الأولويات في الوقت الراهن على موضوع العودة إلى الحرب مع المحتل المغربي، أصبحت  أكثر تعقيدا مما كانت عليه، في ظل غياب إرادة من المنتظم الدولي  لحل القضية، و ابتعاد الاتحاد الأفريقي عن لعب أي دور في هذا المشكل، و فشل المؤتمر الأخير للجبهة في الخروج بتوصيات مؤثرة بسبب تحكم لوبي “الهنتاتة” على مقاليد الحكم بالرابوني.

           هذا فضلاً عن النفوذ القوي للقبيلة  المعلومة في المخيمات و احتكارها لكل مناصب القرار في الدولة الصحراوية، وشعور قبائل أخرى بالتهميش والإبعاد؛ كل هذا يمكن أن يؤدي إلى انهيار كامل لمؤسسات الدولة الصحراوية و اندلاع مزيد من الاحتجاجات ما لم تتم معالجته وفق أسس سليمة تراعي سلطة الدولة في تعاطيها مع مواطنيها بدون تمييز. ويمثل هذا الأمر تحديا للقيادة الصحراوية وعائقا  كبيرا أمام بناء دولة المؤسسات، حيث من الممكن أن تعمل هذه البنية التقليدية في المجتمع الصحراوي على إعاقة وجود دولة قوية، خاصة إذا ما شعرت القبيلة المهيمنة بأن وجود الدولة القوية سينفي وجودها أو على الأقل سيقلص ما لها من نفوذ وسيضر بمصالحها.

 

 

 

إبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

   

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد