Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

بعد التخلي عن ”لعمامرة”، الشارع الجزائري يتساءل هل ما حدث تعديل حكومي أم تطهير سياسي للبيت الداخلي بأيادي خارجية… !!؟

بـقـلـم :بن بطوش

         و بينما نحن نبحر في العالم الرقمي بحثا عن تفاصيل الأخبار التي تعيننا على وضع قراءة صحيحة تتناسب و الوثائق و الحقائق التي تحصلنا عليها، تعثرت فأرة الحاسوب فجأة في خبر كشف لنا مدى نسبية الاستقلال الجزائري، و مدى عجز قصر المرادية أمام سلطة فرنسا، ذلك أن الخبر يقول بأن النظام الجزائري يدفع كل سنة مبالغ مهمة لفرنسا لقاء حماية نشيدها الوطني:”قسما بالنازلات الماحقات…”. الاعتراف نشره الديوان الوطني لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة الجزائري”ONDA“، رغم أن النشيد هو من تأليف شاعر الثورة الجزائرية “مفدي زكرياء”، ومن تلحين الموسيقار المصري الراحل “محمد فوزي”.

         و يضيف الموقع أن ديوان الحقوق الفرنسي “SACEM” هو الوحيد المخول له الاستفادة ماديا من عائدات النشيد الوطني الجزائري،و حمايته على موقع “اليوتيوب” من أي قرصنة إلكترونية أو عملية تحميل غير قانونية بموجب القانون الدولي لحماية الملكية الفكرية؛ و كأن الجزائر عجزت مؤسساتها الفكرية و الثقافية و الرقمية عن حماية نشيدها الوطني.

         عجز المحاولات الجزائرية عن استعادة حقوق نشيدها الوطني من الديوان الحقوق الفرنسي “SACEM“، يفسر النظرة التي ترمق بها باريس مستعمرتها السابقة، التي كانت تسميها “فرنسا الافريقية”، و كيف ترى فيها أحد الحقوق الإمبريالية للإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية التي لا يمكن التخلي عنها، و يفسر سبب عجز النظام الجزائري عن استرجاع جماجم الشهداء، و يفسر سبب رفض فرنسا_”ماكرون” الاعتذار عن الجرائم التي قام بها الجيش الفرنسي خلال الـ132 سنة من استعماره للجزائر، و عن التجارب النووية  بالجنوب و استخدام الجزائريين في دراسة تأثيرات الإشعاع على مقربة من بؤر التفجير المتواجدة غير بعيد عن مخيمات أهالينا في أرض اللجوء بتندوف.

      و لكي تثبت فرنسا أنها أسوأ مستعمر مر في إفريقيا، فقد نشر موقع africaintelligence مقالا للتشفي في إقالة وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة،” و الذي جرى تعويضه بالدبلوماسي السابق، إبان العشرية السوداء، “أحمد عطاف”، حيث قالت الصحيفة بأن لقاءا سريا بتاريخ 15 فبراير 2023، جمع بين مدير جهاز DGSE الفرنسي “بيرنارد إيمي” و مدير المخابرات الخارجية الجزائرية “جبار مهنّة”، فوق الأراضي الألمانية و بوساطة ألمانية،و كان الهدف منه إصلاح الأعطاب الدبلوماسية بين البلدين، حيث يقول الموقع بأن “إيمي” أبلغ نظيره “مهنّة” بقلق فرنسا العميقة من تنامي و توسع دائرة التيار الموالي لموسكو و المعادي لفرنسا في عمق النظام الجزائري، و أن هذا التيار يقوده وزير الخارجية الجزائري “لعمامرة” الذي كان يعاني من مشاكل هيكلية داخل وزارته، تسببت له في غضب كبير الجيش “شنقريحة”الذي يراه وزيرا لم يحقق ما وعد به ضد خصوم الجزائر، بل زاد من تأزيم الوضع الدولي للحليف.

         الموقع الفرنسي الذي يعتبر صوت الأجهزة السرية للإليزيه، نشر عبر نفس المقال بأن الجنرال “مهنّة” بعد لقاء برلين تمت تنحيته عن منصب قائد المخابرات الخارجية الجزائرية، فيما “لعمامرة” تم تهميشه و استبعاده من طرف قيادة الجيش الجزائري بمجرد عودة “شنقريحة” من زيارة باريس، و الواضح من المقال أن الأجهزة السرية الفرنسية- عبر موقع intelligenceafrica– تريد أن تقدم نفسها كمسؤول مباشر عن إقالة “لعمامرة”، و بأن قرارات الخارجية الجزائرية و الأسماء التي تقترح لتحمل مسؤوليتها تٌمليها فرنسا على قصر المرادية، بأن يكون ولاؤها لباريس و أن تحترم الإرث الاستعماري الذي تديره المؤسسات الفرنسية عن بعد، و أن تحترم أيضا تفاصيل اتفاقية “إيفيان”…، و بالتالي حسب الرواية الفرنسية يكون قرار عزل “لعمامرة” أكبر من سلطة قصر المرادية، بل هو قرار اتخذ في باريس و أًبلغ به كبير الجيش الذي تعرف فرنسا بأنه الرئيس الفعلي للجزائر.

         فحتى و إن كان التعديل الوزاري قد طال إحدى عشر وزيرا، إلا أن إعفاء “لعمامرة” كان التعديل  الأكثر تأثيرا، و رغم أن الإعلام الجزائري حاول الترويج لهذه الإقالة كحدث طبيعي في دورة العمل السياسي الروتيني للحكومة، و يُعطي الانطباع على أن “لعمامرة” كان رجلا من عامة الأطر قضى زمنه و انتهى، إلا أن الطريقة التي اختفى بها الرجل و تكليف كاتب الدولة في الخارجية، “عمار بلايني”، بالنيابة عنه، و إطلاق نقاش فكري داخلي في الجزائر حول سوء تدبيره لملفات تعيين السفراء و القناصل، و تورطه في أزمة دبلوماسية مع تونس بسبب ملف “بوراوي”، و ردة الفعل غير الدبلوماسية التي أبداها النظام الجزائري مع التونسيين و التي خلفت تشنجا بين البلدين، و أيضا عجزه عن متابعة ملف ليبيا و الحفاض على اتفاق السلم في الأزمة  مع مالي،.

         و مما يعاب على أداء “لعمامرة” عجزه عن ابتكار خطة لكسر صمود دبلوماسية الرباط في وجه التطورات الجيوسياسية بالمنطقة، و أيضا تأزم العلاقات مع الجار الغربي أكثر فأكثر، و مرور الرباط إلى استفزازات أشد خطورة أعجزته عن تطوير خطاب دبلوماسي أكثر تأثيرا، كحديث السفير المغربي بالأمم المتحدة عن تقرير مصير شعب لقبايل، و بدأ الإعلام  المغربي نشر وثائق تتكلم عن أحقية الرباط بالصحراء الشرقية، و التغيرات الكبرى التي تعرفها السياسة العالمية بالاتفاق الإيراني-السعودي، الذي رفع سقف الطموح العربي إلى إمكانية تعميمه على جميع البلدان العربية، مع إمكانية نجاح الوصفة في الأزمة بين الرباط و الجزائر…هذا التراكم كله كان مقدمة لعزل هذا الدبلوماسي الذي  تراجعت في عهده القضية الصحراوية أميالا إلى الوراء…

         نصل الآن إلى تعيين “أحمد عطاف”، الدبلوماسي البالغ من العمر 70 سنة و الذي سبق له أن جاور الرئيس الجزائري “اليمين زروال”، و تم التخلي عنه من طرف الرئيس “عبد العزيز بوتفليقة”، و المفارقة أنه خلال فترة تحمله مسؤولية وزارة الخارجية، بين سنتي 1996 و 1999، كان “لعمامرة” يشغل منصب سفير الجزائر في الولايات المتحدة الأمريكية، و أن الرجل خلال تلك الحقبة أرسل إلى واشنطن من أجل تحقيق التقارب العسكري و الأمني بين الأمريكيين و الجزائر، و أن إعادة تعيين “عطاف” على رأس الخارجية الجزائرية يصادف خروج “لعمامرة” من الباب الضيق، مما يعطي الانطباع على أن رهان الجزائر على المقاربة الأمنية و العسكرية فشل مرة أخرى.

         و الدليل على أن “رمطان لعمامرة” كانت له مقاربة عسكرية – في العمل الدبلوماسي، هو تورطه في مشاريع عسكرية، أهمها الدعم العسكري للنيجر و مالي، و منح طهران موقع قدم داخل المخيمات من أجل تدريب العناصر الجيش الشعبي و تسليحهم بالمسيرات الانتحارية، و أيضا خلال دفع قصر المرادية للقبول بفتح الباب أمام مرتزقة “الفاغنر” في الطوق المحيط بالجزائر (النيجر و مالي…)، و تورطه في العمل المسلح الذي استهدف شاحنات تجارية مغربية بمالي سنة 2021، و الذي كاد ان يتحول إلى أزمة عسكرية بين الجارتين.

         لهذا فعودة “عطاف”، و هو حفيد أحد كبار “الحركيين” في زمن الاستعمار الفرنسي، فيها رهان على المدرسة السياسية، لأن الرجل دخل العمل السياسي من مساهمته في تأسيس حزب “التجمع الوطني الديمقراطي” (RND)الذي طرد منه بقرار من الراحل “عبد القادر بن صالح”، قبل أن يتحول إلى “حزب طلائع الحريات”، حيث جاور “علي بن فليس” و دعمه خلال الحملة الانتخابية لمنصب رئيس الجمهورية، ليبقى السؤال هل تجاوز “تبون” و غفر لـ”عطاف” تخندقه خلال الانتخابات الرئاسية ضده، أما أن على “تبون” تقبل الوضع و التعايش مع هذا الوزير الذي فُرض على الحكومة الجزائرية في الدقائق الأخيرة من طرف باريس، بعدما كانت الجزائر عن بكرتها تتوقع بأن “عمار بلايني” هو الوزير القادم على رأس الخارجية الجزائرية…

        لكن السؤال الذي يهمنا كصحراويين، هو هل سيمشي “عطاف” على نهج أسلافه بجعل ملف الصحراء الغربية أولوية عمل وزارته؟ أم أن الرجل سيسعى لإصلاح ذات البين مع الجار الغربي و يعمل على خفض التوتر بين الدولتين اللدودين؟

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

 

[email protected]

 

  

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد