Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

قمة إيطاليا تُعيد الدفئ للعلاقات بين قصر المرادية و الإليزيه و تكشف أزمة عميقة بين الجزائر و أصدقاء الأمس

بـقـلـم بن بطوش

         مر العيد بأهالينا في المخيمات، و كان يوما مشهودا…، ذلك أننا توصلنا عبر صفحتنا الفيسبوكية من أهلينا في أرض اللجوء، بصور و تسجيلات توثق للكمد الذي أصبح عليه الإنسان الصحراوي و هو يحيا تحت خط الإنسانية…، كانت كلها شهادات توثق لعائلات فقدت لذة إحياء هذه الشعيرة، بعد فقدها لأعز أبنائها في معركة خاسرة مع مسيرة الشيطان “يعني”، و عائلات أخرى نحرت أضحياتها في أجواء حزينة بعدما رفضت الأسر الإسبانية السماح لفلذات أكبادهن بالعودة إلى المخيمات بمناسبة العيد…، و أهالي تعذر عليها إحياء سنة خليل الله، بسبب سياسة “الهنتاتة” الذين رفعوا أثمنة الأضاحي إلى مستوى خرافي…، فسَرُّوها في أنفسهم و أخلصوا النية لله و رفعوا أكف الضراعة إلى المولى ساعة الوقوف بمقام عرفة، و سألوا الله الانتقام لهم من قيادة أفسدت عليهم ثورتهم و عيدهم و مشروعهم و حاضرهم و ماضيهم و مستقبلهم…، و ما حز في القلوب وزاد من الوجع، أن البيت الأصفر لم يلجم الحزن في قلوب المقهورين و لم يلتفت للمعوزين، و لم يكلف نفسه عناء مواساة المكلومين…

         ثمة من سيقول أنها مقدمة عاطفية جدا، و أننا في حرب و من منا يحلو له العيد و اليد على الزناد…، و جواب هذا الكلام أننا خسرنا الحرب منذ البداية؛ يوم هرب مقاتلونا تحت اسم إعادة الانتشار من موقعة الگرگرات، و من يرى غير هذا الواقع فليأتينا ببرهان، و أسأله أن يقرأ آخر مراسلة للقيادة وجهها البيت الأصفر إلى الأمم المتحدة، و التي تحدث عنها إعلام الرابوني بتفصيل، إذ قال أن الدولة الصحراوية راسلت “مينورصو” و الأمم المتحدة في شخص أمينها و مجلس الأمن و أبلغتهم أنها رصدت تحرك فيالق و عتاد ثقيل لجيش الاحتلال المغربي، يقوم بتمشيط مناطق متقدمة من “عين بنتلي” و “بير لحلو” على مقربة من الحدود الموريتانية، و هذا التمشيط جاء بعد تحريك جدار الذل و العار ليقترب أكثر من الحدود الموريتانية، و من المتوقع أن يصل إلى المسافة صفر، و هذه ليست المرة الأولى الذي تخرج فيها فيالق كاملة من الجيش المغربي إلى ما وراء الجدار  الرملي، و من المتوقع أيضا أن تقوم تلك الفيالق ببناء نقاط مراقبة و رصد آلية في تلك المناطق…، و هنا نعود لنقول إذا لم تكن هذه التحركات نتاج هزيمة جيشنا الشعبي في موقعة الگرگرات، فماذا يمكنها أن تكون إذن؟؟؟؟؟

            هزيمة قيادتنا في موقعة الگرگرات مركبة جدا، و ليست مجرد حادث و كفى، و الحليف الجزائري  في تلك الظرفية كان الملاذ الوحيد الذي يمكننا أن نركن إليها لتستعيد  قيادتنا التوازن في معاركها مع المحتل المغربي و إن تعذرت ميدانيا، و كان من الممكن أن يحصل ذلك التوازن دوليا على مستوى أروقة الأمم المتحدة، لو أن قصر المرادية أجاد لعبة اللوبيينغ…، لكنه النظام  الجزائري الحالي ترك بعشوائية و خسر بشكل غريب و غير مبرر حليفه التاريخي و التقليدي (روسيا)، و من يشكك في الأمر وجب عليه أن يكمل قراءة هذا المقال، لأننا بصدد وضع مراجعة و إعادة تقييم هذه العلاقة التي فسدت بين قصر المرادية و موسكو، و كانت قمة السبعة في إيطاليا دليلا على تشييعها إلى مثواها الأخير.

         فالقمة التي حضرها الرئيس الأمريكي بشخصه و كامل صفاته، و شارك فيها كل قادة أوروبا المؤثرين بدءا من رئيس الوزراء البريطاني، إلى نظيره الألماني، فالرئيس الفرنسي و الكندي…، كانت مبرمجة لتدارس القرارات الأخيرة بشأن ملف الأموال و الأصول الروسية المجمدة داخل الإتحاد الأوروبي و دول أمريكا الشمالية، و لم يكن القرار يخص تحرير تلك الودائع و الأموال و الأصول… و إعادتها لتستفيد منها روسيا الاتحادية، بل كانت الغاية تحريرها و منحها لأوكرانيا من أجل دعم صمودها في حرب الاستنزاف التي يخوضها الغرب ضد الدب الروسي، و تم توجيه الدعوة لعدد من القادة العرب و الأفارقة، بينهم الأمير السعودي القوي “محمد بن سلمان”، و ملك المغرب و رئيس كل من إثيوبيا و جنوب إفريقيا و البرازيل…، لكن معظمهم فضل عدم المشاركة بذريعة الحياد المطلق في الحرب الدائرة بين أوكرانيا و روسيا، ليتم تعويض حضورهم بدعاوى اللحظات الأخيرة و التي وجهت إلى تونس و موريتانيا و ملك الأردن…

         في البداية كان الإعلام في دولة الحليف و حتى بالرابوني يروج لمشاركة الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”  في قمة إيطاليا بأنها دعوة من صديقته “ميلوني” الإيطالية، كرد للجميل و أيضا كاعتراف من الإيطاليين بأن الجزائر أخيرا أصبحت دولة ذات هيبة و وزن…، و الأكثر أن بعض الصحفيين الجزائريين فتحوا قنواتهم للنقاش على منصة اليوتيوب، و قالوا أن  الجزائر هي من تقف خلف دعوة تونس و موريتانيا، قبل أن تطلق  جريدة “دير شبيغل” الألمانية حقائق محرجة للإعلام في مكة الثوار و تؤكد أن نصف الذين وجهت لهم الدعاوى رفضوا المشاركة كضيوف شرف، و فضلوا الحياد في موضوع الصراع الروسي – الغربي، و أن الدول التي لبت الدعاوى الشرفية تم المناداة عليها في اللحظات الأخيرة لملئ الفراغ.

         خبراء العلاقات الدولية و العارفين بأسرار السياسات الدولية و من لهم دراية بأسرار ما يجري خلف الكواليس، أكدوا أن مشاركة الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”  في قمة إيطاليا كانت كارثية بكل المقاييس، و أنها كشفت عدة مركبات نقص كانت طي الكتمان، منها أن الصراع الجزائري الروسي وصل إلى نقطة اللاعودة، و أن الرئيس الموريتاني “ولد الغزواني” تجنب ملاقاة الرئيس الجزائري، و أن مشاداة حصلت بين الوفد الموريتاني و نظيره الجزائري، بسبب رفض القائمين على البروتوكول الموريتاني برمجة لقاء بين وزيري خارجية البلدين، لمناقشة ملف احتجاج نواكشوط بشدة لدى الجزائر قبل 24 ساعة من القمة، بعدما خاض الجيش الموريتاني معركة تبادل فيها النار مع قوات من جيشنا الشعبي الصحراوي، و كان بينهم  – حسب الرواية الموريتانية- عدد من الكومندوز الجزائري الذين ألقت عليهم موريتانيا القبض بعد محاصرتهم، و طالبت من قصر المرادية التوقف عن استباحة التراب الموريتاني…و حسب الإعلام في نواكشوط فإن الجيش الموريتاني رصد تلك التحركات بواسطة أجهزة تحصل عليها الجيش الموريتاني كمساعدات من الإمارات العربية.

         مقابل التجاهل الإعلامي الجزائري لهفوات الدبلوماسية الجزائرية خلال قمة إيطاليا، جرى استثمار و تمجيد مشاهد المصافحات التي أنجزها الرئيس “تبون” في الإعلام الرسمي الجزائري، و الترويج لها على أنها فتوحات دبلوماسية، و الدفع بها لتكون محور نقاش وطني، وكان بينها مشاهد للرئيس “تبون” و هو يستجيب لنداء الرئيس الفرنسي و يقف مسرعا لمصافحة “ماكرون”، حيث أبدى الرئيس الجزائري ودا مبالغا فيه و عاطفة جارفة و هو يمسك يد “ماكرون” بحرارة و كأنه ولي حميم، رغم علمه أنه نفسه “ماكرون” الذي قال قبل أشهر بأن الجزائر لم يسبق لها أن كانت أمة و أن فرنسا هي من أسست الدولة الجزائرية، و رفض التفاوض على الذاكرة الجزائرية، و رفض تسليم الجزائريين جماجم الشهداء المعروضة في متحف باريس، و رفض أيضا منح الشعب الجزائري شرف استعادة برنوص و سيف “الأمير عبد القادر”.

         و بسبب الود المبالغ فيه مع الرئيس الفرنسي خلال مشاركتهما في قمة إيطاليا، الذي يصفه الأتراك و معهم الرئيس “الطيب رجب أردوغان” بالعدو الأول و الأخير، عطفا على دور “ماكرون” في منع تركيا من الانضمام إلى الإتحاد العجوز، فقد رفض الرئيس التركي طلبا للوفد الجزائري بعقد لقاء ثنائي بين الرئيسين الجزائري و التركي، و شوهد الرئيس “أردوغان” و هو يرمق الرئيس الجزائري بطرف العين عندما كان الرئيس “تبون” غارقا في المودة و المشاعر العاطفية مع الرئيس الفرنسي…، لكن الإعلام الجزائري رفض التعليق على الحادث و تجاهل الأخبار التي انتشرت في الإعلام الايطالي و فضل الترويج للقاء “تبون” مع حاكم الإمارات “محمد بن زايد”، و القول أن الرئيس “تبون” وبّخ “بن زايد”، غير أن الإعلام الغربي عالج لقائهما بتحليل لغة الجسد، و جاء في القراءة الغربية ما يلي :

  • أن حاكم الإمارات العربية أظهر الكثير من الود عندما قرر كسر الجليد و تجاوز كل الكلام المعيب الذي قاله الرئيس الجزائري عبر الإعلام، و بثته القنوات الرسمية الجزائرية، و التف حول طاولة الاستماع إلى أن وصل حيث يجلس الرئيس الجزائري، و صافحه بكل ود، فيما الرئيس الجزائري ظهر عليه الارتباك و كأنه كان يخشى أن يظهر في وسائل الإعلام و هو يتحدث إلى “محمد بن زايد”، أو بلغة أدق و كأنه يخشى غضب قيادة الجيش الجزائري بسبب مشهد الحوار، لدرجة أن “تبون” كان مترددا بين الوقوف أو البقاء جالسا.
  • أن حاكم الإمارات العربية أظهر أنه قائد متمرس، و أنه رجل دولة، و كان يتحدث إلى الرئيس الجزائري و هو يُسرُّ إليه في أذنه، فيما كان الرئيس الجزائري مرتبكا و يتحدث بصوت يكاد يسمع من الكاميرات، و يشير بأصبعه إلى جسد “بن زايد”، مما يعني أن “بن زايد” لديه تكوين مخابراتي و يعرف أن الحديث الثنائي يمكن التقاطه مع وجود تكنولوجيا معقدة و خبراء قراءة الشفاه، لكن الرئيس الجزائري كان يتحدث بأسلوب غير لبق مما يكشف أن الرجل لا يعرف كتم الأسرار و لا يفرق بين الحديث الخاص و الحديث العام.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد