Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

أسرار رفض الرباط المشاركة في ”برلين-2” و تفاصيل فشل الجزائر في استصدار إدانة للجيش الليبي

بـقـلـم : بـن بطوش

         كلنا يعلم أن الفشل ليس خيارا…، و أنه قدر موجع و مؤلم، و تقول الرائعة الجزائرية “أحلام مستغانمي”: “أن النجاح هو اعتداء على الآخرين… لأنه  يفضح فشلهم”…، ذلك أنه في صراعنا مع المحتل  المغربي كان لابد أن تنقسم نتائجه على الطرفين إلى نجاح و فشل، فكانت حصتنا الفشل الذي لم يبارح طعمه قلوبنا منذ أزمة المعبر الملعون، بتاريخ 13 نونبر 2020، و لا زال المحتل ينتشي بأكواب النصر…، و كل رشفة تنزل في ريقه عسلا زلالا و تستقر في جوفنا علقما و حميما…، و بلغة المنطق و بعيدا عن الاستعارات فنحن لم نتذوق حلاوة النصر منذ مغامرة “الكركرات”، و فقدنا بعدها مساحات هائلة من الأراضي المحررة شرق جدار الذل و العار، فسقطت تلك الأراضي بين يدي المحتل، و  انكشفت معه زيف عنتريات القيادة عن جاهزية الجيش الشعبي …

           و أخيرا إنتهت قمة برلين-2 و قرر الليبيون و الأمم المتحدة الحكم عليها بأنها لم تحقق أي مكسب جديد بل كل ما فعله المشاركون في هذه القمة أنهم أكدوا ما تم الاتفاق عليه في الجولات التي جرت ببوزنيقة و طنجة و …، لكن القمة كشفت عن أزمة أوروبية أمريكية كبيرة كانت بعيدة عن الأعين و غير ظاهرة، و جعلت الجزائر تظهر في دور مبهم حتى لا نقول أنه دور مشبوه، و أظهرت أن الرباط أصبحت تتمتع بوزن دولي، و الدليل أن المشاركة العربية لم تؤثر بأي شيء، بل الأكثر أنها كانت عبئا على الليبيين أنفسهم و على الأزمة.

         فقبل فتح قوس التحليل و جرد مكاسب و مساوئ قمة برلين الثانية، و جب منا فهم السياقات الكبرى التي أدت إلى رفض الرباط المشاركة بها، و أيضا وضع قراءة لزيارة رئيس مجلس النواب الليبي إلى الرباط بالتزامن مع اجتماعات برلين، و السبب الذي جعل أمريكا تسيطر على القمة و تفشل خطط الروس التي لم يطلع عليها أحد، و تفرض إجلاء المرتزقة و الشركات الأمنية عن ليبيا، و أن نجيب عن سر الجفاء الذي أبان عنه وزير خارجية أمريكا تجاه الألمان…، و لماذا أُبعدت إسبانيا عن القمة ؟ و سنحتاج أيضا أن نضع قراءة لتصريحات خارجية المغرب و تأثيراتها على القمة و على مخرجات برلين الثانية، و أخيرا سنضطر لوضع تصور ما يجري و تأثيراته على القضية الصحراوية، كخلاصة تهمنا كثيرا و تأثر في مستقبلنا.

         إذ تقول المصادر و وكالات الأنباء التي غطت الحدث بأن غياب الرباط تسبب لألمانيا في نوع من الإحراج، خصوصا و أن المستشارة، “ميركل”، طلبت من الليبيين إقناع وزير خارجية المغرب بالحضور، و بعد أن تأكد لها غياب الرباط، حاولت الضغط عليه عبر التصريح الذي نشرته وزارة الخارجية الألمانية بخصوص تجميد المنح و المساعدات المالية و التي تبلغ 1.4 مليار دولار، من أجل لي ذراعه و إرغامه على المشاركة، أو على الأقل  فتح قنوات الحوار مع برلين التي أصبح أمر إرضاء المغرب من ضمن أولوياتها، الشيء الذي دفع الصحافة الأوروبية إلى التهكم على المستشار الألمانية و نعتها بصاحبة السياسة الارتجالية التي أيقظت المارد المغربي.

         لم يتوقف إحراج المغرب لبرلين عند هذه النقطة، بل استقبل رئيس مجلس النواب الليبي بالتزامن مع المؤتمر، كي يُفهِم المؤتمرين أن مفاتيح الرأي الليبي توجد في الرباط، ثم قدم وزير خارجية الرباط ندوة صحفية فضح من خلالها نوايا الدول التي تشارك في المؤتمر الألماني، و أظهرت تصريحات “عقيلة صالح” و “ناصر بوريطة”، أن ما يجري في برلين حاليا هو تكرار لمؤتمرات العاصمة الألمانية أيام التقسيم الامبريالي للنفوذ في الشرق الأوسط و إفريقيا، لأن نفس القوى بنفس الهوس و الطموح يحظرون مؤتمرا يخص دولة عربية – شمال إفريقية، و أن المؤتمر يُعد لهدفين؛ الأول تحديد وجهة الثروات الطبيعية التي لا تريد روسيا أن تصل إلى أوروبا حتى لا يُنافس غازها و بترولها، و الثاني أن تحصل الشركات الألمانية و الفرنسية و الإيطالية و التركية على صفقات إعادة الإعمار الدسمة، بينما العرب المشاركون سيكونون “شهود زور” على ديمقراطية التقسيم.

         القمة كذلك كشفت لنا جانبا مظلما و متحورا من العلاقات الدولية خصوصا الأوروبية – الأمريكية، إذ أبدى وزير الخارجية الأمريكية غضبه من ألمانيا و دول القارة العجوز، و ظهر الأمر جليا بعد اعتلائه منصة التصريحات عقب انتهاء الاجتماعات، و كان البروتوكول يقتضي أن يكون قصب السبق للخارجية الألمانية أو لليبيين أنفسهم أو مشترك بينهما، غير أن الأمريكيين خلال قمة برلين اكتشفوا حجم الضرر الذي أصاب العلاقات الأوروبية – الأمريكية خلال حقبة “ترامب”، الذي يتوقع الجميع عودته في الانتخابات القبلة بسبب ارتفاع شعبيته مؤخرا، و أن الألمان بدؤوا يفرون من التبعية الأمريكية إلى التبعية الروسية حتى يضمنوا التزود المنتظم بالغاز الروسي و حد أدنى من التوافق حول القضايا الخلافية، و إصرار الألمان على اتفاق الليبيين فوق أراضيهم هو بهدف الحصول على الامتيازات الطاقية، و تأمينا منهم لمصادر التفوق الطاقية، على اعتبار أن برلين تاريخيا لا تثق في موسكو، و ليس حبا في الشعب الليبي.

         و هنا يأتي دور  الجزائر التي خرجت من المنطقة الرمادية و تخندقت إلى جانب ألمانيا، و لا نلوم الحليف في هذا لأن منطق المصالح يتحكم في التكتلات…، غير أنه رغم وزن ألمانيا و الدول الداعمة لها، و رغم الضغط الذي مارسته الجزائر على الأطراف الليبية، إلا أن المؤتمرين فشلوا في استصدار إدانة للواء “خليفة حفتر” بعدما سيطر الجيش الليبي على  المناطق الحدودية الغربية مع الجزائر و حولها إلى مناطق عسكرية مغلقة…، و سبب عجز المؤتمرين في برلين يُفَسرُ باللقاءات التي عقدها الفريق الركن “محمد الحداد”، رئيس أركان الجيش الليبي، خلال مشاركته في تمارين “الأسد الإفريقي” بالمغرب، مع دبلوماسيين أمريكيين و مغاربة، و التنويه الذي حضي به الجيش الليبي في حربه ضد بقايا الجماعات الداعشية في ليبيا.

         إغلاق تلك الحدود شكل إهانة للجيش الجزائري ازدادت حدتها مع تجاهل المؤتمرين لرغبة الجزائر في إصدار إدانة للجيش الليبي ، و اعتبره عدد من النشطاء الليبيين أنه بمثابة رد عملي على تصريحات الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” الذي قال أن الجيش الجزائري كان سيتدخل عسكريا في ليبيا…، و الاتفاق السياسي الذي حصل و أدى إلى دمج ميلشيات “حفتر” مع الجيش الليبي، يضع الآن الجزائر في مأزق حقيقي بسبب مواقفها السابقة، و هذا يزيد من عزلة الحليف عربيا و يؤثر بشكل مباشر على القضية الصحراوية التي ستفقد في الليبيين داعما تاريخيا. 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد