Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

أمريكا ”بايدن” تراهن على الرباط لبناء جسور صلبة و دائمة للسلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين

بـقـلـم : بن بطوش

       القضية أيها القارئ الكريم بغاية التعقيد، و مثلما عودتك في “الحساميات” السابقة على التحاليل غير التقليدية، فلن أرضى لك أن تضل بعيدا عن فهم المتغيرات الكبرى التي تحدث من حولك، لهذا أجدد دعوتك أيها الكريم كي تسرع في إعداد كأس الشاي المفضل لديك، و أن تروغ إلى ركن هادئ حيث يحلو لك الاستمتاع بالقراءات الكبرى بعيدا عن المخونين الذين يحاربون هذا الموقع التصحيحي للقضية، و أن تفرغ خاطرك من كل المعتقدات و الأحكام المسبقة، و أن تمنح هذا المقال ما يكفي من الانتباه كي تستوعب ما نمدك به من معطيات و خلاصات، لعلنا نساهم – و لو جزئيا- في توسيع مساحة وعيك بما يجري في كواليس هذا العالم المتقلب و الغريب…، أريد لهذا الجهد الذي سأضعه بين يديك أن يثمر في عقلك حالة فهم كاملة، لأننا على هذا الموقع لا نلمع الصور و لا نسوق للإيديولوجيات و لا نعزف للأفاعي السياسية…، و جهدنا خالص لتأطير المواطن الصحراوي ليكون في مستوى التحديات التي تواجه قضيتنا الوطنية …، و كل ما نطلبه منك أيها الكريم، أن ترفع الحواجز عن عقلك و تقرأ بإمعان الهذا المقال.

       سننطلق بداية من صفحات التاريخ، و سنفتح سيرة أحد العظماء، “صلاح الدين الأيوبي” الذي لا يمكن أن نتحدث عن القدس دون أن نشركه، و سأذكر كيف وصف “إبن خلدون” خطواته يوم فتح المسلمون بقيادته مدينة القدس و أرادوا حماية مسجد “قبة الصخرة”، إذ جاء في المقدمة الخلدونية الشهيرة وصف تلك الإجراءات بالقول أن “صلاح الدين” عمد إلى إغلاق كل الأبواب…، الشرقية و الجنوبية و الشمالية و بناها بالأحجار خوفا أن يغزو حرمتها الصليبيون، فيما الباب الغربي وضع عليه المقاتلين الذين أرسلهم السلطان الموحدي “يعقوب المنصور” ، و حين سئل لماذا وضع المغاربة دون سواهم من الأقوام هناك حيث البطن اللينة و السهولة الجغرافية، أجاب : “هم قوم لا نؤتى من قبلهم…”، ثم يزيد في الوصف أنهم أظهروا الثبات و الجلد و البطش في المعارك…

       لكن القارئ الكريم له الحق أن يتساءل عن العلاقة بين الدولة الصحراوية و “صلاح الدين الأيوبي” و باب المغاربة في القدس، و الرئيس الأمريكي “بايدن” و وصول  رئيس المكتب السياسي لحركة حماس،” اسماعيل هنية”، إلى الرباط، و رئيس الحكومة الإسرائيلي الجديد “نفتالي بينيت” و حزب العدالة و التنمية، هنا أدعوا القارئ الكريم إلى تغيير سؤاله و إلى الصيغة الأكثر إثارة و القول: ما السر الذي جعل قائد حركة حماس لا يتوجه إلى برلين أو باريس أو القاهرة أو الجزائر التي تناصر الفلسطينيين من منصات التواصل الاجتماعي بهاشتاك “معكم ظالمين أو مظلومين”…؟ و لماذا الرباط في هذا الظرف ؟

       في البداية وجب منا شرح سبب ذكرنا لـ “صلاح الدين” و شهادته بأن المغاربة قوم يصمدون، لأن الإعلان الأخير للتطبيع جعل الشعوب العربية تختلف في حكمها على المغرب و بعض المنابر وضعت قراءات سطحية لهذا التطبيع، و نحن على هذا الموقع الحر لا نزكي المحتل و سياسته و لا ينبغي لنا ذلك، بل نضع القراءات و نشرح المتغيرات فقط كي نحدد موقعنا في موازين القوى الدولية، و كنا قد قلنا أن تطبيع الرباط ليس صفقة مقايضة كلاسيكية بين القدس و الصحراء الغربية، و أن الشعب المغربي يرفض التفريط في الإرث التاريخي، و تحملنا في ذلك نعوت ذباب البيت الأصفر بالتخوين، و لم يتغير موقفنا الذي نبني فيه الرأي على الواقع و القراءات الإستشرافية، و أننا نقول ما نراه حقيقة حتى و إن كان عدونا موضوع التحليل، و كنا من ضمن المواقع القليلة التي دعت إلى الانتباه لتحركات الرباط، و بعد سقوط الرئيس الإسرائيلي “نتنياهو” في الانتخابات، تريثنا قليلا حتى لا نتهم باستغلال الأحداث، و وضع القراءات السياقية فقط، و انتظرنا التطورات المفصلية لنكشف الصورة، فحدث المتوقع و جرت زيارة “هنية” إلى الرباط، مما يشرح أن ثمة شيء أكبر من فهم قيادتنا و الحليف  الجزائري يحدث على المستوى الإستراتيجي و يغير وجه الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، و أن المغرب أصبح متحكما رئيسيا في دفة الأحداث، و لا أخفيكم إن قلت أنه أصبح قوة جهوية كاملة التأثير.

       فحينما كانت غزة تحت القصف الذي أفزعت وحشيته كل العالم، شكلت أمريكا خلية أزمة دولية تشكلت من االمغرب و مصر و الإمارات و السعودية و بعض الدول الأوروبية، و كانت هذه الدول في البداية تتحرك بتثاقل…، لكن مع إبداء حركة “حماس” مقاومة عنيفة، و بدأ تحقيقها لانتصارات، تدخلت الرباط لدى الولايات المتحدة الأمريكية، و التي ضغطت بدورها على “نتنياهو” ليوقف الحرب من جانب واحد، و بذلك نجح هذا التحرك بقيادة الرباط في تسجيل النصر لصالح حركة “حماس” و بالتالي توجيه ضربة إلى “نتنياهو” قبيل الانتخابات، و إظهاره في ثوب عاشق الحروب الذي لم يلتزم بشروط السلام، كما أبدت الحكومة المغربية رفضها أي استغلال من “نتنياهو” للتطبيع في حملته الانتحابية مما يعني أن الرباط عاقبت رئيس الحكومة الإسرائيلي  السابق “نتنياهو” الذي قرر العدوان على أهل غزة شهر رمضان المعظم و كانت وراء سقوط حكومته.

       و بعد أن لاحظ الرئيس الأمريكي قوة دبلوماسية الرباط  طلب منها بشكل رسمي لعب دور الوساطة في عملية سلام جديدة بالشرق الأوسط و دفع الطرفين للتوقيع على ميثاق جديد يسمح بالتعايش الدائم، و هي الدعوة التي رد عليها رئيس الحكومة الإسرائيلي الجديد “بينيت” عبر التودد للرباط في رده على رسالة التهنئة التي توصل بها من ملك المغرب، و قال أنه يطمح إلى تعاون شامل مع المغرب و أنه سيعمل معه على بناء السلام.

       وصول “إسماعيل هنية” إلى الرباط و اللغط الإعلامي الذي رافق الزيارة، و اتهام “حزب العدالة و التنمية” بمحاولة اللعب على القضية الفلسطينية من أجل الانتخابات المقبلة لا تمت بصلة للحقيقة، لأن قراءة الوضع السياسي داخل المغرب تقول أن هذا الحزب هو مكون من مكونات الحكومة لكن فقد الكثير من شعبيته و من المستبعد أن يحصل على رئاسة الحكومة  في الانتخابات المقبلة بسب السخط العارم الذي خلفته طريقة تدبيرها للأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية…، و أن “هنية” وصل إلى الرباط بدعوة من رئاسة “لجنة القدس”، أي من القصر،  و أنه لم يتردد لحظة في تلبية الدعوة و الندوة الصحفية تؤكد كل ما قلناه خصوصا و أنه صرح بشكل واضح قائلا : “هذه الزيارة تأتي برعاية جلالة الملك و باحتضان الشعب المغربي العزيز… لدينا مهمات كثيرة سنناقشها ستكون على طاولة جلالة الملك”، و هذا يعني أن الرجل حضر إلى الرباط يحمل في جعبته أمرين؛ الأول جاء يشكر جهود الرباط التي ضغطت على تل أبيب و واشنطن و هددت بنسف التطبيع فتوقفت الحرب و حسم النصر لحماس…، و الثاني أنه جاء بصدر رحب و بكل ثقة في أن نجاح تجربة الفرقاء الليبيين في الرباط و توحد شملهم بعد سنوات من الفرقة، قد يتكرر في فلسطين و يتوحد التيارين “حماس” و “فتح”، و تخرج من مشكاتهما حكومة سلطة فلسطينية أكثر إيمانا بفلسطين الموحدة.

       على قيادتنا و الحليف الجزائري فهم ما يجري الآن، و قراءة بعض المواقف، لأن العالم على أبواب الثورة الصناعية الرابعة، و يبدو أن الرباط جهزت نفسها جيدا لهذه الثورة، و أنها تعيش نهضة حقيقية، و الدليل وصول دبلوماسيتها إلى هذا المستوى من التأثير…، و لا يجب على قيادتنا و الحليف النظر إلى الجزء الفارغ من الكأس و لا يعيب الإنسان أن يشتغل لتقليد النجاحات، لأن العيب أن يضل الإنسان ينشر بيانات الأقصاف التي لا يراها  و لا يسمع عنها غيره.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد