Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

السفير الجزائري بفرنسا يصف أبناء بلده باللصوص كي يضحك ضيوف ملتقى دبلوماسي و يكرس أزمة النخب في دولة الشهداء

بـقـلـم : بن بطوش

     لا تزال أصداء الألعاب المتوسطية التي أسدل ستارها في الجزائر تثير الفضائح و تتسبب في اللغط الإعلامي الكبير، ذلك أن هذه المرة نشرت الصحف التركية عن بكرتها دون استثناء، نقلا عن وكالة الأناضول تصريحات لاعبي المنتخب التركي الأولمبي الذي شارك في منافسات كرة القدم خلال الدورة، و خسر مباراة الترتيب أمام المنتخب المغربي برباعية لهدفين، حيث صرح لاعبو المنتخب العثماني أنهم قبل اللقاء ضد المنتخب المغربي، زارهم بعض المسؤولين الجزائريين في ثوب الجماهير و كان كلامهم بالتركية، و حاولوا دعم اللاعبين و تحفيزهم و منحهم الوعود بإطالة إقامتهم في الجزائر و منحهم أفخم المقامات السياحية، و أرسلوا لهم بعدها عددا من الجماهير تهتف و تغني لتشجيعهم، و بعد نهاية الشوط الأول بنتيجة التعادل هدف لكل فريق مع تفوق تكتيكي في الآداء لصالح المنتخب المغربي، عادت الجماهير إلى مستودع الملابس و هددت اللاعبين الأتراك و توعدتهم بأسوأ مصير في حالة العجز عن هزم المنتخب المغربي…، لكن نتيجة المقابلة كانت غير مرضية لطموحات الجماهير و المسؤولين الجزائريين، و انهزم الأتراك، مما تسبب في هجوم جماهيري على مستودع ملابس المنتخب التركي و إصابة بعض اللاعبين الذين تم رشقهم بالقنينات و الحجارة و بعض العلب، أمام أنظار رجال الأمن.

      نحن لا تهمنا تبعات هذا السلوك على المستوى التأديبي من طرف اللجنة الأولمبية المتوسطية، أو من طرف الفيفا، بقدر ما يهمنا تأثيره على مشاعر الأخوة و الجيرة و الامتداد الإثني و العرقي و الديني و التاريخي و الثقافي بين الجارتين، و يدفعنا للتساؤل عن أسباب هذه العصبية التي تجعل المسؤولين الجزائريين يدسون عساكر بين الجماهير توجه بوصلة التشجيع و يهتفون بإسم إيطاليا أو إسبانيا المسيحيتين و هما ينازلان منتخبا مسلما، أو يهتفون دعما الأتراك الذين احتلوا الجزائر لأزيد من خمسة قرون…؟، لماذا كل هذا الغل مادام التنافس رياضيا محضا، و بعيدا عن السياسة و الدبلوماسية…؟، الجواب ربما في طبيعة النظام الجزائري و نخبه.

      و لأن قضايا النخب لا يمكن فصلها عطفا على النتائج غير المرضية على كل الأصعدة، نفتح ملف النقاش على عثرة السفير الجزائري الذي أراد أن يلبس قبعة المهرج أمام أقرانه، فاختار مستملحة سيدفع المهاجر الجزائري ضريبة معانيها من رصيد كرامته، و ستضل لعشرات السنوات سبة في جبين الإنسان الجزائري، الذي لا يستحق أن تمثله نخب تشبه سعادة السفير الذي عاد لتوه ليصلح ما أفسدته السياسة بين باريس و الجزائر، نخب لا تملك الحس الوطني – الجماعي، و تتصرف بأنانية دفعت المعهد الإسباني الملكي للدراسات الإستراتيجية “إلكانو” ليصف الدولة الجزائرية بأنها “دولة غير موثوق بها و  أنها دولة هشة سياسيا و إقتصاديا”، و نحن نعلم أن المعاهد الإستراتيجية الأوروبية لا تنشر التقارير إلا بعدما تنهي الدورة العلمية – الدراسية لها، بمعنى أنها تقارير تجمع بين العمل الإستخباراتي و التحليل الإستراتيجي و الأرقام الاقتصادية و التوقعات الإستشرافية المستقبلية.

      نعود لقضية السفير الجزائري كي نشرح مخاطرها أكثر، و نضع الأصبع على الركن المريض في الدولة الجزائرية، التي نتمنى أن تتخلص من أزماتها و تعود إلى توازنها، لأن نجاحها من نجاحنا و توفيقنا لا يمكن أن يحصل ما دام هذا الوطن مرتبك و يغرق في الشك…، حيث اختار السفير الجزائري “محمد عنتر داوود” مستملحة غريبة و هو يتحدث إلى دبلوماسيي العالم في باريس كي يطلعهم على ما يمز بلاده بصفته سفير البلاد و دبلوماسي عالي المستوى، و مهمته أن يلمع صورة وطنه إذ قال : “حين سئل ممثلو الدول عن مفاخرهم، قال الأمريكيون أنهم يفتخرون بجهاز الاستخبارات الذكي CIA، و أجاب الفرنسيون أنهم يفتخرون بتمثال ماريان الرمز الكبير في قلوب سكان بلاد موليير، و قال الإيرانيون أنهم يعتزون كثيرا بالزريبة الفارسية، فيما يفتخر الألمان بشركة  الميرسيدس التي تصنع التحف الميكانيكية…، و حين حضر دور الجزائري في الجواب قال أن الجزائريين يفتخرون باللص الجزائري لأنه استطاع سرقة تمثال لاماريان الفرنسية و ينقلها مع الزربية الفارسية بالمرسيدس الألمانية، دون أن تكتشف ذلك الـ CIA  الأمريكية…”.

     كانت مستملحة السفير الجزائري ثقيلة جدا على النفوس و القلوب، لدرجة أنها أضحكت الدبوماسيين تشفيا في النظرة الدونية التي يشكلها الإنسان الجزائري دون وعي عن نفسه، و لم يكن ضحكهم ترفيها عن النفس…، تخيل أيها القارئ الكريم أن هذا التوصيف يخرج من فم دبلوماسي عالي التمثيل، و يحصل في سياق دبلوماسي و سياسي متوتر للغاية مع باريس و مدريد و برلين و بروكسيل…، و أن هذا الدبلوماسي و عوض أن يلمع صورة الجزائر و الإنسان الجزائري، هو يكرس تلك الصورة النمطية أن الجزائري إنسان لا يشتغل بذراعيه، و أنه مجرد لص يتحين الفرص ليخدع الأجهزة الأمنية و يمد يده غدرا إلى جيب ما استضافه في بلاده و انتشله من التشرد و البطالة، و أنه إنسان لا يؤتمن جانبه…، لقد نسي سعادة السفير أمرا مهما و هو يحاول لعب دور المهرج الدبلوماسي، بأن مستملحته ستضعف الروابط بين المهاجرين العرب و المهاجرين الجزائريين و ستضعف حتى الروابط بين المهاجرين الجزائريين أنفسهم، الذين سيقتنعون أن كل جزائري خرج من بلاده فهو لص يبحث عن فرصة لسرقة أموال الناس، و هذا يفسر سبب تهافت النخب الجزائرية عن الجنسيات الأجنبية و من بينها جنسية دولة الإحتلال التي يفضلها الفنانون الجزائريون.

      أزمة النخب لم تظهر مع هذا السفير، بل تشرحها تراكمات الأحداث في كل المجالات، كان آخرها ما حصل في تنظيم الدورة الأولمبية المتوسطية، و سوء التدبير الذي تسبب في حصول الجزائر على توبيخ اللجنة الأولمبية، و لن نغفل على ما جرى و يجري في وزارة الخارجية الجزائرية، التي تقع على عاتقها جزء من مسؤولية خطأ السفير “محمد عنتر داوود”، لأن تلك الوزارة تعاني كثيرا من أزمة كوادر، و وزراء خارجيتها تغيروا على مدار السنوات الأخيرة بعد هزائمهم في نزالات دبلوماسية مع وزير خارجية مغربي واحد يدعى “ناصر بوريطة”، و رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم هي الأخرى لم تسلم من التغيير المتكرر لرؤسائها بعد هزائمهم داخل الكاف ضد رجل واحد يدعى “فوزي لقجع”، نفس الأمر يكاد يصبح نمطيا في كل المجالات بدءا من وزير التجارة الذي عجز عن ربط الجزائر تجاريا مع عمقها الإفريقي، و وزير السياحة الذي عجز عن إقناع لاعبي منتخب الخضر بالترويج للساحة الجزائرية…

      أزمة النخب في الجزائر امتدت إلى البيت الأصفر الشاحب، و أصبحنا نعاني في الدولة الصحراوية من نقص حاد في الكوادر، الذي من نتائجه ما نعيشه اليوم من ضعف بنيوي سياسي و دبلوماسي، يسهل تشخيصه لكن يستحيل علاجه في ظل الظروف القائمة و سيطرة “الهنتاتة على مفاصل الدولة و مراكز القرار.

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد