تحذيرات روسية للجزائر بعد زيارة ”شنقريحة” لباريس و قصر المرادية يرسل وفدا لطمأنة مدريد بعد زيارة ”ميلوني”
بـقـلـم : بن بطوش
ثمة كم من الأخبار و المتغيرات الطارئة تحتم علينا النقاش العميق باستخدام الأدلة و المصادر الصحيحة…، عكس ما يجري تداوله على المنصات من تنجيم صحفي و اجتهادات تجانب الصواب و تحرف الحقائق و تشحن القلوب و توثر العواطف…، ذلك أن الكثيرين يريدون أن يضعوا قراءة متطرفة لاجتماع “مجلس الحرب” الجزائري الذي ترأسه كل من قائد الجيش الجزائري “سعيد شنقريحة” و الرئيس “عبد المجيد تبون”، و كل المتتبعين و النشطاء يردون الربط بين الزيارة التي قام بها وزير خارجية إيران لنواكشوط و الضربة الأخيرة للدرون في المنطقة الحدودية بين الصحراء الغربية و الأراضي المحرمة و المنطقة العسكرية الموريتانية المغلقة و الحدود الغربية للجزائر حيث مخيمات أهالينا و عوائلنا…، و التي استهدفت شاحنات بترقيم جزائري يقودها مواطنون موريتانيون.
غير أن هذه الأخبار هي أحداث منفصلة، و أي توارد بينها في التوقيت هو محض صدفة، حيث أن كل تحرك له قراءة مستقلة عن الأخرى، و أن محاولة الجمع بين هذه الأحداث هو خطأ في الرؤيا و قراءة مغلوطة جيو-سياسيا؛ لأن اجتماع مجلس الحرب الجزائري الذي يعقد لأول مرة منذ أزيد من ثلاث عقود، هو لأجل مناقشة جاهزية الجيش الجزائري و تحديد مركبات العجز و النواقص في فيالقه، خصوصا و أن الزيارة الأخيرة لقائد الجيش إلى فرنسا مكنته من الاطلاع على جزء من أسرار الجيش المغربي، و تأكده من وجود خلل كبير في التوازن العسكري، و أن المغرب يمتلك خططا حربية جاهزة، فيما الجزائر لا تمتلك خططا حربية و ليس لها تصور مسبق للمعارك، و لا تعرف قيادات الجيش الجزائري كيف ستدير القتال فوق ترابها و خارج حدودها…، الشيء الذي جعل “شنقريحة” يطلب عقد هذا المجلس و طرح الخطط الممكنة في حالة الحرب مع الجار الغربي، و وضع احتمالات النصر و الخسارة و تحديد العجز الذي يجب تداركه، و أيضا عقد لأجل إبلاغ باقي القيادات العسكرية بأن المصانع الروسية لا يمكنها أن تستجيب لطلاب الجيش الجزائري، و أن الدعم التقني و الفني غير متاح حاليا من موسكو، و أنه في حالة نشوب حرب مع الرباط فسيكون على الجيش الجزائري تدبير حاجياته من قطع الغيار و العتاد بعيدا عن روسيا التي هي في وضع حرب و طوارئ…، و أن العقيدة العسكرية الجزائرية قد تخضع للتعديل، بالانفتاح على الصناعة الحربية الفرنسية و الصينية و حتى الإماراتية، خصوصا و أن فرنسا رفضت بالمطلق نقل أسرار الصناعة العسكرية الفرنسية إلى الجيش الجزائري.
غير أن السلوك الروسي الدبلوماسي يؤكد أن هناك غضب غير معلن من موسكو على قصر المرادية، و أن هذا الغضب يثير مخاوف القيادات الجزائرية و يجعلها في شك من الدعم الروسي في حالة الحرب، و أن الاتصال الذي قام به الرئيس الروسي مع نظيره الجزائري استفسر خلاله “بوتين” عن التنازلات الغازية التي قدمتها الجزائر لفرنسا و إيطاليا و إسبانيا و ألمانيا عبر فرنسا، و حذر النظام الجزائري من زيارات خبراء عسكريين فرنسيين إلى الجزائر و اطلاعهم على العتاد الروسي بالثكنات الجزائرية، و خصوصا سلاح الغواصات و البطاريات المضادة للطائرات و دبابات T-90، بالتزامن مع انطلاق المعارك الأرضية بين دبابات حلف “الناتو” و الدبابات الروسية على مشارف إقليمي دونستيكو لوهانسك، و أن مواجهات تدور حاليا بين الدبابات الروسية و بين دبابات “تشالنجر” البريطانية و “ليوبارد” الألمانية و “لوكلير” الفرنسية، و أن “الناتو” يدرس حاليا سبل اصطياد الدبابات الروسية، و تخشى موسكو أن يحصل الخبراء العسكريون الفرنسيون بعد الزيارة الأخيرة لـ “شنقريحة” إلى باريس على أسرار هذه الدبابات و عيوبها.
و كي تعبر موسكو عن عدم رضاها من الحليف الجزائري، نشرت وزارة خارجية روسيا خارطة العالم من غير تمييز لإقليم الصحراء الغربية عن تراب المغرب، و تعمدت خلية الإعلام في الوزارة دمج الإقليم المتنازع عليه في المجال الترابي لدولة الاحتلال المغربي، و لم تكتفي موسكو بهذا بل أعلن مركز “موسبروم” الروسي، و هو أكبر تجمع للمصنعين و الخبراء و رؤوس الأموال الروسية…، عن إرسال بعثة تجارية و استثمارية إلى المغرب بتاريخ 28 إلى 31 مارس، و نشر كلمة لرئيس دائرة الاستثمار و السياسة الصناعية في الحكومة الروسية و الذي قال أن هدف البعثة هو الانفتاح على شريك جديد، و تعزيز التعاون معه، و نقل الخبرات و رؤوس الأموال الروسية إليه.
نصل إلى الزيارة الإيرانية لنواكشط و التي جاءت بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان”مع “رمطان لعمامرة”، و هي زيارة بدون معنى و لا لون و موجهة للاستهلاك الإعلامي، و المراد منها جعل الرباط تشعر بأنها مطوقة من كل ناحية، و منح صورة على أن التوغل الإيراني في شمال إفريقيا وصل إلى المحيط الأطلسي.
و الواضح أن توقيت الزيارة كان مخطط له من قبل، و أن المكالمة الهاتفية بين “لعمامرة” و “اللهيان” شهر يناير من هذه السنة كانت بمثابة ضوء أخضر من قصر المرادية لتنفيذ خطة الزيارة إلى موريتانيا، و منحها التغطية الإعلامية القوية، و حتى لا تغضب تل أبيب من الجزائر…، فقد أبدت الجزائر عبر وسائل الإعلام الجزائرية و الفرنسية في توقيت واحد كرما و ترحيبا و حفاوة غير مسبوقة بالفنان الفرنسي – الإسرائيلي “باتريك برويال” الذي نزل بتلمسان لأول مرة منذ عقود، و الذي كان ممنوعا من زيارة مسقط رأسه، و قد اشتهر بتخصيصه نصف مداخيله الكبيرة من الغناء و التمثيل لدعم الجيش الإسرائيلي، و أنه أحد المساهمين الماليين في برنامج تطوير القبة الحديدية…
و كشف الإعلام الإسرائيلي أن الفنان “باتريك” تلقى دعوة رئاسية من الجزائري و استجاب لها بكل حماس و عاطفة، و هو الأمر الذي جعل تل أبيب لا تعلق على المكالمة الهاتفية بين “لعمامرة” و “اللهيان”، و زيارة هذا الأخير إلى نواكشوط… حتى الآن، رغم أن تل أبيب نفذت قبل أيام ضربة عسكرية بسلاح الدرونات الانتحارية على أهداف داخل إيران دون أن تحرك طهران ساكنا، بل و تقبلت الوضع بكل رحابة صدر.
في نفس التوقيت و وسط فوضى الغبار الذي أحدثه تحرك قصر المرادية لحجب الرؤيا عن الرباط و لإظهاره بعض البراعة في السيطرة على العواصم المحيطة، فقد أوفد النظام الجزائري بعض كبار قياداته السياسية و العسكرية خفية إلى مدريد، و تواجد العساكر ضمن الوفد هو للتمويه على أن الأمر مرتبط بقرار أو صفقة عسكرية…، فيما الأمر محض زيارة لطمأنة مدريد أن حصتها من الغاز لن تنقص، و أيضا من أجل منحها وعودا برفع الصبيب بعد تشغيل الآبار الجديدة المستكشفة حديثا، و جاءت هذه الزيارة المكوكية و التي دامت ساعتين قبيل انعقاد اللجنة المشتركة المغربية – الإسبانية، حتى لا تنفذ إسبانيا تهديدها بفتح قنصلية بالصحراء الغربية، خصوصا و أنها وعدت الرباط بفتح ملحق للمعهد الثقافي و الدبلوماسي “سيرفانتيس”، و بعد تداول الإعلام الإيطالي أنباءا مسربة عن محيط “ميلوني” برفع حصة إيطاليا على حساب حصة الإسبان، مع إمكانية إيقاف الأنبوب الإسباني ميد-غاز على حساب مد أنبوب جديد و مباشر بين إيطاليا و الجزائر و قد يصل إلى برلين.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك