بـقـلـم : بن بطوش
سنكمل سلسلتنا عن حصاد سنة الأوجاع 2021، و التي بلغنا فيها الجزء الأخير، حيث سنقف على حكم المحكمة الأوروبية الذي جعلنا نجتر الوهم المطلق الذي استيقظنا منه مع نكبة مجلس الأمن، ثم سنعرج على قضية الإهانة التي تعرض لها “لعمامرة” في باريس غداة الاجتماع في الملف الليبي، و سننهي ذاكرة الوجع هاته…، بأزمة مقتل السائقين الجزائريين الثلاثة في الأراضي المحرمة، و زيارة رئيس إيطاليا الذي حصل على هدية لن ينساها الإيطاليون أبد الدهر.
- المحكمة الأوروبية تهدينا لغما و مجلس الأمن يهين كبرياء الصحراويين:
بعدما روج الإعلام الصحراوي لأسابيع طويلة عن نصر داخل محاكم أوروبا و قلنا أنه سيعيد لنا بعضا من الأمل المفقود، و أنه سيدخل إلى القلوب المحروقة في المخيمات شيئا من الغبطة…، لكن صمت الإعلام في الرباط كان مريبا و مثيرا للشك و كان يحمل أكثر من قراءة، خصوصا و أن “لايا غونزاليس” وزيرة خارجية إسبانيا كانت قد حاولت ابتزاز الرباط للعودة إلى الوضع الطبيعي للعلاقات، بعدما هزها ملف “بن بطوش”، و قالت أن الرباط في حاجة إلى مدريد كي تدافع عن مصالحها في أوروبا…، و حضر تاريخ الجلسة و نطق قضاة أوروبا بالحكم المنتظر الذي يثلج صدورنا، و ما هي إلا ساعات حتى خرج “جوزيب بوريل” ليطمأن الرباط بأن هذا الحكم سيتم استئنافه، و أن العلاقات الأوروبية المغربية ثابتة و لن تهزها رياح محكمة العدل الأوروبية.
حينها لم تبادر الرباط للطعن، بل تركت الأمور على حالها، و لم تنبش صحافة المخزن في تفاصيل ما جرى داخل العدل الأوروبية، بل تسابقت فرنسا و إسبانيا إلى تدارك ما قالت عنها صحافتهم أخطاء أوروبية جسيمة، و نبهت تلك الصحافة إلى أن أوروبا ستخسر شريكا من شمال إفريقيا لصالح الإتحاد الجديد البريطاني- الأمريكي- الإسرائيلي…، فتم تعليق الحكم و لم ينظر إليه و لم يتم تفعيل مضامينه، و بقي البيت الأصفر الشاحب يضرب الأخماس في الأسداس على ما أنفق عليها و هي خاوية على عروشها.
فيما تربص بنا العدو المغربي داخل مجلس الأمن الذي توصل بتقرير من الأمين العام، بنيت محاوره على ملاحظات المينورصو الذين حملوا الدولة الصحراوية تبعات الفوضى التي وقعت بالكركرات، و ما يحدث من محاولة لتقويض السلم، فصاغت الولايات المتحدة الأمريكية قرارا أمميا على مقاس الرباط، و لم تكفي صفقات الحليف الجزائري مع روسيا لتغيير الواقع، بل جرى استخدام الروس للفيتو مرة واحدة، ثم سادت إرادة الأمريكيين و البريطانيين، و حصلت المحتل على تفوق بَيِّنٍ رغم رفض تونس للتصويت، و نشر البيت الأصفر بيانه المتباكي، و عرف العالم أن الصراع لم يعد بين الدولة الصحراوية و المغرب بل بين الجزائر و المغرب.
- باريس تهين “لعمامرة” و قصر المرادية يرد بقطع العلاقات :
على الرغم من التصعيد الذي وقع في العلاقات الفرنسية – الجزائرية، قررت باريس استدعاء الجزائر لمؤتمر ليبيا الذي حضرته حتى الرباط، حيث ظهر أن حكومة “ماكرون” أرادت تفادي تكرار خطأ برلين…، لكن خلال وصول وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة” إلى قصر الإيليزيه، بدت الأمور غير طبيعية في جريان أحداثها، إذ شوهدت سيارة الوزير الدبلوماسية و قُد وضع عليها علم قُّدَّت حواشيه، و بدا العالم ممزقا و متهرئا و نحن نعلم رمزية الأعلام الوطنية، خصوصا و أن المؤتمر يتعلق ببلد جار للجائر يبحث لنفسه عن سبيل إلى بر السلام.
و بعد انطلاق فعاليات المؤتمر…، وضع كرسي “لعمامرة” بالقرب من “ماكرون” الذي أهان الذاكرة الجماعية لبلاد الشهداء، و تم خلال النقاش اعتماد خارطة طريق التوافقات التي وقعت ببرلين و طنجة و بوزنيقة…، فيما لم تتطرق النقاشات إلى ما جرى في الجزائر من اجتماعات تخص الإخوة الليبيين المتواجهين بالسلاح، و لم يمنح لـ “لعمامرة” الكلمة إلا في نهاية الاجتماع، و بمجرد ما تطرق الدبلوماسي الجزائري إلى قضية الجنود المرتزقة حتى غضب منه كل المشاركين الذين انتقدوه بشدة لدفاعه عن الفاغنر و المقالتين الذي جلبهم الأتراك للمعترك الليبي…، و ظهر السبب الذي دفع المؤتمرين إلى تهميش رأي الجزائر، و زادت شقة الخلاف بين باريس و الجزائر بسبب ما جرى في المؤتمر، خصوصا و أن “لعمامرة” تعرض لمضايقات خلال إقامته، و كان مراقبا و منع من لقاء الأطراف الليبية قبل و بعد الاجتماع فوق التراب الفرنسي…، فشكل الأمر إهانة للدبلوماسية الجزائرية أتمرت قطعا نهائيا للعلاقات بين الدولتين.
- وفاة ثلاثة سائقين جزائريين في حادث غريب بالأراضي المحرمة، و قبله سائقيين مغربيين قتلا رميا بالرصاص في مالي:
قبيل أسابيع قليلة من توديعنا للسنة الميلادية 2021، و بتاريخ 15 نوفمبر 2021، استيقظ العالم على فاجعة حادث أدى إلى إستشهاد ثلاثة سائقين جزائريين داخل الأراضي المحرمة شرق جدار الذل و العار، و اتهم قصر المرادية قوات الإحتلال المغربي، و الذي هدد و أزبد في بيان طويل، جاء فيه أن هذا الهجوم استخدمت فيه تكنولوجيا جد متطورة، و أن الحادث سوف لن يمر دون عقاب، و ربط خبراء بين الحادث و ما جرى في دولة مالي من اعتراض للقوافل التجارية المغربية، حيث سقط سائقان برصاص العصابات التي قيل أنها تنتمي إلى الجيش الجزائري عطفا على نتائج التحقيق الذي قادته وحدات خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و المغرب، و استنادا إلى معطيات تكنولوجية رصدت تحركات مشبوهة بالسفارة الجزائرية.
الحادث في دولة مالي وقع بعد يومين على زيارة وزير خارجية الجزائر “لعمامرة” إلى العاصمة باماكو، و لقائه بعدة قيادات عسكرية جزائرية إلى جانب بعض الجنود الصحراويين فوق التراب المالي، فتم الربط إعلاميا في الجزائر بين ما جرى في مالي و ما حصل بالأراضي المحرمة، و قالت الصحف أنه انتقام مغربي من هجوم باماكو…، فحشدت الدولتين قواتهما على الحدود و أرسلت أوروبا الرئيس الإيطالي إلى قصر المرادية لتحذير الجزائريين من أي ردة فعل غير محسوبة العواقب، و كافئ الرئيس “عبد المجيد تبون” نظيره الإيطالي على سعيه إلى إخماد نار فتنة حرب لن تبقي و لن تذر…، فقدم له هدية القرن، كانت “بغلا” بديباج حصان، و تسببت الهدية في موجة من السخرية على وسائل التواصل في العالم، و قال مدونون جزائريون إنقاذا لسمعة وطنهم، أن ما أهداه “تبون” للرئيس الإيطالي ليس بحصان عربي و لا بحصان أمازيغي، لكنه “بغل” من سلالة ناذرة، فحصلت واحدة من الفضائح الطريفة، و انتهت أزمة السائقين بلا غالب و لا مغلوب بين الشقيقين الخصمين، خرج منها الرئيس الإيطالي بقصة طريفة سيرويها لباقي القادة الأوروبيين عند كل اجتماع.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك