بـقـلــم:بن بطوش
و نحن نوشك على إكمال أول أسابيع النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي، عما ستجره الحرب بين الصفويين و أبناء يهودا على القضية الصحراوية، في سهرات تمتد لضوء الفجر…،انتبهت لليوم السادس إلى حضور حساب لمشارك صحراوي لا يتحدث و لا يطلب الكلمة و يكتفي بالسماع…، وقد غير صورة حسابه على المنصة من مشهد جلسة شاي لمقاتل رفقة بندقية سوفياتية الصنع من القرن الماضي، إلى مقولة لحاخام روسي من العصر الإمبراطوري تقول: “ليتك سجدت يا إبليس و كفيتنا شر هذه الدنيا؟”… عندما دخلت حسابه علمت أنه شاب عشريني…، فأوجعني و حز في قلبي كيف لشاب صحراوي أن يبلغ سن الفاجعة و تشيخ مشاعره حتى يبحث عن عبارات يلقيها كالحمم و هو يلوم “إبليس” اللعين على تسبُّبه في إخراج أبونا آدم من الجنة .
أي قناعة سلبته حقه في الحياة و تركته فقط ليعيش؟…، لكن ببعض التأمل في الأحداث و مع ربط خيوطها أيها القارئ الكريم، ستفهم أن تلك القناعة تشكل اليوم واقعنا، من كل الزوايا… !!، و سأشرح لك تجلياتها قبل أن نكمل سلسلة مقالاتنا عن “شنقريحة” و عن تغيير تفكيره من حرب مع الرباط إلى التخطيط لانقلابات بدول الساحل ، ذلك أن الأمم المتحدة التي لم يسبق لها أن نجحت في إخماد حرب أو تحقيق سلام و لم يسبق لها أن ساعدت شعبا مضطهدا فهي تكتفي بإرسال الدقيق و الزيت إلى المنكوبين المحظوظين…، اليوم نراها تختفي خلف مصالح دول مجلس الأمن، خصوصا دول “الفيتو”، نسيت فجأة كل القضايا من الحرب في السودان و اليمن إلى المجاعة في غزة و حرب مالي مع الأزواد، و لا هي تهتم بحصة أزيد من مائة مليون مصري من مياه النيل، حتى الحرب في أوكرانيا لم تعد تناقش بحماس و تذكر كفقرة في اجتماع سريع…، و الكل ينتظر سقوط نظام الملالي لتقسيم الكعكة كما حصل مع الرجل المريض يوم مزقت بريطانيا الإمبراطورية العثمانية، فمن سيتذكر وسط هذه الفوضى قضية تسمى القضية الصحراوية بعد اليوم؟
ملف جديد شديد الثقل و قريبا سيصبح ملوثا بالإشعاعات…، إن فشلت المفاوضات التي تجري تحت الطاولة بين واشنطن وطهران و تل أبيب، من أجل فرض خطة “بيتكوف” السرية في غزة، تكون مقدمة لاتفاق شامل تُسلَّم فيه غزة إلى أمريكا بعد تهجير جزء مهم من سكانها على دفعات…، كي تُديرها و تحولها إلى عاصمة عالمية للترفيه و التجارة، و تعيد إسرائيل ما تبقى من أسراها و يرحل آخر قادة و أتباع “حماس” إلى قطر، للعيش و التسوق من المتاجر المكيفة ولصرف الرواتب السمينة التي تم إغراؤهم بها كجوائز نهاية الخدمة، على أن تعدم إيران كل مفاعلاتها و تتوقف عن تطوير الأسلحة المهددة لدول الجوار…، و دون هذا الاتفاق ستُحرَق إيران،… و للإشارة فإن هزة ضربت العاصمة طهران بلغت حدتها 5.5 على سلم ريشتر قبل كتابة هذا المقال بـ 12 ساعة،… و لن أضيف على هذا أو افسره !!!
وسط هذه الفوضى و هذا الصراع، تحدث تغيرات جيواستراتيجية معقدة في منطقتنا، ترفع مخاوف قصر المرادية و تزيد الضغط على “الهنتاتة” بالرابوني و تدفع مقاتلي الجيش الشعبي الصحراوي إلى لوم إبليس لأنه لم يسجد لآدم بين يدي الله…، بعدما تسرب عبر احد النواب الإسبانيين أن الموقف البريطاني الأخير الذي يدعم الرباط في ملف الصحراء الغربية، قد وُلِد من صفقة ثلاثية بين لندن و مدريد و الرباط، و هو إعلان نوايا من قصر بيكينكهام لمنح الرباط الأريحية، بعدما قررت هذه الأخيرة القبول بلعب دور الوساطة بين لندن و مدريد في ملف جبل طارق، و اشترطت الرباط إدراج ملف المدينتين سبتة و مليلية ضمن المفاوضات لتكون ثلاثية، على أن يسبق الجولات اعتراف بريطاني كامل لمخطط الحكم الذاتي مدعوما بمواقف رسمية في مجلس الأمن.
يبدو الأمر غير منطقيا و ينقصه فهم المصلحة التي ستحصل عليها بريطانيا مقابل التنازل على موقع أكثر من استراتيجي و بغاية الحساسية (جبل طارق) …، الحقيقة أن المفاوضات لا تتضمن تنازل بريطانيا على الجبل بل تدور خطتها حول التسيير المشترك للجبل، و نفس الأمر للمدينتين المحتلتين سبتة و مليلية، على أن تحقق بريطانيا عودة اقتصادية إلى السوق الأوروبية عبر بوابة إسبانيا، دون الحاجة إلى تورط سياسي مع دول القارة العجوز و دون التنازل على العملة الوطنية البريطانية.
في حال اكتمال الصفقة، فالجزائر التي قررت وقف تمارينها العسكرية فجأة و تقييم ترسانتها، ستكون أمام وضع لا تُحسد عليه، و ستكون مضطرة لمواجهة إتحاد مشكل من بريطانيا و إسبانيا و المغرب، مما سيضيق عليها نفوذها بالبحر الأبيض المتوسط، حيث فرنسا في الأعلى و ليبيا “حفتر” شرقا يكملون طوق العداء لهذا البلد، الذي يبدو أن قادته تأثروا كثيرا بما يقع في جزيرة العرب، و قرروا سحب العملاء الذين تم إدخالهم إلى دول كونفدرالية الساحل و موريتانيا من أجل إعادة ضبط عقارب الحكم في هذه البلدان بدءا من بوركينافاسو و النيجر وصولا إلى مالي.
ما يقع بين إيران و إسرائيل بعثر أوراق “شنقريحة”، و هو ما يفسر كذلك تأخري في الخروج بهذا المقال؛ إذ كان لدى الجزائر خطة لإعادة الأنظمة المطاح بها أو تنصيب قيادات تدين بالولاء للنظام الجزائري، و أسس الجيش الجزائري لهذا كتيبة تحمل لقب جهاز قديم لتشفير الإتصال العسكري KL-7، غير أن تطور الأحداث في الشرق الأوسط و بداية بروز ملامح حرب نووية، جعلت الحليف الجزائري يتراجع خطوة إلى الخلف و يسحب تلك القوات، خوفا من فشل الإطاحة بتلك الأنظمة و إدانة هذا العمل من طرف المنتظم الدولي في حال حصول خطأ يكشف تورط الجيش الجزائري، و أيضا بسبب عدم توقع ردة فعل قيادات كونفدرالية الساحل، بعد توقيعهم اتفاقا مشتركا لتأسيس جيش عسكري موحد، و أيضا لأن هذا الجيش المغربي يتم الآن تحضيره على أعلى مستوى بثكنات و أكاديميات البلاد، و هناك منشآت استراتيجيه عسكرية يتم بناؤها في سرية تامة، من بينها مخازن للطائرات و مخازن للأسلحة النوعية، و دون شك فإن الرباط هي من تتولى حماية القادة في هذه الدول بعد انسحاب الروس، و ستعمل كل جهدها لإفشال الانقلاب و دعم تلك الجيوش من أجل تحقيق الانتقام.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك