بقلم : الغضنفر
في ثقافتنا العربية عموما نعتقد بأن “فرخ البط عوام ” و “أن هذا الشبل من ذاك الأسد”، و ما إلى ذلك من المسوغات التي تجعلنا نقوم باستنساخ غير علمي للأشخاص في أبنائهم، بحيث يبدو هذا الأمر طبيعيا و مفهوما وعاديا – إلى حد بعيد – عندما يتعلق الأمر بمهنة أو حرفة، بل إن توارث المهنة جيلا بعد جيل يؤدي إلى تراكم الخبرة و تحسين التقنية من الأصل إلى الفرع.
الطامة الكبرى تبدأ عندما يعتقد البعض أن النضال مهنة أو حرفة فيتخذه مصدر رزق لحياته، و بالتالي تظهر هناك بعض محاولات لتوريث ما لا يُتملك إلى من لا يستحق، و الحديث هنا عن بعض الحقوقيين الصحراويين الذين يناورون- منذ الآن – للدفع بأبنائهم ليتبوءوا مكانة متقدمة في الساحة النضالية بالمناطق المحتلة، في أفق إعدادهم لمناصب عليا في الدولة الصحراوية في حال حصولها على الاستقلال.
العيب ليس في مواصلة الأبناء لدرب آبائهم في النضال من أجل استقلال الصحراء الغربية، بل العيب أن يتموقع الابن بين المناضلين في مقام أبيه أو أمه، دون أن يدفع ثمنا مقابل ذلك من تضحية و معاناة و سنوات من الاعتقال، كحال “الحافظ الناصري” الذي يحاول أن يسيطر على الشباب الصحراوي بمدينة السمارة المحتلة، مع أن مستواه الثقافي و تاريخه النضالي لا يؤهله لذلك، بل إنه يحاول أن يغطي على غياب أبيه “حمادي” الذي باع نفسه للمحتل المغربي مقابل وظيفة بمدينة خريبكة.
صورة أخرى من صور محاولة جعل الأبناء يستثمرون في النضال ، ما تقوم به الحقوقية “امينتو حيدر” لصالح ابنتها “حياة” و ابنها “محمد القاسمي”حيث تحاول أن تنتزع لابنتها شهادة دراسية رفيعة من إحدى الجامعات الفرنسية، و تحاول أن تنسج لابنها علاقات مع أعضاء جمعيات أجنبية لاحتضانه، غير أنه لحدود كتابة هذه السطور ليس هناك ما يؤشر على رغبة أبناء “امينتو” في الانخراط في مخطط أمهم.
فـ “حياة” لا تستهويها الدراسة بقدر ما يستهويها الجري وراء الموضة و مساحيق التجميل و قضاء جل أوقاتها في اللهو و ارتياد المطاعم مع صديقاتها و أصدقائها بضواحي باريس، في حين أن “محمد” الذي دمرت المخدرات خلايا دماغه، لا يتجاوب مع ما يدور حوله كالأطرش في الزفة، و تفكيره مشتت – منذ وصوله إلى أمريكا- حيث لا يمكنه التركيز إلا حين يكون قد استهلك لفافة حشيش و هو الأمر الذي يفتقده في رحلته الحالية، حيث أن دائرة الضوء المستمرة التي تتحرك تحتها أمه بواشنطن قيدت حريته كثيرا.
من جهة أخرى فلا اعتقد أن “غاندي الصحراء” أذخرت شيئا من عنترياتها الحقوقية خلال جولتها الحالية بأمريكا، لأنها تريد أن تقنع ابنها الذي يرافقها بأن كل ما تفعله هو في سبيل الدفاع عن القضية الصحراوية ليس إلا…و أن إهمالها له كان مقدرا و مكتوبا ليس إلا… و أن كل ما يكتب عنها و ما يسمعه من رفاقه حول اغتناءها على حساب الضحايا الصحراويين هو مجرد إشاعات ليس إلا… متناسية أنها أكثر الحقوقيين غرورا وأكثرهم سوءاً وأعظمهم فتنة بين المناضلين… بل إنها تعشق الظهور والتموقع إلى حد الهوس والجنون.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
[email protected]