كبير الجيش الجزائري يعود من باريس بعدما وضع 15 مليار دولار في جيب فرنسا التي نصبته حارسا لقصر الإليزيه
بـقـلـم:بن بطوش
و نحن نحرر تفاصيل هذا المقال، و بينما حمأة الجدال على أشده في غرف النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب حصاد قائد الجيش الجزائري من زيارته إلى قصر الإليزيه…، صادفنا تدوينة للصحفي الراحل “حمزة البركاوي” الذي توفي قبل أسابيع، و الذي يعتبر من ضحايا لقاءات المنتخب الوطني الجزائري ضد منتخب الكاميرون، حينما عاد من رحلة تغطيته للقاء الذهاب و هو مصاب بالملاريا، و ظل يعاني من تبعات الداء الإفريقي و الحمى، لكن ما أوجع الصحفي لم تكن آلام المرض و لا بطشه، لأنه كان يؤمن بقضاء الله و قدره، بل ما باح به في تدوينته عن الوضع الصحي المزري في بلاده قبل أن يرحل عن الدنيا بأيام قليلة، حيث وصف الأمر و هو يقول متألما : “السكانير في الجزائر من المستحيلات السبع..،حقك البسيط كمواطن يحرمونك منه ويبعثوك لموعد من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر دون رحمة ولا شفقة..، رغم حاجتي المستعجلة لسكانير ورغم أنني صحفي تعرض للملاريا في مهمة عمل مع المنتخب الوطني لكن دون جدوى..، واحد ما سامع بيك..، حتى وأنت معروف لكن المعرفة أقوى مني ومنك..، المعاملة السيئة حدث ولا حرج من المدخل كل شيء ممنوع عليك..، الممرضة تحسب نفسها طبيبة تترفع على المرضى..، الطبيبة كأنها بروفيسور..، متى يصبح الجميع في خدمتك؟”.
كانت تلك التدوينة الفايسبوكية عنيفة جدا على أحاسيسنا، و نحن نقرأ فيها بكل حرقة تفاصيل ما يحدث داخل المستشفيات في بلاد تنفق كل سنة أزيد من 20 مليار دولار لشراء العتاد العسكري بكل أنواعه، و لا تتوقف عن منح المساعدات بسخاء غريب لدول لا تشاركها الحدود و لا العقيدة و لا حتى القناعات…، ذلك أنه قبل أيام قليلة أعلنت الصحافة الجزائرية متفاخرة بحكومة “أيمن عبد الرحمان” التي تساعد أصدقائها بإرسال شُحنات عبر جسر جوي إلى دولة كوبا من أجل مساعدتها على تجاوز أزمتها الغذائية…، و أعلنت أنها ستقدم منحا دسمة لدولة جنوب إفريقيا لمساعدتها طاقيا، و أن الجزائر تعتزم استثمار ملايير الدولارات في إثيوبيا لإرضاء “أبي أحمد”… !!؟
وفاة هذا الصحفي البشوش لم تكن المأساة الوحيدة في بلاد الشهداء و حقول الغاز اللغز، بل تداول رواد مواقع التواصل صور سيدة مشردة قضت بسبب البرد و هي تفترش الرصيف، و حين تم التحقق من هويتها، تبين أن تلك المرأة السبعينية هي الدكتورة البيولوجية “فلة بورسالي”، خريجة جامعة “السوربون”،حيث كانت تدرس الطلبة في مدرجات نفس الجامعة الفرنسية العريقة، و عادت إلى الجزائر قبل عشرين سنة لتساعد أبناء وطنها على التطور في الطب و البيولوجيا، لكن شاءت الأقدار أن تصاب بمرض نفسي بسبب فقدها لابنها، فلم تجد في وطنها من يرعاها، و لم تتكلف الجامعة في عنابة أو هران بحالتها، و لم تهتم السلطات و لا والي المدينة بمعاناتها، بل جرى فصلها من سلك التدريس و رميت إلى الشارع دون رحمة، و انتهى بها الحال جثة هامدة على الرصيف، في جزائر “شنقريحة” و “تبون”…، في الجزائر الجديدة التي تحارب الفساد على منصات التواصل.
كانت مقدمة موجعة و حزينة و طويلة، لأنها نقد صحفي من محب و غيور على بلاد الشهداء…، و سنواصل نقدنا و نحن نفرد أمامك أيها القارئ ما جمعناه من أخبار و ما توصلنا إليه بعد تمحيص و استشارة و تتبع، خصوصا و أن الكل يُجمع بأن زيارة قائد الجيش الجزائري إلى باريس كان زيارة رئاسية جزائرية إلى فرنسا، بمعنى أن الجميع أصبح يؤمن بأن الرئيس الفعلي للجزائر هو من زار فرنسا و أبرم الصفقات العسكرية مع الجيش الفرنسي و قصر الإليزيه، فيما “تبون” استقبل بشكل بروتوكولي رئيسة الوزراء الإيطالية “ميلوني”، و التي عادت إلى روما غاضبة و خصت جريدة”لاروبيبليكا” (LA REPUBLICA) بحوار تتهم فيه فرنسا بالسيطرة على الجزائر و التحكم في مقدراتها، و بأن باريس هي صاحبة العقد و الحل في الجزائر، و قالت بصريح العبارة: “في كل عقد أو اتفاقية حول الطاقة أردنا إبرامها مع الجزائر، يتوجب علينا الحصول على الموافقة الفرنسية”.
لكن باريس بالمقابل و هي تكرم وفادة ضيفها قائد الجيش الجزائري، لم تفوت الفرصة كي تزيد من الإمعان في امتهان كرامة الجزائريين، و كان القياس يقتضي أن يفاوض “شنقريحة” قصر الإليزيه من موقف قوة، و أن لا يقدم التنازلات، لأنه من يحمل المال الذي يسيل لعاب فرنسا العميقة، و أن فرنسا لا تقدم للجيش الجزائري عتادا متطورا جدا و تراجعت عن قرار نقل التكنولوجيا العسكرية إلى الجزائر، بدعوى أن الجيش الجزائري مستباح من الخبراء الروس، و أن فرنسا العميقة لا تأتمن النظام الجزائري على الأسرار العسكرية الصناعية الفرنسية.
و تضيف المصادر الإعلامية من داخل قصر الإليزيه و التي سربت بعض المعلومات عن قصد لإهانة قائد الجيش الجزائري، بأن باريس فرضت على الجزائر قائمة مشتريات غير نوعية و مكدسة بالمخازن في بعض الجزر البعيدة و حتى في ثكناتها المتبقية في إفريقيا المستباحة، و أن “شنقريحة” تمكن من الحصول على تنازل فرنسي وحيد، يتعلق بصفقة شراء قمرين صناعيين للتجسس من نفس الطراز الذي تحصل عليه المحتل المغربي قبل ستة سنوات و بنفس السعر، رغم أن الأخبار التي تروج تفيد بأن الرباط قاب قوسين من إخراج القمرين من الخدمة و تعويضهما بأقمار أكثر ذكاء و من تطوير مشتركة أمريكي – إسرائيلي – مغربي– إماراتي.
ما أثار استغراب متبعي الشأن الفرنسي – الجزائري و العارفين بالصراعات الخفية داخل الإليزيه، أن الاجتماع الذي عقده “شنقريحة” مع الرئيس “ماكرون”، لم يتداول على الإعلام الرسمي و لم يتم نشر تفاصيله، و لم تسرب صوره و لم يحظى بالتغطية الإعلامية الرسمية سواء من فرنسا أو من الجزائر، و ما زاد من الاستغراب أن الاستقبال الذي خصه قائد الجيوش الفرنسية لضيفه الجزائري نقل بأدق تفاصيله، و المتداول أن الرئيس الفرنسي استجاب لطلب قائد الجيش الجزائري بعدم حضور وسائل الإعلام و بعدم الكشف عن حجم مشتريات الجزائر من السلاح الفرنسي، و قال الخبراء أن هذا الطلب هو اقتراح من وزير الخارجية الجزائري “لعمامرة” لقائد الجيش لأجل أمرين؛ حتى يجنبه الغضب الشعبي في الجزائر بسبب المكائد البروتوكولية و الإهانات التي دأبت فرنسا على نصبها للقيادات الجزائرية، ثم تجنبا للهالة الإعلامية الغربية التي تسعى من خلالها فرنسا لإثارة غضب موسكو، و إبلاغها أن المعسكر الغربي انتزع منها حليفا شرها و سخيا و لا يتوقف عن إنفاق الملايير لشراء الأسلحة حتى تلك التي لا تتلاءم و طبيعة جيشه أو جغرافيته و عقيدته القتالية.
النصيحة الاستشارية لـ “لعمامرة” لم تمنع كبير الجيش الجزائري من الوقوع في المحظور و تجرع الإهانة، لأن اجتهاد “لعمامرة” كان داخل الصندوق، و الفرنسيون نصبوا الفخ لـ “شنقريحة” بعيدا عن “ماكرون”، عندما أرغموه على تحية العلم الفرنسي تحت نغمات النشيد الذي عزفته فرنسا طيلة قرن و ربع من احتلالها للجزائر، ثم ألبسوه خوذة ضباط الحرس الجمهوري الفرنسي، و أوقفوه أمام الصحافة العالمية كي تلتقط له الصور و الفرقة الفرنسية تعزف “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب…، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب… فاشهدوا… فاشهدوا… فاشهدوا”، ليتحول المشهد إلى مصدر للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي عبر العالم.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك