Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

تشاد تضيف طعنة جديدة في قلب الشعب الصحراوي و تفتتح قنصلية بالداخلة المحتلة.

بـقـلـم:بن بطوش

          يبدو أننا في عصر الأوبئة الأخلاقية الفتاكة، و أننا في زمن تفشي داء فقدان الحياء المكتسب، ذلك أن عدسات الصحف التي تمتهن الفضائح و تُحصِّل قُوتُهَا من كشف عورات الأنظمة و تسفيه جهود الدول…، قد نشرت صورة قبل أسبوع من اليوم لـ “ديفيد برنيه” رئيس الموساد و هو يأكل الخبز و يمشي مطمئنا في سوق واقف…، بدولة قطر، و كأنه مواطن قطري، الصحف في الولايات المتحدة الأمريكية تساءلت عن سر شعور الرجل بالأمان داخل دولة عربية كقطر،التي تعتبر جنة الإخوان و الخط الخلفي للمقاومة الفلسطينية بغزة، و كانت تحتضن الرأس المدبر لحركة حماس الراحل “إسماعيل هنية” و جيش من معاونيه، دولة محسوبة على محور الممانعة… !!، لكن الصحف الأمريكية  و بعد أيام قليلة على ذلك التساؤل العريض، عادت لتجيب بصورة أخرى تَقطرُ غموضا و سُخرية، يظهر فيها “عبد الله بن محمد لخليفي” رئيس جهاز أمن الدولة القطري (المخابرات القطرية)، و هو يحصل على وسام “جورج تنيت” من مدير المخابرات المركزية الأمريكية CIA، تكريما له على جهوده في تعزيز التعاون الاستخباراتي في محاربة الإرهاب… !!.

          الإعلام الموازي على وسائل التواصل الاجتماعي فتح النقاش دون تردد لتفكيك ما أسماه النشطاء الوقاحة القطرية، و أجمع العرب – للمرة الأولى – على أن الوسام الذي تحصل عليه “عبد الله بن محمد لخليفي”، هو أقذر تكريم في التاريخ الحديث، و يؤكد أن الراحل “إسماعيل هنية” كان ضحية مؤامرة قذرة، و أن دماء الرجل تفرقت بين طهران و الدوحة و أنقرة و تل أبيب، و أن وصف قناة الجزيرة ما جرى من تواطئ بين قطر و الإسرائيليين لتصفية “هنية” بالتعاون المثمر في الحرب على الإرهاب، عمل غير أخلاقي و غدر مع سبق الإصرار كانت لتزول منه الجبال.

          فبمنطق الإعلام القطري الذي تخلى فجأة عن قومجيته و الفتاوي الوهابية، و أصبح يتحدث بالبراغماتية الليبرالية التي يتقن الغرب خطابها…، فإن العلاقات البين – دولية لدى حكام قطر، أصبحت منذ حرب الـ 7 من أكتوبر تبنى على المنافع و المصالح و لا تبنى على العواطف،رغم أن هذا الخطاب لا يمثل الخط التحريري لقناة مثل الجزيرة، إلا أنه خطاب تستخدمه هذه القناة كتقية حتى يتلاءم مع الظرفية العالمية القائمة إلى حد ما، و المصيبة أن سواد المجتمعات العربية التي طبعت مع الفكر القومجى و الفتاوي الوهابية، و تتفاعل بعاطفة غير مبررة مع القضايا العربية…، تقبلت الصفقة القطرية – الإيرانية – الإسرائيلية بصدر رحب، و يجرمون الطعن في نوايا قطر و إيران من باب إباحة المحرمات لدفع الغضب الأمريكي –الإسرائلي.

          نغلق ملف الخيانة العربية و نفتح ملف الخيانة الإفريقية، و هذه المرة ليس من ضحية غيرنا نحن الشعب الكريم و المهان، الشعب الصحراوي الذي أمضى نصف قرن في الضياع و لا نزال نبحث وسط الوهم عن حقيقة نرسي بقاربنا على ضفافها…، و سبق و قلنا أن الاعتراف الفرنسي مختلف عن جميع الاعترافات، و أنه سيدمر علاقات الدولة الصحراوية إفريقيا و أوروبيا، و سينسفها عن بكرتها، و ها نحن نحصد الهشيم وراء دبلوماسية التدافع و التراشق التي انتهجها الهنتاتة،منذ أن قرروا التخلي عن القضية و التنازل عنها لصالح الدبلوماسية الجزائرية، لدرجة أن من الصحراويين في أرض المهجر من يتهكم على سلوك الخارجية الجزائرية بخصوص قضيتنا، و يقولون أن الرئيس الجزائري الذي قال يوما أنه يتتبع القضية الفلسطينية بشكل شخصي، هو نفسه من يقول في لقاءاته الصحفية أن القضية الصحراوية قضية حياة أو موت… !!، و حتى الآن القضيتين مصيرهما مأساوي، فغزة دمار ما بعده دمار، الصحراء الغربية في اعتراف يتلوه اعتراف.

          خبر فتح دولة تشاد لقنصلية في مدينة الداخلة المحتلة، فاجئ الدولة الجزائرية و حتى البيت الأصفر المريض، لدرجة جعلت قصر المرادية و الهنتاتة يغرقون في الصمت المظلم…، لأن هذه الدولة و منذ جمدت الاعتراف بدولتنا في الـ 20 من يونيو 2007 ضلت علاقاتها الدبلوماسية مع دول شمال إفريقيا في حالة سكون، مع احتفاظها ببعض الود للشعب و القيادة الصحراوية، و كانت تستضيف بين الفينة و الأخرى داخل عاصمتها مسؤولي الدولة الصحراوية، و لم تكن تهاجم قضيتنا دبلوماسيا في المحافل و لا تعارضها، حتى أنها لم تنتقد و لم تعلق على مشاركة الأخ القائد في قمة “تيكاد” بتونس…، لكنها اليوم فجأة فقدت هذا الحياد، و بشكل نهائي و موجع، و قررت التخندق خلف المحتل المغربي، و دعمه بفتح قنصلية في مدينة الداخلة بالصحراء الغربية المحتلة، و هذا يؤكد أن ثمة متغير قوي و يسيل لعاب الدول الإفريقية البعيدة و القريبة، وجب الانتباه إليه، و هو مرتبط بملفين؛ الأول مشروع “طريق التبر” الذي يقود إلى الميناء الأطلسي بمدينة الداخلة، و الثاني إستخدام الرباط للإعتراف الفرنسي من أجل تطويع ما تبقى من دول إفريقيا، التي لا تزال تتحكم باريس في قرارها السياسي – السيادي.

          سنكتفي بشرح الجزء الأول لأنه ما يهمنا في ملف تشاد، حتى نفهم الإرتباط بين طريق التبر و التقارب الإفريقي – المغربي، فالرباط و منذ أسقطت الجزائر من قيادة مجلس السلم و الأمن الإفريقي، حولت الحليف الجزائري إلى دولة بدون أنياب، فقد سلبت قصر المرادية القدرة على إدارة الخوف بين القادة الأفارقة، حيث كان النظام الجزائري عبر سلطة مجلس الأمن و السلم الإفريقي يروض الأنظمة في الدول الإفريقية الضعيفة، باستخدام التهديد بتحريك ملفتهم النتنة داخل اتحاد القارة المنهكة، و إطلاق محاكمات دولية ضد الرؤساء و السياسيين الأفارقة بذريعة الفساد…، وبإسقاط الجزائر من هذا البرج أصبح المحتل المغربي يلعب دور المخلص أو دونكيشوت الفقراء الأفارقة، و بعدها قدم المحتل للدول التي تعيش داخل القارة، و ليس لديها وصول إلى البحار و المحيطات و لا تتمتع بنعمة السواحل، مبادرة الوصول إلى الأطلسي و سمح لهم بالدخول إلى شبكة التجارة الدولية عبر الميناء الذي يهيئ في مدينة الداخلة المحتلة، و هو ما تراه الدول الإفريقية في عمق القارة حلا يشبه المعجزة الإلهية لمشاكلهم الاقتصادية، بأن يصبح لك فجأة منفذا على المحيط الأطلسي و على بعد أميال من السواحل الأوروبية و الأمريكية، و بالجمع بين الملفين، تكون الرباط أصبحت تمثل لدول إفريقيا النموذج الناجح و رمز الثورة على معسكر الشر و التحكم و الفساد و الإبتزاز.  

         شروط الرباط للحصول على هذه الفرصة – المعجزة، بالنسبة لدولة من حجم تشاد، سهلة و في المتناول، فقط فتح قنصلية، و التي لا تكلف غير بضع موظفين و بناية يتم استئجارها أو عقار يتم تهيئته على مقاس العمل الدبلوماسي، و ان القنصلية ستكون خالصة للسهر على الأعمال الاقتصادية لهذا البلد، بينما الرباط تتحصل على خدمة دبلوماسية تساوي صوتا إضافيا داخل إفريقيا و بالأمم المتحدة، سيستخدم لخدمة الملفات و المواقف المغربية في قضاياه، هنا تكمن خطورة مشروع طريق التبر الذي يقود إلى الميناء بمدينة الداخلة المحتلة، و نفس الأمر يتعلق بالإتحاد الأطلسي.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد